منذ أن أعلنت مصر فى عام 2005 عن بعض الإصابات بأنفلونزا الطيور فلا يتصور إنسان ما يتعرض له الركاب من الصورة المشينة فى مطار فيينا لكل الطائرات القادمة من مصر، وخصوصا الخطوط المصرية من تفتيش للحقائب عند العودة فى نهاية عطلة الصيف وأمام كل ركاب الطائرات الأخرى، ويتساوى فى ذلك الكل سواء كنت تخفى أولا تخفى فى الحقائب" ما لذ وطاب" بداء من الأفراخ والبط والحمام والأوز واللحوم والمحاشى والمشويات ولا نهاية بالمش والمفسخات!!!
إذا حاولت أن تلتمس العذر لنا المصريين فى أخذ بعض الأشياء أو المنتجات التى تتميز بها مصر ولا تجدها فى أى مكان آخر مثل أنواع من الجبن، البهارات، الحلويات أو حتى الفواكه، لكن ما هو المبرر فى حمل راكبة لكرتونة مملئة بالفسيخ والسردين والليمون الأخضر (البنزاهير) والبصل الأخضر ولقد رأينا كلنا وبأم أعييننا "شوشة البصل" وهى تطل برأسها من الكرتونة ونفذت إلى أنوفنا رائحتها النفاذة لدرجة أن من يرى حجم الكر تونة ويشم رائحتها لايشك لحظة لربما يوجد بها [عيل مقتول] ولا يقل عن ست سنوات كمان!!!.
لقد وصل الحال ببعض المصريين أن يأخذوا معهم أفراناً للخبيز وبوتاجازات مسطحة بالغاز، وأطباق دش حجم 180وسجاد "الصعايدة"، وذلك لرخص أسعارهم وعدم تداولهم فى الأسواق النمساوية.
أكاد أرى وجوهكم المندهشة وعيونكم المفتوحة على آخرها وأسمع الضحكات الرنانة الساخرة والقهقهة من هول ما لا تصدقون.
ولكن ما أكتب عنه يعرفه كل المصريين فى النمسا وبالطبع يراه الجميع شيئا مخجلا ومتخلفا ومهينا لنا فى المطار عند العودة.
إلا أن أصحاب تلك الحمولات لا يشعرون بأى إحراج أو حرق دم أو امتعاض لكرامتهم، مما يرونه من نظرات النمساويين، بل وكل الأجانب وحتى من المصريين بعضنا البعض من وجود الكونترولا: "مذبحة الملذات والهبر" فى المطار وهو الجهاز الذى تمر عليه الحقائب ويكشف ما بها وتفتح الحقائب على مصراعيها ويلقى ما بها من"لحوم ودواجن مذبوحة طبعا" وأجبان فى سلال المهملات، بل ويدفع صاحبها أيضا غرامة لكل كجم 2 يورو (موت وخراب ديار)، ومع ذلك يتكرر كل عام هذا المشهد بكل تفاصيله وألوانه، ولكن مع حيل وخدع جديدة يعجز ويفشل العقل النمساوى على مواكبتها أحيانا كثيرة فى كشف المستور.
هذا ما يحدث فى مطار فيينا ما بالكم بما يحدث فى مطار القاهرة فعند السفر والعودة فى نهاية عطلة الصيف سواء أكان القديم أو حتى الجديد فالزحام وكأنه يوم الحشر. كل الناس تجرى فى كل الاتجاهات والطوابير أمام نوافذ ميزان وشحن الحقائب تمتد بالعشرة أمتار إلى الوراء، والكل على صريخ واحد سواء [الطيارة هاتطلع وتسيبنا]. ومن يزن حقائبه ويكن من ذوى الحمل الخفيف (150 كجم) يكاد يطير من الفرح ليذهب عدوا هو وأسرته إلى طابور ختم الجوازات بعد أن يملأ بيانات ورقية وهو جالس على ركبتيه، ولن أسهب فى باقى التفاصيل الكلاسيكية من مطاردات العمال لأخذ البقشيش(الذى يشترطونه مقدما وبالرقم) ومن المعاملة "الراقية والحالمة والعادلة " لكل الجنسيات من موظفى المطار.
وما يزيد الطين بلة أن هناك دائما الأسوأ فعند الوصول إلى مصر لا تفرغ طائرة قادمة من فيينا حمولاتها إلا وهناك عدد مفقود من الحقائب والتى يتوقف نوعها وعددها على حظك فلو كنت من المحظوظين ستأتى لك الحقيبة (ولو فى قمم) بعد أسبوع وبدون اتصالات مستمرة مرهقة ومكلفة وتجد ما فيها( بقدرة قادرة) اختفى إلى النصف وإن كنت من غير المحظوظين فلن تأتيك الحقيبة أبدا.
المثير للعجب أن هذه التفاصيل المفزعة تحدث كل عام وفى كل وقت صيف شتاء صباح مساء.ألم تسمع حكومتنا الموقرة أن مطار أى دولة هو واجهتها الأوحد والأقوى تأثيراً بلا منازع وأن سمعة خطوطها الجوية من سمعة دولتها وأن أبناء بلدها المهاجرين هم فى مثل مقام الأجانب المرفهين الموقرين.
لقد لمسنا بعض التغييرات والتطورات، ولكن فقط فى تنسيق الكلام المعسول والمظاهر الشكلية والانتقائية وبأنهم فى خدماتنا أربع وعشرين ساعة، ولكن جرب أن تطلب المضيف أو المضيفة مرتين مثلا "سترى ما لا يسرك" من تجاهل ونظرات استعلاء ونفخ فى الهواء من هؤلاء الركاب المصريين المزعجين الذين لا يتفهمون هذه الخدمة الراقية كما لو كنا لا ندفع (باليورو) وأغلى أحيانا من كل خطوط الطيران الأخرى، لكننا نصر عليها لأنها خطوط بلدنا الوطنية.
ونقول لسيادة لوزير الطيران المدنى ما دمت تسعى إلى التطوير والجودة كما تتحدث دائما لوسائل الأعلام.. فأين جودة الخدمة الأرضية بكل أنواعها والخدمة الجوية على الطائرات التى نراها؟ فيما يبدو أنها "مزاجية" ولا تلتزم بقواعد أو لوائح.. ولهذا نرى خدمة على رحلة ما ممتازة، بينما نراها على رحلة أخرى سيئة.. وهل التطوير يشمل الأرضى أم الضيافة؟ فلما لا توضع خطط استرتيجية وطارئة لعلاج المشكلات المزمنة فى المطارات المصرية وخطوط طيارنا الوطنية حتى يتعلم المصريون فن وتعاليم ركوب الطائرات، وتتغير تلك الصورة القاتمة المتكررة للطيران وللركاب فى رحلتنا السنوية فيينا...القاهرة رايح جاى؟؟؟!!!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة