عاد المحافظون إلى قمة السلطة فى إيران، باكتساح أحمدى نجاد لمنافسه الإصلاحى مير موسوى، رغم إعلان الأخير فوزه مبكرا بمجرد الفرز الأولى للصناديق. وهو ما اعتبره الخبراء دلائل قوية على وجود شرخ كبير فى المجتمع الإيرانى الذى يمثل فيه الرئيس واجهة لحكم آية الله المرشد الأعلى للثورة الإسلامية. غير أن فترة وجود الإصلاحيين كانت تشهد انفتاحا نسبيا على الغرب والعالم العربى وخطابا عقلانيا بعيدا عن رؤية المحافظين التى تردد أفكار تصدير الثورة الإسلامية بعد 30 عاما على اندلاعها. فما هو مستقبل الحوار مع الولايات المتحدة بعد هزيمة التيار الإصلاحى، وما إذا كان الإصلاحيون سيتخلون عن مطالبهم بدور أكبر داخل الحياة السياسية أم أن إيران مقبلة على أزمة داخلية فى ظل تنامى مشار الغضب من سياسات نجاد لدى الشباب والنساء والأقليات؟
السفير محمود فرج القائم بأعمال مصر السابق فى إيران أكد وجود شرخ فى المجتمع الأيرانى، موضحا أن هناك جدارا فى المجتمع الإيرانى بين نظام الحكم وعامة الشعب الذين "أصابهم الملل" من الأجواء المحيطة له لأنه شعب محب للحياة وعملية القوقعة الذى هو موجود بداخلها لا تتفق معه.
وحول سيطرة التيار المحافظ على مقاليد الحكم، أوضح فرج أنهم كلهم محافظون وانفصلت منهم مجموعة إلى الروحانيات، وكان منهم مجموعة متشددين مثل على لارجانى وأحمدى نجاد وأخرى صالحين، لكن كلهم روحانيون وهم يمثلون تيارا معتدلا يمثل شخصية إيران.
أما السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية سابقا، فيشير إلى أن هناك حالة من الانقسام بين الشباب والاتجاهات المتحررة والاتجاه اليمينى ويوجد بينهم خلافات عميقة تمثلت فى دعم الرئيس السابق محمد خاتمى للمرشح الإصلاحى حسين موسوى الذى يطالب بلغة معتدلة فى التعامل مع العالم الخارجى وأنه لا داعى للضغط عليهم فى حين يرى الاتجاه المتشدد أن لهم ثقافتهم ومطالبهم ولا يجب التخلى عنها من أجل إرضاء أى اتجاه.
على أن نتيجة التصويت عكست اتجاهات الرأى العام، هكذا يوضح حسن مؤكدا أن طبيعة أحمدى نجاد البسيطة وانتمائه للطبقة المتوسطة، فيوجد من هذه الطبقة تعاطف كبير معه، وأيضا فى الأحياء الشعبية والمناطق الريفية. وأيضا نجاحه فى عدة مواقف سياسية منها الملف النووى والدور الأقليمى النشط الذى تلعبه إيران أدت إلى نجاحه.
وحول تأثير الانتخابات على حماس وحزب الله، أكد السفير سعيد كمال الأمين العام المساعد للجامعة العربية سابقا، أن إيران تدعمهم رغم وجود خلاف للرؤى السياسية أحيانا طبقا لظروف كل حركة منهم، فحماس فى أقاصى الأراضى (الفلسطينية) وحزب الله فى (غزة) ومن الممكن لإيران أن تتخلى عن دعمها لحماس وحزب الله فى ضوء نجاح الحوار الأمريكى الأيرانى.
مشكلة النخبة الحاكمة
د.محمد سعيد عبد الغنى أستاذ الدراسات الإيرانية بجامعة عين شمس، أكد أن المشكلة تكمن فى أن النخبة الحاكمة فى إيران تبعد كل البعد عن مطالب وتوجهات واحتياجات الشعب الإيرانى، مؤكدا أن المشكلة تكمن فى من يحكم ويسيطر على تلك البلد لا فى شعبها، وبالتالى فقد نوه على ضرورة التفرقة بين الجانبين وهذا ما جعل الرئيس الأمريكى باراك أوباما يغير من سياسته تجاه إيران ويمد يده للحوار معها.
فى نفس السياق، أكدت الدكتورة أمانى الطويل الخبيرة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن فوز أحمدى نجاد بولاية ثانية سيزيد من تمدد النفوذ الإيرانى فى مناطق الفراغ الموجودة بالعالم العربى وهدفه فى ذلك هو دعم المضى قدما فى البرنامج النووى والحفاظ على إنتاج بلاده من البترول.
وأشارت الطويل إلى أن نجاد لم يكتفِ بسياسة التدخل فى الشئون العربية بل واصل التدخل فى شئون الدول الأفريقية ومن أبرزها كينيا التى تسيطر إيران على مجال الإنشاءات والتعمير فيها والسنغال والسودان بالرغم من أن السودان تعتبر من أكبر الدول التى حاربت التمدد الشيعى على أراضيها بكل قوى.
خبراء: البرنامج النووى وراء فوز أحمدى نجاد فى الانتخابات الإيرانية
السبت، 13 يونيو 2009 12:38 م