انعقدت جلسة الاستماع الخاصة بحالة حقوق الإنسان فى مصر بمبنى" لونج ورث" بالكونجرس الأمريكى برئاسة جيمس ب.مكغافرن، عضو الكونجرس، وحضور 4 من السيناتور من الحزبين الجمهورى والديمقراطى وعدد كبير من الباحثين والصحفيين الأمريكيين وممثلين لعدد من المنظمات المصرية الناشطة بالولايات المتحدة الأمريكية. هذا كما شهدت الجلسة حضور عدد من الدبلوماسيين المصريين العاملين بالسفارة المصرية بواشنطن، والذين التزموا الصمت التام خلال الجلسة واكتفوا بتدوين الملاحظات.
واتخذت الجلسة الصفة الرسمية الكاملة، حيث جلس السادة أعضاء الكونجرس والشهود فى طاولتين متقابلتين يفصل بينهما سكرتيرة الجلسة، التى كانت تدون كل ما يقال من أعضاء الكونجرس والشهود، لإضافته للسجلات الرسمية للكونجرس الأمريكى. فيما وزع أعضاء المنظمات المصرية منشورات متنوعة على الحضور، بعضها يدعو للإفراج عن الأب يؤنس، وبعضها الآخر ينادى بالديمقراطية فى مصر.
بدأت جلسة الاستماع بمقدمة سريعة من السيناتور مكغافرن، أشار فيها إلى أنه تلقى رسالة رسمية من السفارة المصرية تستنكر عقد هذه الجلسة، حفاظاً على العلاقات الودية بين مصر والولايات المتحدة. وعلق مكغافرن على الرسالة قائلاً، إن العلاقات المصرية الأمريكية هى علاقات تعاون وشراكة، والشراكة تستوجب من الشركاء تبادل النصح والتشاور حول القضايا المختلفة، وخاصة عندما تكون هذه القضايا تخص حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية. ونفى السيناتور أن يكون الهدف من الجلسة الهجوم على مصر، وإنما إعطاء أعضاء الكونجرس الأمريكى الفرصة للاستماع إلى وجه نظر النشطاء المصريين فى المجالات المختلفة، مشيراً إلى أن اللجنة اطلعت على الحالة الراهنة لحقوق الإنسان والأوضاع السياسية فى البلاد بناء على ما جاء فى تقرير حالة حقوق الإنسان لعام 2008، والصادر عن الخارجية الأمريكية.
ورحب مكغافرن، بأعضاء الكونجرس الحضور وكذلك بالشهود، ثم بدأت فعاليات الجلسة، حيث تلا عضوان بالكونجرس كلماتهم الافتتاحية من أوراق معدة مسبقاً ركزت على أوضاع حقوق الإنسان فى مصر، استناداً إلى عدد من التقارير التى تصدرها المنظمات الدولية المعينة بحقوق الإنسان، ومن بينها "هيومن رايتس واتش"، و"مؤسسة العفو الدولية".
هذا كما استمعت اللجنة إلى شهادات حية عن الأوضاع فى مصر، بدأها الدكتور سعد الدين إبراهيم مؤسس مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، حيث أرجع إبراهيم ما رأى أنه تدهور الأوضاع السياسية فى البلاد إلى أمرين أساسيين، هما البقاء فى الحكم فترة طويلة، مشيراً إلى مواجهة الأصوات التى تنادى بتداول حقيقى للسلطة بعنف، وأضاف الدكتور سعد الدين إبراهيم أن السبب الثانى فى الوضع الحالى على الساحة المصرية، هو قمع الحركات المدنية والليبرالية، بحيث انحصرت البدائل، إما فى حكم الحزب الوطنى أو الخضوع لسيطرة التيارات الإسلامية، وعلى رأسها حركة الإخوان المسلمين.
هذا كما وصف إبراهيم الدور المصرى فى القضية الفلسطينية، بأنه يكتفى بالأمنيات الطيبة ليعم الخير والسلام بدون أى حلول عملية على أرض الواقع، مشيراً إلى أن هذا الموقف يعكس رغبة فى الاحتفاظ بدور أساسى فى عملية السلام لاستمرار تدفق المساعدات الأمريكية، دون لعب دور حقيقى وملموس، وقال "لو حدث سلام حقيقى ستتقلص المساعدات الممنوحة لمصر".
ومن جانبه تحدث كميل حليم رئيس منظمة التجمع القبطى بأمريكا مطولاً عما سماه بالتمييز الدينى ضد غير المسلمين فى مصر، وقال إن هذا التمييز يتضح جلياً فى عدد كبير من السياسات اليومية التى تنفذها الحكومة المصرية عن عمد، وضرب المثل على ذلك بقرار ذبح الخنازير، مشيراً إلى أن مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم اتخذت هذا القرار، لأن ملاك الخنازير والعاملين فى تربيتها من الأقباط.
وقال حليم، إن الحكومة المصرية تقتطع جزءاً من أموال دافعى الضرائب المصريين مسلمين ومسيحيين لتقوم وزارة الأوقاف المصرية بتوظيف ودفع رواتب الدعاة والمسئولين الإداريين فى المساجد وتعتبرهم من الهيكل الإدارى للدولة، بينما تتجاهل القساوسة والعاملين فى الكنائس، والذين لا يتلقون أى رواتب من الدولة رغم أنهم يؤدون نفس الوظائف فى المجتمع، كما تطرق حليم أيضاً لما رأى أنها مشكلات تعكس التمييز ضد الأقباط، ومنها عدم تعيينهم فى وظائف حساسة بالدولة، إلا بصورة شكلية وفى حالات بهدف سد الذرائع.
من جهة أخرى أكد أحمد صلاح المنسق السابق بحركة "شباب من أجل التغيير"، والعضو السابق بحركة "كفاية" بحماس شديد على أن شهادته أمام الكونجرس الأمريكى تعتبر بمثابة قرار انتحار بالنسبة له، وقال إنه يعلم التبعات الخطيرة لشهادته تلك عندما يعود للقاهرة، مستفيضاً فى الحديث عن فترة اعتقاله وما تعرض له من تعذيب، حسب تعبيره.
وتحدث صلاح عما وصفه بالوفود شبه الرسمية التى تحضر إلى واشنطن لتصور للمسئولين الأمريكيين، أن مصر تسير فى اتجاه الديمقراطية، مؤكداً على أن الدور الذى تلعبه تلك الوفود هو محاولة تجميل الصورة عن الوضع القائم فى مصر أمام الإدارة الأمريكية الجديدة وأمام الشعب الأمريكى، بينما السياسات الحكومية تسير فى الاتجاه المعاكس، ولا تخدم سوى الفساد أو نمو التطرف والإرهاب، على حد قوله.
وقال أحمد صلاح، إن الشعب المصرى يريد أن يكون جزءاً من العالم الحر، مشيراً إلى أن تقارير حالة الحريات العامة فى مصر، والذى تصدره مؤسسه "فريدم هاوس" الأمريكية أثبت عدم وجود تطور ملحوظ عبر العديد من السنوات فى هذا الإطار. ونقل عن التقرير قوله، إن حرية الصحافة فى مصر تتدهور بشكل سريع، وأن أحوال السجون تحتاج إلى تحسينات، كما أن المعاملة التى يتلقاها المصريون فى أقسام الشرطة مهينة، وغير إنسانية.
تلى ذلك الشهادة الأخيرة وكانت للدكتور أيمن نور مؤسس حزب الغد، والذى فشلت ترتيباته فى المشاركة عبر "الفيديو كونفرنس" فاضطر للإدلاء بشهادته عبر تليفونه المحمول.
وطرح نور فى مداخلته عدة نقاط أساسية بدأها بتوجيه الشكر لما وصفهم بالمدافعين عن الحريات العامة فى الكونجرس الأمريكى والبرلمان الأوروبى، الذين وقفوا بجانبه منذ اليوم الأول لسجنه، مشيراً إلى أنه يؤيد بشكل كامل مشروع القرار "200" لمجلس الشيوخ، لعام 2008، والذى يطالب مصر بتقديم إصلاحات فى مجالى الحريات السياسية وحقوق الإنسان.
وتطرق أيمن نور لأوضاع الأقليات الدينية، واستقلال القضاء، والإفراج عن المعتقلين، داعياً أعضاء الكونجرس الأمريكى لاتخاذ موقف إيجابى مع الشعب المصرى، وقال "إذا لم تكونوا قادرين على المساعدة فى تحقيق الديمقراطية، فلا تكونوا عاملاً مساعداً على استمرار الفساد".
يذكر أن الرئيس مبارك من المقرر أن يزور العاصمة الأمريكية واشنطن نهاية الشهر الجارى بناء على دعوة من الرئيس الأمريكى باراك أوباما، بالتزامن مع زيارة الرئيس الفلسطينى للعاصمة الأمريكية.
سعد الدين إبراهيم وكميل حليم وأيمن نور فى جلسة استماع أمام الكونجرس
السبت، 09 مايو 2009 05:05 م
أعضاء لجنة الاستماع بالكونجرس الأمريكى