روبرت فيسك: لا تغيير فى السياسة الإيرانية حتى لو فاز الإصلاحيون

الجمعة، 12 يونيو 2009 03:01 م
روبرت فيسك: لا تغيير فى السياسة الإيرانية حتى لو فاز الإصلاحيون روبرت فيسك يؤكد ثبات السياسات الإيرانية
إعداد ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انشغلت الصحف العالمية على مدار الأيام الماضية بالانتخابات الرئاسية فى إيران، والتى بدأت اليوم، الجمعة. وينظر العالم بترقب لنتائجها لمعرفة ملامح السياسة الإيرانية فى المرحلة القادمة. هل ستستمر على نمط التشدد الذى يتبناه الرئيس الحالى محمود أحمدى نجاد؟ أم أن هناك أملاً فى المرونة التى ينتهجها المرشح الإصلاحى المعتدل مير حسين موسوى فى حال فوزه؟

غير أن الكاتب البريطانى المخضرم روبرت فيسك، كان له رأى آخر مختلف ذهب فيه إلى أن إيران لن تشهد تغييراً فى سياستها المتعلقة بالبرنامج النووى. ويقول فيسك فى مقاله بصحيفة الإندبندنت إن العالم كله يريد أن يعرف نتائج الانتخابات الرئاسية فى إيران، وليس فقط أنصار الحرس الجمهورى المؤيدين للرئيس محمود أحمدى نجاد. لكن هل سيشكل هذا فارقاً سواء للإيرانيين أو باقى دول العالم؟

بالتأكيد يريد الغرب أن يعرف أن هذه الانتخابات الهامة ستغير رغبة إيران فى المضى قدماً فى برنامجها النووى. وأياً كانت النتيجة، فإن هذه الانتخابات لا تتعلق بالطاقة النووية لكنها تتعلق بغطرسة الرئاسة وغبائها وخوفها، أو تتعلق بالحكومة المسئولة أو البطالة أو الاقتصاد. لكن لا ينبغى على الغرب أن يعلق آمالاً على أى تغيير حقيقى فى الاستراتيجية النووية لإيران. ميرحسين موسوى ربما سيكون أكثر تفاهماً مع الأمريكين فى حال فوزه، إلا أن المنشآت النووية ستظل تعمل. فالأمر كله يتعلق بالفخر فى إيران والذى يمثل ميزة خاصة.

ويضيف فيسك: سيظل حكم طبقة رجال الدين قائماً فى إيران، ربما يتعرض لبعض الخدوش، لكنه لن ينزف أو يعيد تخيل التاريخ أو يقوم بإصلاح أمة فى أمس الحاجة إلى التغيير الذى يحلم به موسوى فقط من بين كل المرشحين. فالحكومة التى أسسها المرشد الأعلى آية الله على الخومينى قبل وفاته والمستمرة إلى الآن، حرمت إيران من حقوق الإنسان التى تزعج الغرب.

قبل شهر واحد فقط، تم جر امرأة شابة تبلغ من العمر 22 عاماً إلى المشنقة بعد أن ناشدت والدتها على الهاتف المحمول إنقاذها من الموت. وقد أُعدمت ديلارا درابى لجريمة قتل، حتى لو كانت مذنبة فيها، فقد ارتكبتها وهى فى عمر الـ 17. فى أى انتخابات غربية قد تمثل هذه القضية كارثة وتستقيل بسببها حكومات وربما تؤدى إلى دمار الأحزاب السياسية بأكملها. فى إيران، كانت أخطر فضيحة تتعلق بامرأة خلال هذه الانتخابات هى التصريح الذى أدلى به الرئيس أحمدى نجاد بحق زوجة منافسه موسوى بشأن مؤهلاتها الجامعية. هل هناك شىء ممل فى هذا كله؟ أم أن كلمة "الطفولية الوحشية" هى التى نبحث عنها هنا؟

موسوى يحظى على الأقل بدعم الرئيس السابق "القديس" محمد خاتمى ( الذى أدى رفض الغرب لحكمه إلى انتصار غريب الأطوار أحمدى نجاد، وهو انتصار آخر لأمريكا فى هذا الوقت)، وربما يمنح هذا الدعم موسوى 50% زائد مقعد واحد، وهو المطلوب لتحقيق نصر واضح. إلا أن قوات الباسيج والحرس الثورى الإيرانى تهدد بثورة مخملية خضراء على غرار تلك التى شهدتها أوكرانيا، كما لو أنها تهدد بانقلاب للإطاحة بانقلاب.

ومن المهم أن نتذكر أنه قبل شهر مضى ذكرت قوات الباسيج أنه عشية الانتخابات وباعتبارها شأناً سياسياً فإن الحرس الثورى لن يسمح لمسئوليه ولموظفيه المتعاقدين وكذلك لقوات الباسيج بالتدخل فى الشئون الانتخابية بما فى ذلك دعم مرشح بعينه.. وشهر يعد فترة طويلة للغاية فى السياسات الإيرانية.

لا شك أن الحملة الانتخابية منحتنا معلومات عن أفكار أحمدى نجاد التى قالها للعالم، ناهيك عن شكوكه حول المحرقة اليهودية، وقُصد منها الاستهزاء بموسوى. لكن هل دفع هذا الإيرانيين إلى الضحك فى ملايين القرى ومئات المدن عبر البلاد التى منح فقراؤها أصواتهم عام 2005 إلى الرئيس المتواضع الذى ادعى أن هناك "هالة" تحيط به فى خطاب له بالأمم المتحدة، مما جعل مستمعيه "لا يرمشون" لمدة 25 دقيقة؟

ويخلص روبرت فيسك إلى القول: إن السياسات الإيرانية أفرزت دائماً مزيجاً غريباً من الرجال العجائز المقدسين والاقتصاديين الأذكياء، فى تحالف غير مقدس على الإطلاق، وربما يضيف سجل موسوى كرئيس للوزراء فى فترة الحرب العراقية الإيرانية إليه قدراً من الشعبية. لكن هذه الحرب قاتل فيها الحرس الثورى الإيرانى وقوات الباسيج والتى خسرتها إيران كما يدرك جيداً أحمدى نجاد.

والتهديدات التى أطلقها أحمدى نجاد عشية الانتخابات بإلقاء معارضيه فى السجون بسبب ما يصفه بأكاذيبهم المشابهة لأسلوب هتلر، يمثل بالتأكيد خطوة نحو نوع فريد من "الطفولية". ومن الغريب بالتأكيد أن ينكر الرئيس الإيرانى أكبر جريمة ارتكبها هتلر ثم يتهم معارضيه بأنهم مثله. فإذا لم يقتل هتلر اليهود فى أوروبا، فإن المرء يتساءل أى جريمة كان يفكر فيها الرئيس الإيرانى الغريب؟





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة