شهد الأسبوع الماضى تضارب الأنباء حول وفاة الرئيس الجابونى عمر بونجو الذى كان يعانى من سرطان الأمعاء، حيث أعلنت مجلة "لوبوان" الفرنسية هذا الخبر يوم الأحد الماضى، وتناقلته عنها وسائل الإعلام، ولم يؤكد رسميا إلا فى اليوم التالى. ولم تتوفر سوى معلومات قليلة حول حالته الصحية حتى أن "مراسلون بلا حدود" قد اتهمت ليبرفيل بفرض تعتيم إعلامى حول هذا الموضوع.
وقد أثارت فكرة عدم التطرق لصحة غيره من رؤساء الدول أو الحكومات، فى الماضى أو فى الحاضر، اهتمام مجلة "الاكسبرس"، فرصدت فى مقال لها بعض أمثلة القادة الذى يعد الحديث عن صحتها من "المحرمات"... مثل فيدل كاسترو، كيم جونج ايل، عبد العزيز بوتفليقة، وآريال شارون.
منذ أن سلم فيدل كاسترو (83 عاما) مقاليد الأمور فى كوبا لشقيقه راؤول، بعد تعرضه لنزيف معوى حاد وإجرائه لعملية جراحية خطيرة، تضاربت المعلومات حول حقيقة حالته الصحية.
ويكفى عدم ظهوره أمام الجمهور وعدم نشر مقالاته فى الصحف الرسمية الكوبية حتى يبرز من جديد السؤال وبشكل أكثر إلحاحا هذه المرة: هل هو يمر بأسوأ حالاته الصحية؟ هل هو على وشك الموت؟
وحتى صديقه هوجو تشافيز كان يتحدث بالفعل عنه، فى يناير، بصيغة الماضى، وقد تغيب فيدل كاسترو قبلها ببضعة أيام عن الاحتفالات بالذكرى الخمسين للثورة الكوبية وتوليه السلطة فى 1958-59.
وفى كل مرة يصل الرد لوضع حد لصمت وسائل الإعلام، والذى يغذى بدوره الشائعات، عن طريق نشر صور لهذا الزعيم، الذى تبدو عليه مظاهر ضعف شديد، بصحبة رؤساء دول أجنبية، أو نشر مقالات افتتاحية فى الصحف الكوبية موقعة باسمه.
وعلى ما يبدو، فقد استعاد كاسترو فى الآونة الأخيرة بعض قوته، وزادت تصريحاته... ففى الأسبوع الماضى، على سبيل المثال، أثنى على "تمرد" بعض الدول الحليفة فى أمريكا اللاتينية خلال اجتماع منظمة الدول الأمريكية. كما أنه قد آخذ على ديك تشينى دفاعه عن "التعذيب"، ونشر أيضا يوم الثلاثاء الماضى مقالا عن أوباما والعالم الإسلامى بعد الخطاب الذى ألقاه فى القاهرة.
الأمر الذى قد يجعل المرء ينسى تقريبا أن شقيقه هو من يرأس البلاد...
وفى كوريا الشمالية، يحوم الشك حول صحة كيم جونج إيل (68 عاما) "الزعيم المحبوب" على رأس الدولة الشيوعية منذ عام 1994. ففى الوقت الذى بدأ فيه يتماثل للشفاء من الجلطة التى أصابته، فى أغسطس الماضى، أخذت التكهنات حول حقيقة صحته فى الانتشار.
ومن ثم تقوم وكالة الأنباء المركزية الكورية بانتظام بنشر لقطات مصورة للرئيس فى محاولة لإخماد الشائعات. فها هو كيم جونج إيل يستعرض الجنود، أو يزور مصنعا أو منجما، وغيرها... ولكن كل تلك الصور تفتقر إلى عنصر أساسى: تاريخ الطقاتها. ونتيجة لذلك، يزداد الغموض أكثر وأكثر.
ولكن، وكما كتبت "الاكسبرس" فى أكتوبر الماضى، "إن أسرار بيونج يانج تظهر على حقيقتها: فهى مجرد خدع مصممة لكسب الوقت"، وإثبات أن سلطة بيونج يانج لا تزال قوية لم يمسسها شىء، وذلك قد يكون بهدف الإعداد لخليفة لكيم جونج إيل وراء الكواليس. وهذا أيضا هو ما قد تكون تخفيه الاستثارات المتزايدة من جانب كوريا الشمالية من خلال تجاربها النووية وإطلاق الصواريخ.
ويبدو أن هذا الاحتمال هو الأكثر مصداقية، خاصة وأن ابنه الثالث، كيم جونج أون قد اختير رسميا ليصبح فى المستقبل زعيم البلاد. وقد تأكدت المعلومات الواردة من استخبارات كوريا الجنوبية يوم الأحد الماضى على لسان الابن الأكبر لكيم جونج ايل، والذى كان حتى وقت قريب الشخص المرجح للخلافة، خلال حديث له لقناة "إن تى فى" اليابانية .
عبد العزيز بوتفليقة (72 عاما)، الذى أعيد انتخابه رئيسا للجزائر فى أبريل الماضى، هو أيضا مجال شائعات حول وضعه الصحى.
فى نوفمبر 2005، تم نقله على وجه السرعة إلى المستشفى العسكرى فى فال دو جراس بباريس بسبب افتراضات عديدة طرحت آنذاك: اضطرابات فى الجهاز الهضمى، التهاب المعدة، الفشل الكلوى أو أحد الأمراض القلبية...
وقد ذكرت البيانات الرسمية المقتضبة التى صدرت وقتها أن الرئيس سيقضى ثلاثة أيام فى المستشفى بسبب "نزيف ناتج عن قرحة فى المعدة"، فى حين أنه قضى هناك خمسة أسابيع... خمسة أسابيع فى إجازة من السلطة! وكانت "الاكسبرس" قد كتبت وقتها: "فى الجزائر، لم يكن أحد يدرك خطورة مرض الرئيس".
كان من المنتظر آنذاك تعديل الدستور، ليس بغرض السماح له بالحصول على فترة رئاسة ثالثة، وإنما لانتخاب نائب للرئيس. ورغم عودته، لم تتبدد الشائعات تماما.
وبعد مرور عام، أعلن بوتفليقة أنه "كان مريضا للغاية"، ولكن باتت صحته الآن "رائعة تماما"، محذرا: "يجب التوقف عن الحديث عن صحتى".
تعرض مؤسس حزب كاديما ورئيس الوزراء الإسرائيلى السابق آريال شارون (81 عاما) إلى سلسلة من السكتات الدماغية فى أواخر عام 2005 وأوائل عام 2006. وفى الفترة بين إجرائه عمليتين جراحيتين، حاول استرجاع مقاليد الحكم، إلا أن الأمر انتهى به إلى غيبوبة صناعية.
وعلى مدار 100 يوم، وخلال العمليات المتتالية التى أجراها، احتفظ شارون بمهام منصبه على الرغم من أنه لم يمكن يمارسها... ولم يكن ذلك سوى الوقت اللازم لاختيار من سيخلفه.
ومن بعدها خرج من الغيبوبة الصناعية، وتجاوب مع بعض المحفزات. إلا أن الصحافة الدولية لا تزال تلتزم الصمت إلى حد ما حول هذا الموضوع... واكتفت بمجرد ذكر سيرته خلال الانتخابات الإسرائيلية فى يناير الماضى، التى شهدت وصول كاديما إلى المقدمة وفشلها فى تشكيل حكومة ائتلافية.
من هم رؤساء الدول الذين تدور شائعات حول حالتهم الصحية؟
الأربعاء، 17 يونيو 2009 12:13 م
رؤساء يدخلون دائرة الشائعات بسبب حالتهم الصحية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة