اللجوء إلى الله وقت المحن من علامات الإيمان، لدى المؤمنين، والنفاق لدى المنافقين. ولدينا حديث الرسول عليه الصلاة والسلام «اعقلها وتوكل»، دليلا لكيفية التوكل على الله، أن تتوكل على الله بعد أن تفعل كل ما عليك، ولو كان فى يد أحدكم غرسة قبل القيامة فليغرسها. كل هذا يغيب عنا وسط حالة من الكسل العقلى والعلمى، تدفعنا إلى اعتبار كل وباء، وكل كارثة، غضبا من الله، ناسين أنه الرؤوف الرحيم.
فقد وجدنا من يفسر فيضان تسونامى بأنه غضب من الله، وأعاصير أمريكا غضب عليها، ووجدنا من اعتبر الحرب الأهلية فى لبنان فى السبعينيات غضبا من الله بسبب الإباحية التى شاعت، وأخيرا أنفلونزا الخنازير والطيور، وغيرها.
أصحاب التفسيرات الكسولة المنافقة، يقولون ذلك وهم يرون أن الضحايا فى الغالب فقراء وضعفاء وأطفال، ولا يمكن اعتبار مجاعات أفريقيا غضبا من الله على الأطفال والنساء. وأن هذا التفسير الكسول يعطى مبررات للاستعمار وللظالمين فى العالم، بأن يستمتعوا ويبرروا خطاياهم. ثم إن هؤلاء الكسالى المنافقين، يسيئون إلى الإيمان وإلى العقل وإلى العقيدة، عندما يبررون لأنفسهم ولتابعيهم الجهل والفقر والمرض. وينسون أن العلماء هم ورثة الأنبياء، وأن إرادة الله التى تخلق المرض، تخلق الدواء، وأنها تسكن أرواح وعقول العلماء.
والأقرب إلى الله.. علماء سعوا لمواجهة آلام البشر، مثل لويس باستير أول من توصل إلى لقاح ضد مرض الكلب، واكتشف الميكروبات والبسترة، وروبرت كوخ عالم الجراثيم الألمانى، وأول من اكتشف البكتيريا والأمراض المُعدية، مثل وباء الجمرة الخبيثة والسل، والكوليرا وطفيل الملاريا. أو ألكسندر فلمنج مكتشف البنسلين سنة 1928 وهو أحد أهم الثورات العلمية والطبية فى العالم. أو سولك اليهودى الذى اكتشف لقاح شلل الأطفال الذى كان له الفضل فى استئصال المرض من أغلب دول العالم وللأسف انشغل بعض المسلمين بإطلاق فتاوى تحرم اللقاح، ومنهم من يزعم أن عالما فى باكستان أصدر فتوى لتحريم تطعيم شلل الأطفال، ورد عليهم شيخ الأزهر بأنه حلال. هؤلاء العلماء أقرب إلى الله من كسالى العقول الذين يزرعون الجهل بدلا من الإيمان، وينشرون التخلف بدلا من التقدم.
والمثير أن بعض دعاة الكسل العقلى واستسهال التمحك فى إرادة الله، يدعون أن العلماء المسلمين مثل ابن سينا وابن الهيثم وابن رشد والخوارزمى وابن حيان، هم من نقل الحضارة إلى الغرب فى عصوره الوسطى، ويتجاهلون أن علماء المسلمين وقت توهج الحضارة الإسلامية، لو كانوا استناموا للفتاوى التافهة والجدل العقيم والاستناد إلى التواكل المنافق، لما انتجوا العلوم، ثم إن العلم نفسه تراكمى، وقد طور علماء الحضارة الإسلامية علوم اليونان وفلسفتهم، واليونان اعتمدوا على أفكار المصريين والبابليين والهنود والفرس. فى بناء يقوم طوبة فوق أخرى.
ويمكن القول ان علماء مثل باستير وكوخ وفليمنج وسولك وغيرهم أقرب إلى الله من دعاة التصحر العقلى، ممن سجنوا المسلمين فى فتاوى لا طائل منها.
لقد كان علماء المسلمين من حملة الحضارة مثل ابن سينا وابن حيان وابن الهيثم وابن النفيس، يعتبرون المعمل امتدادا للمسجد، لكن مدعى العلم المعاصرين، نسوا ذلك وختم الله على قلوبهم، مثل مقاتلى طالبان الذين يهاجون الأبرياء فى باكستان، أو مقاتلى الصومال الذين يزعمون الانتساب للإسلام فيقتلون من هم أفقر منهم وأكثر حاجة لثمن الرصاص والبنادق.
ولو كان الله ينزل غضبه لأنزله على من يهينون عقيدته، ويستخدمون إرادته فى مكايدة البشر وإرهابهم «وما انطوى الرحمن إلا على.. إنالة الخير ومنح الثواب». هؤلاء تحكمهم العقلية البدائية، فقد كان انسان الغاب البدائى يفسر الأمراض بأنها أرواح شريرة، فيضرب المريض حتى يقتله، ولا تخرج منه الأرواح الشريرة، ومازلنا نرى حتى الآن، من يشترى بآيات الله ثمنا قليلا، ويزعم علاج الأمراض بالضرب أو بالقرآن، امتدادا للسحرة والنفاثات فى العقد.. ولا يمكن لمؤمن وقر الإيمان فى قلبه، أن يشغل نفسه والآخرين بمثل هذا الجدل العقيم؟
لقد خلق الله المرض والعلاج، وخلق الأغبياء والمنافقين، وسوف ينجح العلماء بإرادته فى التوصل إلى لقاح، مثلما أنتج العلماء المضادات الحيوية والأمصال واللقاحات، التى نصرت البشر على المرض، وليحل غضب الله على التافهين والمنافقين الذين يسيئون للإسلام، وينشرون الجهل والكسل.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة