محمد رفعت

المعارضة.. ظاهرة إعلامية!

الإثنين، 15 يونيو 2009 07:35 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بين رموز المعارضة ومعظم الناس، انفصام كامل وهوة سحيقة، تجعلهم يعيشون فى برج عاجى، ويبدون وكأنهم يتحدثون لشعب آخر غير هذا الشعب، أو يتحدثون مع أنفسهم، ويناضلون فى سرهم، رغم التغطيات الإعلامية الواسعة لمؤتمراتهم وندواتهم وحركاتهم وسكناتهم فى الصحف الخاصة والفضائيات الحرة المستقلة ..ورغم احترامى الشديد لكثيرين منهم، وفيهم أدباء لامعون وفنانون معروفون وأساتذة جامعيون ومفكرون كبار وصحفيون مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة ومهندسون ومحامون محترمون، إلا أنهم بعيدون كل البعد عن الشارع وعن الناس، والناس هم الآخرون بعيدون عنهم، ومشغولون بالكفاح اليومى من أجل البقاء..

وهم رغم الصخب الإعلامى الذى وفرته لهم ثورة الاتصالات وهامش الحرية المتسع، وبعض الضغوط الخارجية على النظام، لا تأثير حقيقى لهم، ولا جدوى تبدو فى الأفق، على الأقل القريب، مما يعلنونه من ائتلافات وتحالفات ضد الفساد أو من أجل التغيير، فالحال على ما هو عليه، والناس تعودت الحديث عن مظاهر التردى وأوجه الخلل وظواهر الفساد فى كل مؤسسات المجتمع، كجزء من الحوار اليومى فى البيوت وعلى المقاهى ..الكل ينتقد، والجميع يتسابقون فى الكلام عن الحلم الضائع والأمان المفقود، أو يتباكى على زمان وأيام زمان، لكن لا أحد يتوقف ليسأل نفسه أو يسأل الآخرين، وماذا بعد، أو ماذا سنفعل لنقاوم هذا أو نعدل ذاك، أو من سيقوم بالتغيير، وحتى الإضرابات والاعتصامات التى تحولت إلى ما يشبه الموضة أو التقليعة لا يطالب أصحابها بإصلاح أو تغيير حقيقى، وإنما بمجرد مزايا فرعية لمهنة من المهن أو طائفة من الطوائف ..لا رؤية جماعية للمستقبل ولا تفكير جدى فى الغد.

أما الشباب المتحمسون المنطلقون من "الفيس بوك"، ومواقع الإنترنت، فلا صدى حقيقى لهم فى الشارع، ولا اهتمام بهم أو بما يقولون ويفعلون من غالبية الشباب أنفسهم، المشغولون بكرة القدم أو ضغوط الامتحانات أو البحث عن وظيفة ..ورغم احترامى الكامل أيضا لحماسهم وعدالة مطالبهم وصدق نواياهم، إلا أنهم سيظلون أقلية غير فاعلة، إن لم يتفاعل معهم على الأقل من هم من جيلهم، وأرى أنه كان الأجدر بهم أن يخاطبوهم ويستقطبوهم أولاً، قبل أن يحولوا خطابهم إلى المجتمع كله، ويرفعوا سقف طموحهم فى التغيير إلى هذا المستوى، صحيح أن الشباب والطلبة، تحديداً، كانوا دائما فى طليعة الوطنيين والمقاومين لكل أشكال الظلم، ولعبوا دوراً بارزاً فى كل حركات المقاومة الوطنية الوطنية فى العصر الحديث، وكانوا ولا يزالون يمثلون الوقود الحى لكل الاحتجاجات والتظاهرات، لكنهم يبدون الآن، وكأنهم لا يعرفون ماذا يريدون بالضبط ..وأجندتهم أكبر بكثير مما يستطيعون تحقيقه.. فالحماس وحده لا يكفى للتغيير، والإصرار على المعارضة الاستعراضية قد يحولهم هم الآخرين، كما تحول مناضلو النخبة إلى مجرد ظاهرة صوتية أو إعلامية!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة