اهتمت صحيفة لوموند فى عددها الصادر اليوم، بالخطاب الذى يستعد رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتانياهو لإلقائه اليوم، ردا على خطاب الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى وجهه للدول العربية والإسلامية فى الرابع من يونيه فى القاهرة.
نشرت الصحيفة تقريرا عن التكهنات التى تدور حول ما قد يحويه مضمون الخطاب، مؤكدة أنه يمثل اختبارا حقيقيا لرغبة الحكومة الإسرائيلية فى المضى قدما نحو السلام، وذاهبة إلى أن الفلسطينيين قد أصبحوا اليوم أكثر حزما فيما يتعلق بتجميد المستوطنات، خاصة مع تأييد الإدارة الأمريكية لهم فى تلك المسألة.
أوردت الصحيفة أن الصحف الإسرائيلية أطلقت العنان خلال الأسبوع الماضى للعديد من التكهنات فى محاولة لاستنتاج المدى الذى قد يصل إليه نتانياهو فيما يتعلق بالمسألتين اللتين أشار لهما الرئيس أوباما بشكل واضح، وهما تجميد المستوطنات وإقامة دولة فلسطينية. وهما النقطتان اللتان رفض دائما رئيس وزراء إسرائيل الالتزام بهما بصورة واضحة.
تساءلت لوموند: هل سيتلفظ أم لا بالكلمات السحرية التى من شأنها أن تخفف من حدة التوتر المتنامى بين الولايات المتحدة وإسرائيل حول تسوية النزاع الإسرائيلى الفلسطينى؟ وما هى الشروط التى سيلحقها بإمكانية الانضمام إلى هذين المبدأين الأساسيين، والتى سترفض السلطة الفلسطينية استئناف الحوار بدونهما؟ مشيرة إلى تحذير صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، من "التلاعب بالألفاظ اللغوية". فالفلسطينيون والأميركيون ينتظرون أمورا ملموسة.
تذهب الصحيفة إلى أن ساعة الحقيقة قد دقت، وأن خطاب 14 يونيه ينبغى أن يكشف بوضوح عن الرغبة فى السلام لدى الحكومة الإسرائيلية، حيث يعتمد عليها مستقبل علاقاتها مع حليفتها أميركا، بل وأيضا يرتكز عليها التخفيف من حدة التوتر فى الشرق الأوسط، الذى يعتمد عليه أوباما للتفاوض مع إيران وإضعاف الحركات الراديكالية مثل حماس وحزب الله.
وتذكر الصحيفة أن نتانياهو قد لجأ للعديد من المشاورات من أجل صياغة هذا الخطاب الهام، بهدف تحديد إلى المدى الذى يستطيع بلوغه - من دون أن يسبب انهيار تحالفه - لتلبية متطلبات الولايات المتحدة الأمريكية وتوقعات أوروبا. وقد نصحه الرئيس الإسرائيلى شيمون بيريز بالتمسك بـ"خارطة الطريق" - وهى خطة السلام الدولية لعام 2003 التى لم ترَ النور قط - وباقتراح إنشاء دولة فلسطينية بحدود مؤقتة، وهو ما يرفضه الفلسطينيون.
الليكود يضع خطوطا حمراء
وذكرت الصحيفة ما دار فى اجتماع حزب الليكود يوم الأربعاء 10 يونيه، حيث علم نتانياهو بالخطوط الحمراء التى يجب عدم تجاوزها. فقد حذر بينى بيجين، وزير بدون حقيبة وابن رئيس الوزراء السابق مناحم بيجين، قائلا: "إن الفلسطينيين لا يريدون الحل القائم على دولتين، ولكن الحل القائم على مرحلتين والتى لن يكون هناك بعدها سوى دولة واحدة، دولة منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس".
وردد وراءه عوزى لنداوا، وزير البنى التحتية، قائلا: "لا نريد إقامة دولة أخرى تصبح فى يوم من الأيام ذراع إيران الممتدة". وأشارت النائبة ميرى ريجيف أن أوباما ليس وحده من يملك السلطة، فهناك أيضا مجلس النواب ومجلس الشيوخ. وعلى العكس، اقترح الوزير بدون حقيبة يوسى بيلد الهجوم وفرض عقوبات على الولايات المتحدة لمطالبتها لإسرائيل بتطبيق سياسة جديدة. وارتفعت أصوات أخرى للتأكيد على أن مبدأ "دولتين لشعبين" لم يعد أبدا حلا، وأن هذا المفهوم عفا عليه الزمن شأنه شأن "السلام مقابل الأرض".
أما أورى اليتسور، مدير مكتب رئيس الحكومة السابق والذى يعمل حاليا صحفيا فى إحدى صحف اليمين، فقد اعتبر أن الضم هو الحل الأمثل بعد أن اختبرت إسرائيل كل الطرق، ومن ثم فقد اقترح منح الجنسية الإسرائيلية لجميع الفلسطينيين. وادعى اليتسور أنه لا يخشى التهديد الديموغرافى الفلسطينى، واقترح صياغة دستور يدرج فيه الطابع اليهودى لدولة إسرائيل.
النقطة التى لا يعتزم نتانياهو التساهل بشأنها رغم معارضة الفلسطينيين، فهى تلك المتعلقة بالنمو الطبيعى فى الكتل الاستيطانية الكبرى، مما يتيح لهذه التجمعات مواصلة تنميتها. وذلك على الرغم من معارضة كبيرة من جانب هيلارى كلينتون، وزير خارجية الولايات المتحدة، التى طالبت بوقف بناء تلك المستوطنات "دون استثناء" للسماح بإمكانية إقامة دولة فلسطينية.
وتشير الصحيفة إلى الدعم الذى يشعر به رئيس الوزراء حول تلك النقطة من قبل الرأى العام (56% من الإسرائيليين يريدون استمرار بناء المستوطنات، بحسب أحد استطلاعات الرأى). فإن نتانياهو يوافق على عدم بناء مستوطنات جديدة وتفكيك ما يقرب من عشرين مستوطنة، ولكنه يرى أنه لمن "غير العدل" عدم البناء فى كتل المستوطنات الكبيرة، التى ستشكل فى المستقبل جزءا لا يتجزأ من إسرائيل.
تخلص الصحيفة إلى أن مسألة تجميد المستوطنات ستكون مما لا شك فيه اختبارا لرغبة الحكومة الإسرائيلية فى المضى قدما فى طريق السلام. حيث أشارت السلطة الفلسطينية إلى أنه منذ بداية أنابوليس، فى 2007، كانت هناك زيادة فى عمليات البناء بنسبة 43% على الرغم من محادثات السلام.
لوموند: خطاب نتانياهو اختبار لرغبة إسرائيل فى السلام
الأحد، 14 يونيو 2009 01:47 م