يعقد مجلس المحامين اجتماعه الثانى، غداً الخميس، لإقرار تشكيل هيئة المكتب محل الجدل، بين قوى نقابة المحامين.. وتتصارع حالياً ثلاثة أجنحة على إدارة المجلس وتقسيم كعكة هيئة المكتب، يتقدمهم فريق سامح عاشور "النقيب السابق"، ومن نجحوا ضمن قائمته وفى مقدمتهم خالد أبو كريشة وسعيد عبد الخالق، وفريق الأعضاء المدعومين من الحزب الوطنى يتقدمهم عمر هريدى، وأخيراً الإخوان وحلفاؤهم، وبين هؤلاء جميعا يقف النقيب حمدى خليفة وحيدا بدون قدرته على امتلاك كتلة تمكنه من توجيه القرار أو فرض رؤيته.
وفى أول اختبار للمجلس بدأ المحامون يقارنون بين خليفة وعاشور، سواء فى إدارة الاجتماع أو اتخاذ القرارات والتعامل مع المشاكل الطارئة، وأخذ كل طرف يتهم الآخر بأنه خطط لقلب الاجتماع لصالحه، فقال خالد أبو كريشة "خليفة يريد ضرب كرسى فى "الكولوب"، وتأجيل تشكيل المكتب لحين تمكين الإخوان من استقطاب بعض أعضاء المجلس المستقلين ليهربوا من موضع الأقلية ويسدد فاتورة تأييده"، هذا الاتهام اتفق فيه أغلب أعضاء القائمة ضد خليفة، فى حين يرد خليفة "ليس لدى فواتير لأحد وأعضاء الجمعية العمومية فقط أصحاب الفضل على، وما يتردد مهاترات أنأى بنفسى للرد عليها، فالبعض حضروا الاجتماع بنية إفشال الجلسة وإظهار أن المجلس فى حالة انقسام، لكن فشل مخططهم ونجح الأعضاء فى فتح صفحة جديدة والعمل على قلب رجل واحد من خلال منظومة جماعة وشفافية فى القرارات، مشيراً إلى أن مهمته هى تحقيق العدالة بين الجميع ليكون المجلس وحدة واحدة، وقال "لن أسمح بالتهميش ولا الاستحواذ".
لم يظهر الاعتراض بين خليفة وأعضاء المجلس (فريق عاشور) فى شكل إدارة أول اجتماع فقط، بل فى تقسيم عدد اللجان الذى اعترض عليه غالبية الأعضاء، واعتبروا أنه نوع من المحاصصة وإرضاء للبعض على حساب مصلحة العمل، أما من نجحوا عن المحاكم الابتدائية من القائمة القومية أو الوطنى فقد استغلوا الفرصة لرد الصاع صاعين للإخوان بسبب استحواذ الإخوان فى النقابات الفرعية على مقاعد هيئة المكتب بل واللجان، كما قال سعيد حسن (السويس)، إن الإخوان اعتادوا على مدار 15 عاما تهميشه فى مجلس نقابة السويس، حتى لم ينفقوا على أى أنشطة كان يديرها خلافا لهيئة المكتب، واتهمهم بأنهم سيطروا على العمل النقابى ووجهوه لمصالحهم ومؤيديهم لأنهم يمارسون المغالبة، وآن الأوان ليخضعوا للديمقراطية.
بهذا المنطق استقر أعضاء القائمة القومية على تطبيق الانتخاب فى تشكيل هيئة المكتب واللجان بل وأى أزمة يتعرض لها المجلس، وهو ما صادف هوى لدى الوطنى الذى يقود فيه هريدى المعركة حتى أنه رتب لقاء لأعضاء القائمة القومية ومن استطاع استقطابهم من المستقلين مع أحمد عز أمين التنظيم بالوطنى، وعدهم عز بتذليل كل العقبات أمام المحامين فى الهيئات الحكومية، وبالفعل تحدثوا مع وزيرى الصحة والتنمية المحلية وبعض مسئولى الحكومة.. هذه التحركات لاقت رد فعل سيئ من بعض مؤيدى عاشور الذين اعتبروا أن هريدى يتحرك لتهيئة نفسه كمنافس لمنصب النقيب القادم، ويقدم نفسه لعز والوطنى على أنه قادر على إدارة المعركة لصالحهم. حتى أن هريدى قام بجولة على المحاكم والتقى بالمحامين حتى على المقاهى، وخاصة اليساريين، ومنهم أحمد سيف حمد ورابطة الهلالى للحريات.
الإخوان من جانبهم رغم أقليتهم، راهنوا على عامل الوقت والمصالح، فكلما امتد وقت تشكيل هيئة المكتب استطاعوا جذب عدد من المستقلين الرافضين للحزب الوطنى أمثال محمد فزاع أو حتى أعضاء من القائمة القومية، مثل عبد السلام كشك الذى نجح من قبل على قائمتهم، وقال عاطف شهاب عضو المجلس عن قائمة الإخوان إن الأغلبية التى يدعيها الطرف الآخر لا تصادف الواقع، ومصالحهم مختلفة ولن يستمروا طويلا.
كذلك التقى محمد طوسون مسئول ملف المحامين بالإخوان مع هريدى فى جلسة مغلقة، وتوصلوا مبدئيا لاحتمال تولى طوسون منصب وكيل النقابة أو أمين عام، مع تولى هريدى منصب أمين صندوق، لكن هذا الطرح لم يصادف هوى شخصيات مثل سعيد عبد الخالق ولا خالد أبو كريشة، وظهرت بوادر خلافات حول تقسيم المقاعد.
بين هذا وذاك، ظهر أن المجلس الجديد بدون قائد، وكل فريق بل كل عضو له رؤيته، فى ظل أن النقيب ليس لديه قوى مجمعة تقف وراءه من المجلس أو حتى خارجه، وكما يقول صابر عمار عضو المجلس السابق إن المجلس الحالى ظروفه غير طبيعية، بجانب غياب الرؤية الموحدة والبرنامج المتفق عليه من الأعضاء، خلافا لهذا الكل حسب عمار يعمل وعينه على انتخابات متوقعة فى أى لحظة، بسبب حكم محكمة النقض الذى أعطى للمجلس المؤقت حق إجراء الانتخابات، مما يترتب عليه عدم منهجية فى العمل وصعوبة فى تحقيق برنامج خدمى وإنجازات ملموسة، وفى خلفية كل هذا الصراع بين أطراف المجلس.
صراع التهميش والاستحواذ هو العنوان الرئيسى للمجلس الجديد، كما يرى خالد على عضو رابطة الهلالى للحريات، الذى أكد أن رؤية التهميش التى يتحرك بها الوطنى تعد غير عقلانية، ولن تفلح فى إنجاز شىء، ومبرره أن الإخوان لن يتركوا الأمر يمر دون اللجوء لقواعدهم وأعضاء الجمعية العمومية لإثارة القلاقل طوال الوقت، يضاف لهذا أن خليفة، رسم فى مخيلة المحامين بالمحافظات أنه سيحقق أحلامهم فى شهور قليلة، واستمرار الخلافات وتعطيل إدارة الخدمات ستنعكس بشكل سلبى على صورة النقيب ومدى تأييده، وبالتالى على المجلس، ولن يحقق النقيب شيئا بدون العمل كفريق واحد وهو صعب التحقيق حاليا.
القضية لم تعد فقط هيئة المكتب أو أزمة إدارة اجتماع، بل إن ما سيتم اتخاذه من إجراءات سينعكس على أداء وصورة النقيب فى إدارة اتحاد المحامين العرب، خاصة وأن مصر لديها 11 مقعدا منها ثلاثة شاغرين وثلاثة حان موعد التجديد لها خلال اجتماع المكتب الدائم نهاية الشهر، خلافا لقضايا مثل مؤتمرى الساحل الشمالى وبورسعيد، وكانت تتم مصروفاتهم خلال المجالس السابقة بتخصيص الأول للإخوان والثانى لعاشور، لكن خليفة أكد نهاية هذه القسمة، وقال إنه لن يكون هناك معسكرات حكر على أحد وسيكون أى إنفاق بقرار المجلس.
رجال عاشور يبحثون الثأر من الإخوان.. وهريدى ينفذ رؤية الوطنى.. والنقيب يبحث عن أنصار..
صراعات هيئة المكتب تتوالى بنقابة المحامين
الأربعاء، 17 يونيو 2009 02:05 م