صور البذخ والثراء الفاحش التى أحاطت بحفل زفاف رجل الأعمال المصرى أحمد أبوهشيمة وهيفاء، جاءت بمثابة استفزاز للمصريين، فى وقت يحلم به العمال فى مصر بالعلاوة السنوية، ولعل هذا التناقض هو ما دفع الرئيس مبارك إلى أن ينبه رجال الأعمال إلى مراعاة شعور الفقراء و»عدم الفشخرة«.
تلك المظاهر وغيرها، كانت سببا فى هجوم حاد على رجال الأعمال الذين ينفقون أموالهم هكذا فى بلد يطحنه الفقر وبه ملايين العاطلين، وهو شعب يشعر بالاستفزاز دائما من رجال الأعمال، كما يقول ناجى الشهابى عضو مجلس الشورى، ورئيس حزب الجيل، مشيرا إلى أن هذا الاستفزاز، ليس فقط بسبب تصرفاتهم وإنفاقهم السفيه، ولكن لأن الحكومة تحتضن جميع مطالبهم المشروعة وغير المشروعة، كما أن موارد الدولة يتم توجيهها لصالح فئة منهم، وقال الشهابى إن الوضع الحالى يذكرنا بالوضع قبل الثورة، حيث كان أحد أسباب انهيار النظام ،هو سيطرة رأس المال على الحكم، أما حاليا فإن أصحاب رأس المال أصبحوا هم الحكام.
ويفسر الشهابى الإسراف الشديد لرجال الأعمال، بأن ثروات بعض من يمارس هذه «الفشخرة» تكونت من نهب ثروات الشعب، وبدون مجهود وبطرق غير مشروعة، وبمساندة حكومية، معلنا أنه سيتقدم باقتراح إلى رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف حول التصرفات الاستفزازية لرجال الأعمال، وكيفية مواجهتها، وذلك من خلال عدة إجراءات تتمثل فى فتح الملفات الضريبية لهم، وهل يسددون ما عليهم من ضرائب أم لا، وتفعيل قانون من أين لك هذا، للذين امتلكوا ثروات طائلة فى وقت قصير ومواجهة ملفات الاحتكار، وتحديد أدوار اجتماعية لهم كما يحدث فى أوروبا وأمريكا، وكما كان يحدث فى مصر قبل الثورة.
النائب المستقل كمال أحمد، أكد أن ما يحدث من بعض القادرين أمام الأغلبية غير القادرة، وأمام طابور عريض من العاطلين، وظروف تعليمية وصحية متدهورة، هى تصرفات مستفزة وغير إنسانية، وهو أمر يهدد السلام الاجتماعى، وهذا معناه أن المجتمع سيدفع ثمن هذا التهديد، ويشير النائب إلى أن أجهزة الدولة يجب أن تبحث عن حقها لدى هؤلاء الذين ينفقون ببذخ، يصل إلى أن يصرفوا على فرح 55 مليون جنيه، وحق الدولة يتمثل فى الضرائب، إذا كان مصدر هذه الأموال التى يمتلكونها مشروعا، ومن مصادر أعمال حقيقية أيضا يتم فتح جميع الملفات مثلا: هل حصل العمال لديهم على جميع حقوقهم من رواتب وتأمينات وعلاج، ومن الضرورى أيضا التحقق من مصادر تلك الثروات، وهل هى ناتجة من غسيل أموال أو تجارة مخدرات أم من أنشطة بريئة.
وأضاف النائب أن مصر ليست ملكا للقادرين فحسب، وإنما هى ملك لكل المصريين، ويؤكد أن البذخ فى الإنفاق يؤكد أن ما ادعته الحكومة من تحقيقها لنمو وصل إلىt %7 لم يصل للناس، وإنما وصل لرجال الأعمال، رافضا التبرير بأن ما ينفقه رجال الأعمال من مالهم الخاص، قائلا إن المال مال المجتمع، وبمعنى أكثر دقة هو مال الله، والإنسان مستخلف عليه، وقال إنه على الأجهزة الرقابية أن تفتح جميع ملفات أصحاب الثروات المتضخمة من الوزراء، وأقاربهم، وأصهارهم، وأصحاب اليخوت والطائرات.
ويرى أن الدولة تشارك فى هذا السلوك الاستفزازى بعدم ترشيدها للإنفاق، فبعد الأزمة العالمية انخفضت الصادرات المصرية بنسبة %25 فى حين زادت الواردات، وهذا يؤكد أن الحكومة ما زالت تتصرف وكأنه لا توجد أزمة مالية.
الدكتور جمال زهران النائب المستقل، قال إن تصرفات بعض رجال الأعمال نسميها فى علم السياسة بالسلوك الاستفزازى، وافتقادهم المسئولية الاجتماعية، وقال إن فرح أبوهشيمة ليس هو السلوك الاستفزازى الوحيد.
وأضاف زهران أن الحكومة هى السبب فيما يحدث، لأنها خلقت طبقة من رجال الأعمال الذين تربحوا وكسبوا بسهولة من خلال إعطائهم الأراضى بسعر خمسين جنيها للفدان، ثم قاموا ببيعها بالمليارات، نافيا أن يكون لمجلس الشعب دور فعال لوقف هذه السلوكيات الاستفزازية لرجال الأعمال، لأن المجلس لا يراقب تصرفات أفراد، ولكنه يراقب أداء وتصرفات حكومة، وهو ما يعجز عن أدائه بشكل حقيقى، نتيجة لوجود أغلبية ميكانيكية مجمعة تحمى الحكومة، ويبدى النائب اندهاشه من أن رجال الأعمال فى أمريكا، مثل بيل جيتس يوجه أمواله لخدمة أعمال خيرية، ونحن هنا رغم ارتفاع نسبة من يعيشون تحت خط الفقر إلى أكثر من نصف عدد السكان، لا نجد رجال أعمال يقومون بهذا الدور لدينا.
أما نائب الأغلبية أحمد أبوحجى فيقول، يجب أن يحاكم رجال الأعمال الذين ينفقون ببذخ، مهما كانت سطوتهم، وأعلن أنه سيتقدم ببيان عاجل إلى رئيس الوزراء خلال الجلسات القادمة لمجلس الشعب، حول إنفاق 55 مليون جنيه على امرأة، مطالبا بفحص ممتلكاته ومصادر ثروته، وداعيا إلى تطبيق قانون «من أين لك هذا» بشكل حقيقى.
بينما يرى الدكتور إبراهيم الجعفرى نائب الإخوان المسلمين، أن بعض رجال الأعمال لهم أدوار اجتماعية ملموسة، أمثال أبوالعينين وفريد خميس وإن كانت الدولة تحاول إظهار هذا الدور، وكأنه «منحة» منهم فى حين أنه حق للمجتمع عليهم، ويعترف أنه شاهد أفراحا مستفزة كثيرة، وأن النقوط فى أفراح علية القوم تصل إلى سيارات وشقق وآلاف الجنيهات، وقال إن التصدى لمثل هؤلاء يكون من خلال الأجهزة الرقابية، مثل الرقابة الإدارية والكسب غير المشروع، والضرائب .
أما نائب الشورى ورجل الأعمال عصام عباس، فيقول: ليس كل الأغنياء رجال أعمال، فلا بد أن نفرق بين أصحاب المال ورجال الأعمال الحقيقيين، فرجل الأعمال الحقيقى، فى رأيه، هو رجل الصناعة والزراعة والتصدير، وهو الذى يؤدى عملا تنتج عنه قيمة مضافة اقتصادية واجتماعية أيضا، ويرى أن رجل الأعمال مطالب بأن يوفر دخلا مناسبا لمن يعملون لديه، وخدمات اجتماعية وصحية مناسبة، وأن يساهم فى تنمية وتطوير البيئة من حوله بأن يساهم فى رصف طريق أو بناء مستشفى أو جامع أو مدرسة أو تنظيف الحى، وينتقد الإسراف ببذخ لبعض ممن يسمون رجال أعمال، لأن هذا البذخ يولد الإحباط لدى المواطنين، خاصة أننا فى مجتمع يعانى مشاكل كثيرة من بطالة وفقر.
الفشخرة سببها الحكومة التى تركت مال الدولة «سايب»يحصل عليه من لا يستحق بالطرق المشروعة وغير المشروعة
نواب البرلمان: سنلاحق رجال الأعمال ونفتح الملفات الضريبية لكل من ينفق الملايين على الحفلات
الخميس، 07 مايو 2009 09:48 م