اهتممتُ كملايين من البشر غيرى بخطاب الرئيس الأمريكى باراك أوباما للعالم الإسلامى من القاهرة قلب العروبة والإسلام.. ولم يكن اهتمامى من منطلق سياسى بمفهوم ضيق، وإنما من منطلق عروبتى وإسلامى وفخرى واعتزازى بأننى مصرى عربى مسلم أعيش فى دولة ذات ثقل وصاحبة حضارة وتاريخ مشرف، يجعلها موضع اهتمام الدول الكبرى والعظمى على مر التاريخ، فكانت مطمعا دائما للغزاة الغاصبين.. ولكنها بعظمتها وصلابتها وكبريائها كانت مقبرة للغزاة، لأنها تأبى الظلم والقهر والاحتلال فلم تمارسه على أحد وهى ترفض أن يمارسه عليها أحد، ولا ينكر ذلك إلا جاهل أو جاحد.. أو مغرض.. فى قلبه مرض.
ولا أزعم أننى فهمت من خطاب أوباما ما لم يفهمه غيرى، ولكنى أوجزت ولخصت وحاصرت مشاعر الفرحة المتدفقة التى انتابتنى أثناء الخطاب بقولى مباشرة بعد الانتهاء من سماعه: (أفلح إن صدق).
وظاهر الأمر أنه صادق فيما قال، لأن الغيب وما تخفيه الصدور لا يعلمه إلا الله. والأقرب إلى المنطق والعقل والواقع أن تسعى أمريكا جاهدة إلى ترجمة هذا الخطاب إلى واقع عملى لتتخلص من إرث ثقيل تركه سلفه (بوش) الدموى الأرعن الذى مرَّغ وجه أمريكا فى التراب وجعل بينها وبين العالم الإسلامى حاجزا نفسيا يحتاج إلى عشرات السنين ليتلاشى إذا ما حرصت الإدارة الأمريكية على تحسين صورتها بالأفعال.. لا بالأقوال.
ما قاله (أوباما) يبعث الأمل فى نفوس الأسوياء من بنى البشر على اختلاف دياناتهم ومعتقداتهم لأنه لا يأبى العيش فى سلام وأمن وأمان إلا المفسدون فى الأرض من الأشرار والمتجبرين والمتكبرين والطغاة.
لا أحد ينكر أن أوباما يملك الكثير من مقومات و«كاريزما» الزعامة وله من القبول ما يجعله مؤهلا للقيام بدور مهم وحيوى فى إقامة العدل فى العالم بعدما ملأه سلفه الأبعد بالظلم والجور والاعتداء على دول إسلامية بدعاوى زائفة ومبررات واهية.
واسمحوا لى ألا أخفى خوفى على أوباما من غدر اليهود قتلة الأنبياء، وعلى الولايات المتحدة الأمريكية أن تطبق جفنيها على رئيسها الجديد فلعلها تنعم معه بالقبول لدى العالم الإسلامى وتحظى بما تريده من خيراته سلما.. لا حربا.. لأن الإسلام لا يعرف العزلة ولا يرفض التواصل مع المخالفين فى العقيدة فى إطار الحق والعدل والأمانة والصدق والحفاظ على كرامة الإنسان الذى هو بنيان الرب ومن منطلق قول الحق تبارك وتعالى: «..لكم دينكم ولى دين».