أكرم القصاص - علا الشافعي

تفاصيل مؤامرة النكسة كما يحكيها الزعيم اليمنى سنان أبو لحوم

الإثنين، 01 يونيو 2009 12:44 م
تفاصيل مؤامرة النكسة كما يحكيها الزعيم اليمنى سنان أبو لحوم الانشغال المصرى العميق باليمن كان سبباً رئيسياً لنكسة يونيو‏67
إعداد هند سليمان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يحكى الشيخ سنان أبو لحوم الزعيم اليمنى التاريخى لقبائل بكيل عن خلفية السنوات التى سبقت النكسة‏,‏ وعن الصراعات التى دارت فى يمن الثورة والوجود المصرى فى اليمن‏..‏ ويكشف كيف كان الانشغال المصرى العميق باليمن‏,‏ على أهميته‏,‏ سبباً رئيسياً لنكسة يونيو ‏67,‏ ومن خلال كتابه‏ "اليمن حقائق ووثائق عشتها‏" فى أجزائه الأربعة، يوثق الشيخ أبو لحوم سنوات الغليان فى اليمن‏,‏ ويكشف عن خيوط اللعبة بين القاهرة وصنعاء بعد نجاح الثورة مباشرة‏.‏

يقول‏: فى هذه الفترة طلب منى السلال أن أعزم مع بعض المشايخ إلى مصر وكان متضررا من تصرفات البيضانى والقادة المصريين‏,‏ وفعلا عزم وفدا من المشايخ برئاستى يتكون من‏21‏ شيخا منهم‏:‏ الشيخ على ناجى القوسى الشيخ محمد ناجى القوسي‏,‏ الشيخ ناصر على البخيتي‏,‏ الشيخ ناصر محمد البخيتي‏,‏ النقيب عبد الوهاب سنان‏,‏ النقيب مساعد أبو غانم‏,‏ الشيخ على محسن هارون‏,‏ الشيخ حامد خيران من بنى الحارث‏,‏ الشيخ محمد عبد الله مناع‏,‏ النقيب محمد مقبل أبو رأس‏,‏ النقيب درهم بن ناجى أبو لحوم‏,‏ النقيب فضل بن على مهدي‏,‏ والشيخ علوى بن حسين الرصاص والشيخ محمد حسن الغشمي‏,‏ ومحمد السحارى من صعدة‏,‏ والنقيب ناجى عبد العزيز الشايف والنقيب محمد بن على الرويشان‏,‏ والشيخ عسكر العزى والحميقانى وآخرين.

وصلنا إلى القاهرة ونزلنا فى فندق أطلس وكانت مجموعة من المسئولين الذين سبقونا فى وفود مقيمة فى فندق الكونتننتال منهم‏:‏ القاضى محمد محمود الزبيري‏,‏ الشيخ محمد على عثمان‏,‏ القاضى عبد الرحمن الإرياني‏,‏ حمود الجائفي‏,‏ العزى الفسيل‏,‏ ويحيى جغمان وغيرهم‏'..‏

ويضيف'‏ فى اليوم التالى قابلنا أنور السادات‏..‏ وبعد يومين قابلنا الرئيس جمال عبد الناصر فى قصر القبة‏.‏ طرحنا عليه بأسلوب هادئ موضوع بقاء المسئولين اليمنيين الذين أتوا بوفود‏,‏ وأوقفتهم السلطات المصرية كنوع من الإقامة الجبرية‏.‏ بعد يومين ذهبنا إلى مجلس الشعب‏,‏ وبعد 10 أيام تقريبا استدعانا الرئيس جمال عبد الناصر‏,‏ وأثناء لقائه بنا سأل عبد الناصر الشيخ القوسي‏:‏ كيف حالكم؟ فأجابه القوسي‏:(‏ انتو وافيين غير اللحم قليل‏)‏ فأخرجونا فى اليوم الثانى إلى مديرية التحرير وقدموا لنا‏22‏ خروفا‏.‏

ويواصل الشيخ‏:'‏ قمنا بعدة زيارات للأماكن الأثرية والسياحية داخل القاهرة لأكثر من خمسة عشر يوما‏,‏ قابلنا أنور السادات عدة مرات‏,‏ وكنا نتابع ما يجرى فى الداخل‏,‏ بلغنا أن الموقف فى اليمن غير طبيعي‏,‏ وأن الملكيين استولوا على كثير من المناطق‏,‏ الأمر الذى جعلنا نستعجل العودة‏,‏ من أجل ذلك التقينا السادات فى بيته بشارع الهرم قلنا له‏:(‏ أنتم كرام ونحن لسنا فى حاجة إلى البقاء هنا‏,‏ بلادنا معرضة للخطر‏,‏ وأنتم تضحون‏,‏ ونحن نتفرج هذا لا يشرفنا‏),‏ قال السادات‏:(‏ خلاص جهزوا منكم عشرة للسفر هذه الليلة‏,‏ والبقية إلى يوم الغد‏).‏ تجهزنا أنا والشيخ على بن ناجى القوسى والشيخ ناصر على البخيتي‏,‏ والنقيب ناجى عبد العزيز الشايف وستة آخرون‏.‏

السادات على الهاتف
خرجنا إلى المطار طلعنا كل خمسة فى طائرة محملة إمدادات‏.‏ أقلعت الطائرة التى تقلنى حوالى الساعة الثانية عشرة ليلا‏,‏ وفى الساعة الخامسة صباحا‏,‏ هبطت بنا الطائرة فى مطار ألماظة‏,‏ كنت أعتقد أننا نزلنا فى مطار الحديدة‏.‏ سألت هل نحن فى الحديدة قالوا‏:‏ أنت الشيخ سنان‏:‏ قلت‏:‏ نعم‏.‏ قالوا أنتم فى القاهرة وعند خروجنا إلى الصالة‏,‏ طلبونى وقالوا السادات على الهاتف يريد أن يتحدث معك‏,‏ تحدث السادات وقال‏:‏ المعذرة يا شيخ سنان فقد وصل توجيه من المشير عبدالله السلال بأنه تم تعيينك سفيرا لليمن فى الصين‏,‏ قلت خير وهذا ما كان يسعى إليه‏.‏ أخذ الشيخ على بن ناجى القوسى السماعة من يدى وقال للسادات‏(‏ عبتوا فينا يا عيبان‏,‏ وإحنا ضيفان‏,‏ ولا قدرتوا الوفاء‏,‏ وإذا أنتم تريدون لسنان المكيدة‏,‏ هو أحرص من غيره على الثورة وأنتم فشلتم‏)‏ فرد عليه السادات‏:‏ سنتفاهم فيما بعد‏.‏فى الصباح زرنا الإخوة المقيمين فى فندق الانتركونتننتال‏,‏ كان رأيهم أن نتحلى بالحكمة‏.‏ بعد يومين استدعانا السادات وقال لي‏:‏ أنت خلاص سفير‏,‏ وانصح المشايخ بأن يقوموا بجولة إلى جنوب مصر لزيارة الأقصر وأسوان والسد العالي‏,‏ رفض الشيخ على ناجى القوسى والشيخ ناصر على البخيتي‏,‏ أما نحن فقبلنا الدعوة‏,‏ لأن الزبيرى والشيخ محمد على عثمان‏,‏ أقنعونا بذلك‏.‏فى هذا الظرف‏,‏ وصلتنا أخبار بأن أرحب تغلبت على الموقف وأفسدت كلها وامتد التمرد إلى بنى الحارث‏.‏

عودة ومواجهة
ويشير الشيخ أبو لحوم إلى أنه استطاع‏ العودة إلى اليمن على نحو ما ذكرت فى الحلقات السابقة‏،‏ وفى اليمن جرت مواجهة بين رجال الثورة والملكيين‏:'‏باشرت العمل لجمع قوة شعبية لمواجهة الملكيين فى وادى السر والجبال المحيطة به‏,‏ وأغلبهم من الجدعان‏,‏ وفى هذا الظرف لم أجد فى صنعاء غير‏15‏ شخصا من آل أبو لحوم‏,‏ فأرسلنا إلى المخادر وحبيش‏,‏ ووصلتنا مجموعة كبيرة من أفراد الأسرة وغيرهم من أبناء محافظة إب‏,‏ وبعض الأفراد منهم‏ على أبو لحوم‏,‏ ومحمد أبو لحوم‏,‏ ودرهم أبو لحوم‏,‏ وأحمد منصور‏,‏ وكل أفراد بيت أبو لحوم الموجودين فى صنعاء‏,‏ ليتجهوا إلى وادى السر فى بنى حشيش‏,‏ وكان يوجد هناك فى غضران الحاج عبد الله الجائفى وأخيه العقيد على الجائفي‏,‏ ومع مجموعة من الجيش النظامي‏,‏ ومن صنعاء خرج أيضا العميد الشريف عبود مهدى وأخوه زبن الله ومعهما مجموعة‏.‏

تقدمت القوات نحو الجبل الذى يقع شمال غضران واحتلته مع الفجر‏,‏ فانقسمت إلى مجموعتين‏,‏ منهم من احتل الجبل ومنهم من توجه إلى الوادي‏.‏

توقف زحف الملكيين‏,‏ فالوضع فى وادى السر يختلف عن أى منطقة لأن الموانع كثيرة لوجود بساتين العنب المسورة‏...‏

معركة فى صرواح
يقول الشيخ أبو لحوم لقد قمت بدور مسئول فى فك الحصار عن القوات المصرية فى صرواح ويحكى بالتفصيل‏:'‏ بعد عيد الفطر بأسبوع‏(‏ مارس‏1963‏ م‏)‏ أرسل لى المشير عبد الحكيم عامر‏,‏ سيارة مصفحة مع العقيد محمد الأهنومي‏,‏ لأصل فيها إلى صنعاء لمقابلته‏,‏ وكانت للمصريين قوة عسكرية بقيادة المقدم أحمد عبد الله‏,‏ محاصرة فى صرواح لأكثر من أربعة أشهر‏,‏ تصل إليهم الإمدادات بالطائرات طوال مدة الحصار‏,‏ وفى نفس اليوم الذى استدعانى فيه المشير عامر‏,‏ كانت قد أرسلت طائرة تموين للمحاصرين‏,‏ فأسقطها الملكيون من قبائل جهم‏، و‏عندما إلتقيته قال لي‏:‏ يا شيخ سنان أنت بيضت وجهي‏,‏ وهذا واجبكم وفى بلدكم‏,‏ وأنا عندى أحد أولادى فى صرواح محاصر مع القوة‏,‏ وأحرق الملكيون لنا اليوم طائرة وأخشى أن تتعب القوة‏,‏ فهل لديكم رأى أو وسيلة لإنقاذ الموقف‏,‏ لأننى أعرف أن لك وجاهة ومعرفة بالناس‏.‏ قلت له‏:‏ أنا مستعد أنزل بمفردى ومعى مرافق فقط‏.‏ قال‏:‏ ألا تحتاج إلى قوة‏,‏ أليس عليك خطر؟ قلت‏:‏ لا خطر على من جهم‏,‏ إذا تمكنت من الوصول إلى أرضهم وعرفوا بوجودي‏..‏ أطلب فقط طائرة تنزلني‏,‏ وإذا رأيت خطرا على الطائرة سأعود‏.‏ وفى نفس اليوم كلفت الأخ النقيب درهم أبو لحوم بالتوجه إلى حريب للاتصال بجهم‏,‏ وحصلت إرباكات‏.‏
ركبنا بالطائرة وكان يرافقنى على بن سعيد قعفة‏(‏ ابن خالي‏)‏ وعند هبوطها قفزنا بسرعة‏,‏ وأقلعت فى الحال‏.‏ سألت الجنود المصريين عن المواقع التى تهاجمهم وكانت كثيرة وأقوى هجوم يأتيهم من الجهة الغربية‏.‏
رفع على بن سعيد غترته‏(‏ الصماطة‏)‏ على رأس بندقيته‏,‏ و توجهنا صوب مواقع جهم‏.‏ وعندما قربنا منهم عرفوا من ملابسنا أننا يمنيون‏,‏ وسيرنا طبيعي‏,‏ تقافزوا من المتارس‏,‏ وعندما عرفوا أننى القادم استقبلونا بحفاوة‏,‏ وكان المصريون يراقبونا بالمنظار على مسافة لا تزيد علي‏3‏ كم‏,‏ وعندما وصلنا إلى جماعة جهم توقف إطلاق النار فى كل المواقع‏.‏ تركت جهم بعض أفرادها فى المواقع التى تحتلها ونقلونا إلى محلات البدو‏,‏ وخلال ساعتين تجمع لدينا أعداد كبيرة وتحدثنا معهم وقلنا لهم‏:‏ أنتم أول من رفع راية العصيان فى اليمن على الإمام‏,‏ وكان لكم الأسبقية فى مقارعته‏,‏ وتحملتم من المتاعب‏,‏ والأضرار والدمار‏,‏ والسجون والتشرد ما لم تتحمله أى قبيلة فى اليمن‏,‏ واليوم ترجعون عن مبادئكم ومواقفكم‏!,‏ وإذا كان لكم مأخذ على الجمهورية بسبب قتل الشيخ أحمد بن على الزائدى ومن معه‏,‏ فخسارتى فيه أكثر منكم‏,‏ وهو أقرب الناس إلي‏,‏ وقتله كان بالمصادفة وليس متعمدا‏,‏ والبلد فوق الجميع‏,‏ والتاريخ لن ينسي‏,‏ وأنتم لا تضيعوا ماضيكم‏,‏ وتضحياتكم‏,‏ ولو انتصر بيت حميد الدين لرجعنا حيث كنا‏,‏ وشرحت لهم ما نالنى من المتاعب والإهانات فى مصر‏,‏ وما تحملته من مشاق ومع ذلك لم أغير مبدئي‏...‏

يقول الشيخ نجحت فى استمالتهم‏:'‏ تجاوب معى الكثير منهم وقالوا‏:‏ نحن نعرف موقفك منا وصداقتك لنا دامت عندما ضاع أصدقاؤنا فى الشدائد عندما تقدم علينا الإمام‏,‏ ونحن لن نخالف ما تراه وإذا كان لبعضنا رأى مخالف سنتفاهم معهم بحضوركم‏.‏

فى صباح اليوم التالى وصل إلينا المقدم أحمد عبد الله‏,‏ بعد أن استأذن من المشير عامر‏,‏ ومعه نحو 20 من جماعته‏,‏ والأربعة المرسلين من لدينا‏,‏ وقبل أن يعود‏,‏ دعانا إلى الغداء فى اليوم التالي‏,‏ وذهبنا إلى المعسكر ومعنا حوالي‏70‏ شخصا من جهم‏,‏ وأرسل الغداء من صنعاء على طائرتين‏.‏ تخلل الاجتماع بعض النكت حول المعارك بين الطرفين والغزوات والتسللات‏,‏ واعترف لى أهل جهم بأنهم لم يشاهدوا أصلب من هذه المجموعة وأشجع من قائدها‏.‏

بقيت حوالى 6 أيام لمواصلة الحوار مع من يتوافد من جهم ممن لم يحضروا الاجتماع‏,‏ أما المشير عامر فقد أتصل بى وقال‏:(‏ سامحنى أنا مضطر للسفر‏,‏ وأنا ممنون لك جدا‏,‏ وسيكون لقاؤنا قريبا‏,‏ وقد رتبت كل ما يلزم لمن سيصل معكم من جهم‏,‏ وسيأخذون برأيك‏,‏ وإنشاء الله سيتواصل جهدك وتعاونك فى مناطق أخري‏).‏

انفك الحصار عن القوات المصرية وبقيت فى مواقعها‏,‏ وطلعت إلى صنعاء مع أكثر من‏70‏ شخصا من مشايخ وأعيان جهم‏,‏ استقبلهم المشير عبد الله السلال وألقى فيهم كلمة قال فيها‏:(‏ يا إخوان قد لا نعتب على الآخرين ولكننا نعتب عليكم‏,‏ لأنكم أول من تبنى القضية الوطنية ولكم فضل الأسبقية بدمائكم وصلابتكم‏)‏ ثم عزمهم السلال على مأدبة غداء‏.‏

فى اليوم الثانى رتب لهم الفريق أنور القاضى قائد القوات المصرية‏,‏ ضيافة كبيرة دعا إليها كثيرا من مشايخ اليمن والمسئولين والضباط‏,‏ وصرفت لهم مبالغ كل بقدره‏,‏ ولا أخفى أن المشير عامر ترك لى ألفى ريال‏(‏ فرانصي‏)‏ ومائة جنيه ذهب‏,‏ رفضت تسلمها فى البداية‏,‏ ولكن العميد قاسم‏(‏ الذى كان يلقب بالصاروخ‏)‏ أصر وقال‏:‏ أنت عليك مسئوليات والناس يقصدوك‏,‏ ونحن نريد منك أن تتحرك وتتصل بالجماعات والأفراد‏.‏

وكان لدخول جهم إلى صنعاء كبير الأثر فى نفوس القبائل الأخرى‏، ربطتنى بعد ذلك بالمقدم أحمد عبد الله‏,‏ قائد القوات المصرية فى صرواح علاقة طيبة‏,‏ وكان يذكرنى بكل خير‏،‏ أمام العميد عباس ويكشف عن سر رسالة مصرية يحتفظ بها فى وثائقه‏ جاء فيها "من اللواء القاضى إلى الشيخ سنان أبو لحوم إشارتكم بخصوص مشايخ الجوف‏.‏ طلبت القيادة العربية فى الجوف إرسالهم الينا‏.‏ لا مانع من السير إلى مأرب والجوف‏.‏ بعد انتهائكم نهائيا من العمل فى صرواح‏.‏ نشكركم على مجهوداتكم‏.‏ شكرا مع تحياتي"‏.‏

تعيين أبو لحوم بمجلس الرئاسة
بعد نجاح الشيخ أبو لحوم فى صد الملكيين يقول أصبحت عضوا فى مجلس الرئاسة‏:'‏ فى إبريل عام‏1963‏ م‏,‏ جاء المشير عامر مرة أخرى من القاهرة‏,‏ وحدث نقاش حول الوضع والحكم وفى لقاء مع السلال والمسئولين قال‏:‏ إن العمل فى الجبهة العسكرية يسير على ما يرام ومطمئن‏,‏ أما الوضع الإدارى والتنفيذى فهو بحاجة إلى ترتيب حتى يتم حل المشاكل‏,‏ وتقتصر مهمة القوات المصرية على القتال‏,‏ ولا بد أن يكون جهاز الدولة قادرا على التنسيق مع القوات المصرية والمواطنين‏,‏ وأضاف المشير عامر‏:‏ إن المشايخ لا يجوز أن يبقوا خارج السلطة لأن لهم دورا فعالا ومؤثرا‏.‏

وعندما انتهى من كلمته بدأ النقاش‏,‏ وطرح اقتراح بتشكيل مجلس للرئاسة يتكون من‏12‏ شيخا و‏12‏ ضابطا وستة مدنيين‏.‏

الشيخ سنان أبو لحوم يرد على الرئيس العراقى أحمد حسن البكر ويقول نريدكم معنا ولا نريد مجرد الكلام عن القلوب وكفي‏:'‏ فى مايو‏1963‏ رافقت المشير عبد الله السلال فى زيارة رسمية لمصر‏,‏ ضمن وفد كنت الرجل الثانى فيه‏.‏
استقبل الوفد فى القاهرة بحفاوة‏,‏,‏ ومنحت وساما من الدرجة الأولي‏,‏ ثم قام الوفد بزيارات إلى كل من سوريا والعراق‏.‏

فى سوريا عقدنا اجتماعا مع الرئيس السورى اللواء لؤى الأتاسى ودارت نقاشات حول الوضع فى اليمن‏,‏ والعالم العربي‏,‏ والتنسيق بين البلدين‏,‏ وأذكر أن الرئيس السلال قال‏:‏ نحن نأخذ برأى عبد الناصر دون سواه‏,‏ فعارضه اللواء أمين الحافظ وزير الداخلية عضو الجانب السورى فى المباحثات قائلا‏:‏ هذا شأنكم‏,‏ أما نحن فلابد أن نتبادل الآراء ونقر ما فيه الأصلح‏,‏ وضم الجانب السورى صلاح الدين البيطار الذى تعرفت إليه عندما زار اليمن على رأس وفد أيام الوحدة بين مصر وسوريا‏,‏ وأيضا زرته فى دمشق عندما كنت مشردا فى بير وت‏,‏ وكان معى الأولاد الأعزاء يحيى على الإرياني‏,‏ وعباس الشامى وهما طالبان يدرسان فى سوريا‏.‏

بعد المباحثات جرى حديث جانبى مع البيطار‏,‏ فقال موجها كلامه لى وللأخ عبد اللطيف ضيف الله‏:‏ السلال رجل عظيم وكان عليكم أن تفهموه‏,‏ إن التعبير بمثل ما قاله يقلل من شأن اليمن‏.‏

انتقلنا إلى العراق‏,‏ وكان رئيس الدولة عبد السلام عارف رجلا قويا وقورا وعاقلا‏,‏ والطاقم القيادى أغلبه من البعثيين‏.

تجدر الإشارة إلى أن العراقيين استقبلوا الرئيس عبدالله السلال بترحيب حار كزميل‏,‏ لأن بعض أعضاء القيادة العراقية كانوا زملاءه فى الكلية عندما كان يدرس فى العراق مع البعثة العسكرية إلى منية فى الثلاثينات‏.‏

القمة فى الإسكندرية
يتذكر الشيخ مشاركة اليمن كجمهورية فى مؤتمر القمة العربية بفرح ويقول‏:'‏ شارك اليمن فى مؤتمر القمة العربى الثانى المنعقد فى الإسكندرية‏1964‏ م بوفد برئاسة السلال‏,‏ وكنت الرجل الثانى فيه بتاريخ‏14/9/1964.

ومن جملة الوفد د.حسن مكي‏,‏ والأستاذ محسن السرى وزير الخارجية‏.‏ كان التمزق العربى على أشده والمواقف مختلفة ومتنافرة‏,‏ وكان السلال رحمه الله يصوت مع عبد الناصر كيف ما كان‏.‏

حاول عبد الناصر أن يكون فى غاية المرونة‏,‏ لتخفيف حدة الاختلافات وأذكر أنه عندما شرح الفريق على على عامر قائد القوات العربية المشتركة الموقف العسكري‏,‏ قال له الرئيس السورى أمين الحافظ بسخرية‏:‏ نريد تقريرا عن الموقف العسكرى وليس مسرحية لأم كلثوم‏.‏

ورد عليه على عامر‏:‏ تأدب أنا أعلى منك رتبة‏,‏ فتكهرب الموقف‏,‏ وحاول عبد الناصر أن يهدأ الوضع فرفع الجلسة للتشاور حيث كانت جلسات المؤتمر تعقد فى قصر المنتزه بالإسكندرية‏.‏وفى صباح أحد أيام المؤتمر كان بجانبي‏(‏ شبل العيسمي‏)‏ فجاء الأستاذ أمين هويدى وقال لي‏:‏ تعرف من هذا الذى بجانبك؟ قلت له‏:‏ أعرف أنه من الوفد السوري‏,‏ قال‏:‏ هذا بعثي‏,‏ احذر منه‏.‏ عقدنا عددا من اللقاءات مع عدد من رؤساء الوفود‏,‏ فقد التقى الرئيس السلال وكنت معه بالرئيس العراقى عبد السلام عارف‏,‏ والرئيس الجزائرى أحمد بن بللا‏,‏ وأمير دولة الكويت الشيخ عبد الله السالم الصباح‏.

ودار النقاش فى هذه الاجتماعات حول التعاون بيننا وبين هذه البلاد الشقيقة‏..‏ يحكى أبو لحوم‏:'‏ بلغنا سقوط القفلة بيد الملكيين‏,‏ اتصل بى حمود الجائفى وقال‏:‏ إن الحكومة عميلة أمريكية إنجليزية‏,‏ كوبية‏,‏ وسعودية‏,‏ وكلام من هذا فيه حماقة‏,(‏ والأخ حمود رحمه الله كانت تحصل له نزوات لكنه سرعان ما يتراجع عنها‏)‏ وطلب أن أمر عليه وعلى السلال صباح الغد‏,‏ زرته فى الموعد المحدد وعاتبته وأرسلت لمشايخ آنس‏,‏ وكتبت برقية إلى الشيخ عبد الله بن حسين‏,‏ أبديت فيها استعدادى للوصول إليه فى القفلة مع أى عدد إذا احتاج لنا‏,‏ فى المساء تعشينا فى القصر الجمهوري‏,‏ وطلبت من الرئيس السلال أن يطلق المعتقلين الشباب الذين طلب المصريون اعتقالهم‏...‏

يونيو‏67
يصل الشيخ إلى ذروة الدراما وبعد أن يحكى عن عدة معارك هنا وهناك‏,‏ ووصول حالة الاحتقان إلى مداها بين السلال والمعارضين له‏:‏ فى صباح‏5‏ يونيو‏67‏ توجهنا إلى مطار بيروت للسفر إلى روما للقاء د. محمد سعيد العطار‏,‏ وعندما وصلنا إلى جوار المطار سمعنا صفارات الإنذار ورأينا الناس يهربون‏,‏ خوفا من غارات إسرائيلية متوقعة على المطار بعد أن سمعوا هجوما إسرائيليا على مصر والأردن‏.‏ عدنا إلى فندق آخر واتصلنا بالأستاذ أحمد جابر عفيف‏,‏ وأخبرناه بما جرى فوعدنا بأنه سيحاول تدبير سكن لنا في‏6‏ أكتوبر‏1967‏ م سافرنا إلى أسمره أنا‏,‏ والولد العقيد أحمد الرحومي‏,‏ ولقينا الولد محمد العنسي‏,‏ وسمعنا من الإذاعات فى هذا اليوم أن القوات المصرية ستنسحب من اليمن خلال 10 أيام‏,‏ كما سمعنا تصريحات لرئيس الوزراء السودانى محمد أحمد محجوب بأنه سيواصل اتصالاته باليمنيين والسعوديين من القاهرة‏,‏ وفي‏9‏ أكتوبر بدأ انسحاب القوات المصرية‏...‏

* عن الأهرام العربى









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة