ضقت ذرعاً بالأمس وأنا فى طريقى إلى عملى مثل كل يوم فى عربة السرفيس .. رأيت الناس كيف يتعاملون كل واحد ما عاد يملك صبراً على أخيه.
الحوار أصبح بالقوة، يبدأ بقوة الصوت وخشونة الكلمات ثم السباب ثم بقوة اليد وحتى الباقين الذين شاهدوا الواقعة أو "الخناقة" إن شئنا الدقة، فكل يدلو برأيه وحسب ما تراءى فكره أن يتكلم ووجدت أكثرهم بعدوا عن أصل المشكلة وتفرعت المشاكل وزادت.
أقرأ على صفحات الجرائد كثيراً من هذا الحديث كلٌ يشكك فى الآخر الذى كتبه والذى قاله اليوم ينكره غداً، والذى كان فى صفه بالأمس أصبح يهاجمه اليوم.
نقرأ كثيراً من المشاكل التى لا يعرفون لها حلاً ويعرضونها وإن تحدث أحد عن الحل وجد من يتهمونه بكل أنواع الخيانات والموالاة وقد يصبح من أصحاب المصلحة . . أى مصلحة .. المهم لا حل حتى داخل النقابات وانتخابات الأندية مع أنه عمل تطوعى فى الأصل لخدمة الناس تجد المشاحنات والمهاترات وكل يخرج علينا بفضائح الآخر حتى ولو كانت مفبركة.
أما فى برامج الإذاعة والتليفزيون، كل المحاورات والمناقشات أسلوب واحد إلا ما ندر، وكأن بينهم اتفاقاً حتى تاهت الحقيقة وأصبح كل شىء فى حد ذاته حقيقة.
صدقنى أيها القارئ إننى أصبحت لا أعرف ماهى الحقيقة وما لونها وما شكلها. وإذا كنا لا نعرف كيف نتحاور مع بعضنا البعض لكى نحل البعض من مشاكلنا، فكيف نضع الخطط والأهداف لكى نصل بأبنائنا إلى الحياة المثالية التى نتكلم عليها، بل ننسى أن أبناءنا يشاهدوننا ويسمعوننا، كيف نصحح لهم الطريق ونحن لا نعرفه؟
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ثم كيف نحل مشاكلنا مع الآخر الذى كان عدونا فى الماضى، ونحن لا نستطيع حل مشاكلنا مع بعضنا البعض؟ كيف نجبر الآخر على احترام كلمتنا ونحن لا نحترم كلمتنا مع أنفسنا؟ وكيف نفتح صفحة جديدة مع الآخر ونحن لا نعرف أن نفتح صفحة مع أنفسنا؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة