"الكتابة هى الملاذ الأخير لمن خان"
جان جنيه
تابعت تلاحق أنفاسه على الهاتف.. كنت أجيب على فترات متباعدة بتنهدات تكتم أكثر مما تعلن.. تذكرت أنه ذات مكالمة وهو يمارس عادته فى كشف أركان بيته، أخبرنى أن لخط التليفون جهازى استقبال.. سألته عن احتياطاته الأمنية .. فأكد لى أنه تخلص من الموجود فى الصالة !!
شعرت باغتراب على مكتبه وأمام جهازه.. وببرودة بين كتبه ذات التغليف الفخم.. بعد أن اعتدت دفء غرفة نومه التى فقدت شرعية دخولها.. ولو حتى متنكرة بزى أرقام على شاشة جهازه النقال.
أنهيت المكالمة بصعوبة اقتلاع ضرس سليم.. لملمت مشاعرى.. حاولت ارتداء ابتسامة.. فلم أجد مفرا من أغلال الفكر.."ليس من حقك.. ليس من حقك".
*************
عرفته دائما رجل التناقضات, يحترف الرقص على سلم الكلمات.. يصعد بى إلى سماوات حبه.. ويلقينى بسرعة الضوء إلى أعماق الحيرة.. أبحث عن مكانى فى مداره الذى يشغله قمر غيرى!!
جاءنى صوته قبل زفافه بأيام مجللا بالفرح "وحشتينى.. بحبك.. والله بحبك" .. ذيل ضحكتى.. بدعوتى إلى الحفل" ياريت تيجى" ..
**************
قبل أن أعتاد ظلمة الدور الذى لم أختره.. ألححت عليه ونحن فى إحدى سيارات الأجرة.. نقصد مكاننا المفضل.. أن أراها.. أجابنى بمنطقية سيد الموقف.. "لن تتحملى .. انسى وجودها".. لم تردعنى نظراته التى شفرت تمتمات الإثم" ليس من حقك".
***************
التقينا بعد شهر تمرغ هو فى عسله وترك المرارة فى حلقى.. تبادلنا الأخبار مرتديين قناع البراءة.. أقنعت نفسى بعد أن ربت فوق كفى مودعا.. أنى بيضاء أمام ضميرى الذى بدا لحظتها متعنتا.. يصدر أصواتا مكبوتة بقوة شوقى الذى لم ينطفئ.
***************
نظراته المدججة بالرغبة والإعجاب تنسج حولى خيوطا.. تسلبنى حق تقرير مصير قلبى.. تشدنى إليه كلما حاولت هجر جناتى التى زخرفتها يداه على مدى عامين.. صدفة كان لقاؤنا بعد إحدى محاولاتى.. لم يتطلب الأمر منه سوى النطق بكلمة السر.
" أنتى أغلى حاجة عندى" .. تركته ومخالب الذنب تنهش فى جسد الفرحة العارى.. وصدى الألم يردد "ليس من حقك"
****************
ليلا.. برفقة الوحشة.. امتد جسر بين ضفتى الحرمان والأمل.. أتقلب بين أفكار متشحة بالسواد.. وأخرى تلمع بلون الذهب.. أستند إلى حائط الذكريات.. تضعف سلطة قلبى.. أفك أسر دمعاتى المحتجزات.. استجدى الرحمة من الرحمن.. أتلعثم فى طلب التوبة.. أؤمن على صوت يهمس "ليس من حقك".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة