سعيد شعيب

صناعة الموت

الأربعاء، 17 يونيو 2009 06:33 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فرحت بانتباه الحكومة المتأخر لجريمة قتل مواطنى حلوان، فالدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء طلب من وزارات التجارة والصناعة والبيئة ومحافظة حلوان، التشاور مع المجموعات الصناعية التى تدمر البشر والحيوان والنبات.

قتل البشر ليس فيه أى مبالغة، فحجم التلوث بغبار الأسمنت بلغ 14 ضعف المسموح به، و29% من أطفال المدارس مصابون بأمراض الرئة و..و..و.. إلخ. أضف إلى ذلك التلوث الناتج من مصانع الحديد وفحم الكوك والنشا والخمائر ومصانع الطوب وغيرها. وهذا لا يدمر حياة الناس وحدهم، لكن معهم الحيوان والنبات. وهو ما يكلف الدولة مليارات فى العلاج، ومليارات من فقدان الطاقة الطبيعية للبشر بتحويلهم إلى مرضى. وهذا يجعلك ويجعلنى نتحسر مع الأستاذ شريف حمودة الذى كتب على موقع إسلام أون لاين مشيرا إلى أن مدينة الأحلام والصحة العلاجية تحولت إلى كابوس مخيف.

الأستاذ شريف محق، فمدينة حلوان مشتى رائع، وغنية بالمياه الكبريتية، وهذا ما انتبه إليه الفراعنة والرومان وغيرهم.. وهذا ما جعل الخديوى عباس حلمى الأول يؤسس فيها أول مركز للاستشفاء عام 1889 من أمراض الروماتويد والعظام والجلدية.. وهذا ما جعل أبناء الطبقة الوسطى والأثرياء يسكنونها.

فمن الذى دمر هذه المدينة؟
هوس التصنيع فى العهد الناصرى، دون حساب للناس وللثروات الطبيعية، فاختاروا الأماكن القريبة من القاهرة لبناء مصانع ضخمة، فى حلوان، وشبرا الخيمة وغيرهما. وأنا طبعا لست ضد التصنيع، بشرط أن يكون خارج الحيز العمرانى والزراعى بمسافات كافية، فليس منطقيا أن تضيف طاقة إنتاج جديدة، وفى ذات الوقت تقتل طاقة إنتاج أخرى ومعها حياة الناس.

هذا الانتباه المتأخر للكارثة، لن تخسر منه مصانع الموت، فسوف تحصل على الملايين ثمنا لمواقعها المتميزة، بعضها على الكورنيش، كما يمكنها أن تطور بنيتها فى مواقعها الجديدة، ناهيك عن أن تأسيس منتجعات وشاليهات وفنادق ومشافى سيوفر فرص عمل وأرباح للمستثمرين.

لكنى متخوف من أن فتور الإرادة السياسية لتحرير أهل حلوان من الموت، ومتخوف أكثر من البيروقراطية المصرية العريقة، والأمل هو ألا يهدأ نواب مجلس الشعب والشورى ومعهم أعضاء المجلس المحلى وقبلهم وبعدهم أهل المدينة المنكوبة للدفاع عن حق الحياة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة