للكمامة فى مصر أصول أبعد من فكرتها الطبية، فإذا كان العالم قد اعتاد أن يتعامل مع الكمامة على أنها واقٍ طبى ومانع أولى للغبار والفيروسات، ففى مصر للكمامة أصول غير طبية تماما، أصولها سياسية بحتة، وربما لهذا السبب ظل المصريون يتعاملون مع الكمامة بحذر فى بدايات المرض ويرفضون مجرد فكرة ارتدائها، على اعتبار أن ما على الفم من كمامات يمنع ما يخرج وما يدخل إلا بأمر مسبق. أصول الكمامة فى مصر نابعة من سياسات الأنظمة السياسية المتعاقبة التى اتخذت من شعار تكميم الأفواه نبراسا لها فى حكم هذا الوطن، ولهذا عادى جدا أن تعرف أن الإنسان المصرى «مكمم» بالطبيعة، وليس فى حاجة إلى قماشة صينية الصنع لكى تغلق فمه المغلق أصلا.
هل تتخيل أن مواطنا عاش مغلقا فمه لأنه إذا نطق بالحق فى وجه سلطان جائر سيكون على متن رحلة من تلك التى تذهب إلى ما هو وراء الشمس ولا تعود أبدا؟.. سيكون فى حاجة إلى «كمامة» جديدة، أو هتفرق معاه أن يضع غطاء على فمه؟ بالطبع لا، مش هتفرق أوى وربما سيفرح بالكمامة على اعتبار أنها ستصلح عذرا حينما يسأله أحد أحفاده: لماذا سكت جيلكم عن الكلام والبلد ينهار أمامه، ليرد قائلا: اسأل الكمامة!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة