"قم للمعلم وفه التبجيلا، كاد المعلم أن يكون رسولا".. بيت الشعر هذا من أقوال أمير الشعراء أحمد شوقى، وهو يعبر عن مكانة اجتماعية وصل إليها المعلم فى زمن مضى، زمن فاقت فيه أهمية المعلم، ولو نسبيا، ما سواه من فئات، لماذا؟ لأن المعلم وقتها كان هو مصدر المعرفة، بالإضافة طبعا إلى الكتاب، فى وقت عزت فيه الكتب، فلم تكن الكتب بالوفرة الماثلة حاليا، حيث نشطت المطابع الآن، وألقت بفيضها من الكتب على شطآن المعرفة، فى حين كان المجتمع يتقدم بمشروع لمقاومة الحفاء فضلا عن أمية لا تنكر، كان فيضانها الغامر أسبق من فيضان النيل.
ولما كان كل شىء إلى تغيير، ولما كان المجتمع عبارة عن حالة ديناميكية حيوية إن صح التعبير، فإن هذه الحيوية قد فرضت على المعلم وضعا معينا، وضعا ضاغطا، فمن المألوف الآن أن يتجاوز بعض المتعلمين معلمهم فى بعض المعارف، نتيجة لتعدد وتنوع مصادر المعرفة، بحيث صارت مهارة المعلم تنحصر فقط فى مناقشة المعارف وتعديل السلوك، من خلال نظرية الاتصال، وهى تلك النظرية المعنية بثلاثة عناصر، وأعنى المرسل ثم الرسالة ثم المستقبل، فإذا كان محتوى الرسالة أو المادة التعليمية جيدة، والمستقبل أو المتعلم متلقى جيد كذلك، ونقطة تلقيه هى بؤرة الشعور، فضلا عن أن صاحب الرسالة أو مرسلها وهو هنا المعلم فى أفضل وأصح حالات الإرسال. علما وتأهيلا وخلقا وكفاءة تمت الرسالة تلقيا على أكمل وجه.
أقول إن هذا الوضع الضاغط أصبح يفرض حتمية التأكد مما وصل إليه المعلم حالا ومآلا.
فمن حيث الحال هناك ضرورة ملحة لتحسين ماديات المعلم اكتفاء ومنعة. من حيث المآل هناك حتمية للتنمية المهنية المستدامة المستمرة بلا إبطاء . من هنا كانت امتحانات كادر المعلم التى اجتازها الآن معظم المعلمين أن اقتناعا أو مجاراة لما تمليه القوانين واللوائح. لكادر فى مرحلتيه الأولى والثانية يحقق زيادة مادية فى حدود 175% فى حده الأقصى لأغلب المعلمين، من أساس المرتب.
المرحلة الأولى وقد استفاد منها جميع المعلمين الآن، الذين هم على رأس العمل، وبتعبير آخر فى الخدمة، وبنسبة 50% من الراتب الأساس. لمرحلة الثانية: لا يتم الحصول عليها إلا باجتياز اختبار ثلاثى المداخل، فهناك المدخل التربوى، فالتخصصى، فمدخل مهارات اللغة العربية لغير مدرسيها بالطبع . ويشترط للنجاح أن يكون المعلم قد أجاب بكفاءة على أسئلة المداخل أو (الموديولات) الثلاثة بنجاح أيضا وعلى القدر نفسه.
الناجح فى هذا الاختبار يستفيد من زيادة تبلغ 175% فى حدها الأقصى، لأغلب المعلمين، أو أقل بالطبع، وذلك بحسب درجته المالية وسنوات خبرته الفعلية. لكن لماذا نشأت ضجة حال عقد مثل هذه الاختبارات؟
هناك عدة أسباب منها، أولاً: حداثة الموضوع فليس مألوفا أن يتم اختبار لمعلم كان هو من يضع الاختبارات.
ثانياً: أسئلة الاختبارات كانت فى معظمها أسئلة مواقف أكثر منها مما يوجد فى المناهج الدراسية بمعنى أنها مفاجئة تماما.
ثالثاً: التوجس لدى البعض أو الشك فى مثل هذه الاختبارات، لحداثتها، كما سبق، خاصة وأنها تتم رصدا من خلال الحاسب الآلى وباستخدام القلم الرصاص فقط من قبل المعلم فى تحديد الإجابات الصحيحة.
التجربة التى اجتازها معظم المعلمين أكدت أن الموضوع جاد تماما، وأن من ينجح يفوز بالكادر.. ثم أن هذه الاختبارات فى مغزاها ومعناها هى بمثابة ثوب أو رداء للمعلم، فقط، فكيف بمن يريد أن يرتديه وليست له مثل هذه الصفة، ومن هنا كانت وقفات واحتجاجات الإداريين طلبا بالمثل، فهل إلى تحقيق لمطلبهم ولو بعد حين ؟
صفوت صالح الكاشف يكتب: كادر للإداريين يرحمكم الله
الخميس، 11 يونيو 2009 12:37 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة