عبد المنعم فوزى

صح النوم

الخميس، 11 يونيو 2009 08:23 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل حقا نحن خير أمة أخرجت للناس؟، سؤال قد يستهجنه البعض وقد يستفز آخرين، ولكن مع تفشى القسوة والعنف والتخلف فيما بيننا أصبح السؤال منطقيا وضروريا. السبب أن أناسا أصبحت القسوة جزءاً من شخصيتهم وطبيعتهم وحياتهم اليومية، بحيث أصبحوا يمارسونها بشكل يومى دون أن يشعروا بتلك القسوة بداخلهم أو حتى أن يعترفوا بها. المشكلة أن معظم هؤلاء يملكون مقاليد التحكم فينا ولا نملك سوى أن نمتثل لأوامرهم التعسفية غير المنصفة بحقنا، خوفاً من استخدام تلك السلطات والصلاحيات الممنوحة لهم ضدنا فقط، لأننا لا نوافقهم الرأى أو نعارضهم.

المشكلة أيضا أننا ونحن نشتكى من قسوة الآخرين لنا، نقسو على بعضنا البعض وبالذات المقربين منا، ليس بالألفاظ الجارحة والتصرفات غير اللائقة فحسب، بل بإساءة فهمهم باستمرار والتشكيك فيهم سواء فى أقوالهم أو أفعالهم، وأصبحنا مشغولين بالنقد والتجريح والتشكيك فى أنفسنا فما بالك بالآخر. وفى أثناء دراستى فى الولايات المتحدة الأمريكية حول كيفية إعداد القادة لإدارة صحيفة تحقق أرباحا ونجاحا وفى الوقت نفسه تقدم صحافة راقية ومتميزة، استوقفنى وهزنى وتمنيت أن أراه ويطبق فى بلادنا، ليس فقط ما مارسته ودراسته، ولكن ما شاهدته أثناء ركوبى إحدى المواصلات العامة فى ولاية بنسلفانيا، وجدت السائق يتوقف أمام إحدى المحطات ويفتح الباب الأمامى ويضغط على مكبس أمامه، فيخرج مسطح على شكل رافع منحنى لأسفل ثم يقف مسرعا إلى الكنبة الأمامية ويرفعها ويرجع جالسا على كرسيه أمام عجلة القيادة، ونرى شخصا يصعد على هذا السلم بكرسى كهربائى متحرك، وبمنتهى السهولة واليسر يجد مكانا متوفرا له دون أن يحس بأى إزعاج أو إرهاق، ودون أن يشعر بأنه عبء على أحد ولم يلتفت أحد من الراكبين، لأن ما حدث شىء طبيعى وعادى و اغرورقت عينى بالدموع على حالنا، خاصة عندما نزل من الأتوبيس وكان سيعبر إلى الجانب الآخر من الرصيف، وقام السائق بالإشارة إلى السيارات القادمة بيده فتوقفت على الفور وسار المعاق، وكأنه ملك متوج. الجميع يساعد بتلقائية وحب وتسامح. ما شاهدته كان من أفراد عاديين من الشعب الأمريكى..لا توجد لافتة تقول المقاعد الأمامية لكبار السن وأصحاب الاحتياجات الخاصة..... ولا يوجد قانون يلزم البشر أن يحترموا ويساعدوا المعاقين وإنما الحب والتراحم والتفاهم والتقدير.

وتساءلت هل النظام الديمقراطى يولّد هذا التسامح الذى لمسته ....هل الثقافة ... هل الوفرة الاقتصادية... أم كل هذه العوامل، ولماذا نحن فى بلادنا الإسلامية بهذه القسوة مع بعضنا البعض وأشد قسوة مع المعاقين. الدليل عدم وجود ممرات خاصة فى أرصفة الشوارع للمعاقين، لأن شوارعنا صممت للسيارات فقط، وإن أراد شخص يسير على عكازين عبور الشارع - حيث لا يملك كرسى كهربائى أو حتى بعجلات - لا أحد يرحمه، وحتى موضوع السيارات المجهزة التى يضطر المعاق بيعها من أجل دفع مقدم شقة أو إقامة مشروع صغير يسترزق منه، على الرغم من أن السيارة المجهزة للمعاق تعتبر طرفا صناعيا يساعده على الحركة وتسيير أمور حياته اليومية، وليس ترفا يستمتع به ولكن أصحاب القلوب القاسية لا تقُدر أو ترحم فهى كالحجارة أو أشد قسوة، فهل تعرفون الآن لماذا هم متقدمون ونحن مازلنا نعانى المشاكل نفسها والهموم والتخلف.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة