أكرم عبد العزيز الإمام يكتب: حرب السينما القادمة

الأربعاء، 17 يونيو 2009 03:38 م
أكرم عبد العزيز الإمام يكتب: حرب السينما القادمة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
السينما المصرية مقبلة على مرحلة مخاض تستدعى التنبه لرصد التغيرات والصراعات- الفكرية والفنية والسياسية والاجتماعية والتقنية والاقتصادية - التى ستشكل ملامح هذه الصناعة الفنية لفترة طويلة قادمة.

لقد بدأ الصراع حول هذه الصناعة يأخذ أبعاداً فى غاية الأهمية - وأنا هنا اسميه صراعاً لا تنافساً حتى الآن - لأنه وبغض النظر عن مظاهر العملية الاحتكارية التى تسعى الشركات المنتجة ومن هم ورائها إلى فرضها كأمر واقع، فإن إدراك قدرة هذه الصناعة على خدمة تسويق الأفكار داخل المجتمع تتخذ أهمية متزايدة يوماً بعد آخر خاصة فيما يتعلق بانعكاسات هذه الأفكار على أسئلة مثل الهوية المصرية فى إطار العولمة الثقافية والاقتصادية ومدى نفوذ القوى المحافظة فى تشكيل الوعى داخل المجتمع .

وفيما يسعى البعض إلى الربح المادى - وهو بالطبع أمر مشروع فى صناعة كهذه - إلا أنه لا يتورع عن استثمار الابتذال إلى أقصى حد فى سبيل تحقيق هذا الهدف المادى البحت.
فيما تسعى استثمارات أخرى- فيما يبدو حتى الآن أيضاَ- إلى تحقيق ما هو أكثر من الربح المادى بتكريس أفكار تخدم تياراً يرى فى تفكيك البنية المحافظة للمجتمع خطوة هامة فى إضعاف سيطرة التيارات الدينية بأشكالها المختلفة على وعى المجتمع، أى أن الأمر الآن سباق يهدف إلى تعبيد الطريق أمام تحولات هامة فى عملية الحراك الاجتماعى وإلى نشر فلسفة هذه التحولات وإيجاد القبول لمظاهرها الاجتماعية والثقافية داخل وعى المجتمع.
والحقيقة أنه حتى الآن مازال المتابع يستشعر علو صوت هذا الصراع على صوت العملية الفنية ذاتها، ومازلنا بعيدين عن حالة التجرد فى المبحث الفنى سواء على مستوى العملية الإبداعية أو على مستوى النقد ومن هذا المنطلق تنشط فى خدمة هذا الصراع عمليات احتكار لدور العرض وأسواق التوزيع بغية السيطرة على نتاج هذه الصناعة مادياً أو محتوى.

وفيما يسيطر على القوى المحافظة موقف متردد - على عادتها فى انتظار التشريعات أو حسابات الجدوى التى غالباً ماتأتى متأخرة أوبعد فوات الأوان - كما حدث فى ثورة الفضائيات القريبة - تنشط القوى الليبرالية (بفرعها التفكيكى) فى كسب أراض جديدة داخل هذا العالم المسحور، وتتمثل هذه المكاسب فى: تطبيع تدريجى للمجتمع مع بعض الأفكار التى تطرحها هذه الأفلام تحت عناوين فضفاضة كالواقعية والتعبير الحر والرؤية المستقلة....إلخ، وهى تعابير بالقطع لها دلالتها وأطرها البحثية على مستوى لغة السينما وتقنياتها المختلفة ولكنها فى هذا الإطار تستخدم لإغلاق الباب أمام عملية نقدية جادة، فكيف يمكنك أن تصنع حواراً نقدياً مع فرد يعلن منذ اللحظة الأولى أن هذه رؤيته الفنية الخاصة للواقع....انتهى. ثم تأتى بعد ذلك مرحلة الثقة فى النفس، تكتسبها من خبرة الإنتاج -الجديدة والمختلفة- المعتمدة على تقنيات حديثة فى صنع حالة الإبهار البصرى والسمعى، هذه الثقة تزداد شيئاً فشيئاً، ومن فيلم إلى آخر، وتتجلى مظاهرها فى رصد المبالغ الضخمة لحساب العملية الإنتاجية والتى سوف تزداد فى القريب العاجل إلى أرقام لم تبلغها هذه الصناعة فى مصر من قبل .

لتأتى بعد بعد ذلك عملية استقطاب للكفاءات الفنية التى ستجد فى هذا النوع من الانتاج فرصة التطبيق العملى لتقنيات ظلت حلماً بالنسبة لها حتى وقت قريب حتى وإن لم يتفق هذا مع رؤيتها الذاتية للعملية الإبداعية. إن سوق صناعة السينما مثله مثل أى سوق صناعى آخر هو مجال واسع لتفاعل قواه المختلفة سواء على مستوى الصراع أو التحالفات، وهو بالتالى ينسخ معاملات السوق بكل ماتحتويه مما هو مقبول أو غير مقبول.

ولكن الإشكالية تكمن هنا فى أن آليات تنظيم هذا السوق مازالت غير محددة المعالم كما أنها مازالت تفتقر إلى القوانين المنظمة وإلى النشاط الموازى الذى يضمن حالة توازن فى المعروض. هذا الفراغ فى مقابل نشاط متسارع للشركات الاحتكارية سيضمن لها فى وقت قصير فرض الآليات والقوانين المنظمة لهذا السوق وهو مابدأت تلوح مظاهره فى الأفق متمثلة فى فرض مواضيع بعينها أو نجوم ومخرجين بعينهم وإقصاء آخرين.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة