فى تعليقها على قرار الحكومة المصرية بذبح الخنازير، أشارت دورية فورين بوليسى إلى الانتقادات والتحليلات الكثيرة التى اتهمت البلاد بالتمييز ضد المسيحيين ومحاولة إرضاء التيار الأصولى الإسلامى، الذى يحرم أكل الخنازير.
وقالت فورن بولسى إنه على الرغم من أن أحدا لا يمكن له إنكار التوترات بين الأديان التى يستغلها بعض الزعماء الدينيين فى مصر والتمييز المؤسسى ضد المسيحيين والموثق جيدا، وفى حين أن حكومة مبارك متهمة بالعديد من الأشياء، إلا أن التمييز ضد المسيحية ليست واحدة منها، فأحد أكثر الشخصيات نفوذا داخل الحكومة المصرية هو مسيحى -مشيرة إلى وزير المالية يوسف بطرس غالى- كما أن عددا كبيرا من كبار رجال الأعمال ذوى النفوذ بمصر هم من المسيحيين، وتؤكد الصحيفة أن استعداء المسيحيين ليس فى مصلحة الحكومة المصرية.
وتدافع فورن بولسى عن قرار الحكومة المصرية بذبح الخنازير على الرغم من خطأه، إذ توضح أن مصر تضررت جراء أنفلونزا الطيور أكثر من أى بلد آخر على مدى السنوات الثلاث الماضية.
ففى غضون الشهرين الماضيين عانت مصر من ارتفاع حالات الإصابة بفيروس "إتش 5 إن 1"، وشهد أواخر إبريل وفاة ثلاث حالات بشرية بالفيروس، كما أنه بين عامى 2006 و2007 اتهم العديد من المصريين الغاضبين حكومتهم ببطء الاستجابة لتلك الأزمة، لذا حاولت الحكومة هذه المرة حماية نفسها من تكرار تلك الاتهامات، وقررت التحرك بشكل حاسم وسريع للتضحية بالخنازير.. فإنه من الأسهل أن تعادى الأقلية لتبرح الأغلبية، كما أن هناك احتمالات بدوافع اقتصادية إذا ما قارنا بين إعدام الخنازير وإعدام الطيور,
فأولا : تلعب صناعة الدواجن دورا كبيرا فى الاقتصاد المصرى أكثر من صناعة لحم الخنزير، كما أنه من الأسهل والأقل تكلفة أن يتم إعدام أكثر من 300 ألف خنزير، بدلا من إعدام مئات الملايين من الدجاج وعدد غير معروف من الطيور البرية التى تهاجر من وإلى البلاد كل موسم.
ثانيا: لحوم الخنازير ليست جزءا هاما فى النظام الغذائى بمصر، حيث يوجد 300 ألف خنزير فقط مقابل 70 مليونا فى الولايات المتحدة، فيما يشكل الدجاج العنصر الرئيسى فى النظام الغذائى المصرى، لا سيما بالنظر إلى ارتفاع أسعار اللحوم .
وأخيرا فإن الانتقادات ستستمر.. ولكن ما هو الدرس المستفاد؟
أولا: إن الإجراءات الحكومية التى تدعو إلى التفسيرات العدائية غالبا ما تكون مجرد نتيجة لاستخدام البيروقراطية فى مقاومتها للأزمات لتجنب انتقادات الرأى العام. ثانيا: حينما يتم تقديم أدلة على أن إجراءات الحكومة متهورة وغير مدروسة، يقوم مسئولو الدولة فى كثير من الأحيان برفع أسلحتهم لتجنب الظهور بالضعف وعدم الكفاءة. وأخيرا وليس آخرا فإن المصريين عامة والفقراء خاصة، يُلتفت بالكاد إلى أصواتهم عند اتخاذ القرارات.
