لم تكن الجلسة النهائية فى قضية مقتل "هبة ونادين" عادية، ليس لأنها حملت الحكم بالإعدام فى أكبر قضايا الرأى العام خلال الشهور القليلة الماضية، ولكن لأنها تضمنت العديد من الأحداث التى تستحق الوقوف أمامها بالفحص والدرس.
الاختلاف لم يكن فى رجال الأمن المنتشرين حول وداخل قاعة محكمة جنوب القاهرة، وهو أيضاً لم يكن فى كم رجال الإعلام والفضائيات، لكن ما بدا غريباً هو عدة أمور أخرى، فقبل أن تدق الساعة التاسعة تواجد محامى ليلى غفران حسن أبو العينين وهو نفسه الذى غاب عن الجلسة الماضية رغم أهميتها، وبرر الجميع غيابة سابقا بأنه تخلى عن القضية وتولاها محام غيره ليظهر اليوم من جديد ويكون أول من يجلس بقاعة المحكمة.
الأغرب أيضا هو دهشة الجميع من عدم حضور ليلى غفران لجلسة النطق بالحكم، رغم تأكيدها فى جميع القنوات التليفزيونية على مدار 4 شهور ماضية "أنها نفسها تشوف لحظة نطق القاضى لحكم الإعدام على المتهم"... الحصول على تبرير من حسن أبو العينين محامى ليلى غفران لعدم حضورها، كان على غير المتوقع، فكما قال أبو العينين لليوم السابع " ليلى غفران تيجى تعمل إيه أنا هأقولها على كل حاجة، وبعدين اللى مات مات بقى وهى لازم تعيش لها يومين برده".
على الجانب الآخر بدا إبراهيم العقاد وخالد جمال الدين والدا الفتاتين هبة ونادين فى قمة سعادتهما، فبمجرد وصولهما إلى محكمة جنوب القاهرة واجتيازهما الحاجز الحديدى استقبلهما الضباط المسئولون عن حراس المحكمة بالقبلات وتبادلا الكلام والضحك، وكأن هناك علاقة نشأت بين العقاد وجمال الدين مع ضباط الحراسة بالمحكمة بعد انتظامهما على الحضور إلى المحكمة لمدة 3 شهور فى كل جلسة من جلسات المحاكمة.
لم تكن علاقة العقاد وجمال الدين متوطدة بضباط الحراسة فقط خلال مدة نظر القضية بالمحكمة، إنما كانت متوطدة أيضا بعمال البوفيه فى المحكمة، فبمجرد أن عرف العاملون بالبوفيه بوصول والدى الفتاتين قاموا بتجهيز "الشاى والقهوة والبسكويت وعلبة السجائر المستوردة"، واتجهوا صوبهما قائلين "حاجتك جاهزة يا إبراهيم بيه ودى قهوتك المظبوط ودا الشاى الخفيف زى ما بتشربه يا أستاذ جمال".
أما أحمد جمعة شحاتة محامى المتهم، فلم يحضر وحضر نجله جمال واعتذر لعدم حضور شحاتة، متعللا بأنه سيترافع فى جلسة شروع فى قتل مهمة ببورسعيد، مما فسره البعض بأنه هروب من الظهور فى جلسة النطق بحكم الإعدام.
عيساوى بطل ذلك المسلسل الغامض ظهر بالمشهد الأخير فى جلسة النطق بحكم الإعدام مرتديا " حظاظة بلاستيك سمراء اللون بيده اليمنى"، وهو ما لم يلحظه إلا القليل من الحاضرين، والذين اعتبروه شيئا شاذا فى مثل هذه الأنواع من القضايا، فكان الأولى به أن يجلب معه" المصحف الشريف أو مسبحة".
وبعد دخول عيساوى قفص المحكمة بدقائق قام بفتح علبة السجائر الخاصة به وأخرج ورقة صغيرة بها عدد من الطلبات التى يحتاجها وأعطاها إلى والده من بين قضبان الحديد، وبعدها نطق المستشار مصطفى حسن عبد الله حكم الإعدام، وذكر القليل من الحيثيات، وهنا غمرت السعادة المختلطة بالحزن والدى الفتاتين، بينما ظل والد المتهم "سيد عبد الحفيظ عيساوى" يمارس عمله المعتاد عقب كل جلسة، فى أن يعطى لابنه محمود وهو خارج من القفص "كيس بلاستيك" به أكل و"حاجة ساقعة" وعلب سجائر، وخرج من المحكمة فى حالة انهيار مشحوب الوجه و"حسبى الله ونعم الوكيل" لا تفارق لسانه.
كواليس إعدام قاتل "هبة ونادين".. محامى المتهم تهرب من الجلسة.. علاقات حميمية بين والدى الضحيتين وحرس المحكمة
الأربعاء، 17 يونيو 2009 09:16 م