ثلاث مفارقات اجتمعت فى «القرية البيضا» بغرب النوبارية فى محافظة البحيرة، كانت سببا فى تشريد 35 أسرة وتركهم فى العراء ينتظرون اللحظة التى تنقض فيها يد الحكومة الثقيلة عليهم لتمحو ذكراهم من المكان، المفارقات تمثلت فى أن قطاع استصلاح الأراضى قد وعدهم بتملك هذه الأرض فى حين فوجئوا بوزارة الزراعة ترسل ترسانة من الاتهامات لهدم البيوت فوق رءوس أصحابها وإزالة مساكنهم ونزع الأرض منهم، بينما الثالثة أن نائب هذه المنطقة وممثلها فى البرلمان هو المهندس أحمد الليثى وزير الزراعة الأسبق.
«خميس عبدالجواد الذى يعمل بالزراعة يروى أنه وعائلته يسكنون فى هذا المكان منذ 10 سنوات، على أمل أن يتملكوا الأرض مثلما حدث مع العديد ممن حولهم من القرى، خميس أكد أن الأرض كانت عبارة عن بركة قديمة تم ردمها لتدخل بعد ذلك فى نطاق ما يسمى بـ«مشروع مبارك لإسكان الخريجين» ومنذ أقل من شهر ذهب هو وأهل القرية إلى مكتب الدكتور محمد جمعة مدير قطاع الاستصلاح ليطالبوه بتقنين أوضاعهم وعرضوا عليه أن يقوم كل منهم بشراء الـ100 متر التى يقيم بها هو وأهله، إلا أنه قابل طلبهم بأن وضعه تحت رحمة لجنة لم تشكل حتى اليوم مع وعد بتمليكهم للأرض بينما لا يعرفون مصيرهم.
كان من الممكن أن تنتهى مأساة هؤلاء القوم، ولو مؤقتا، عند هذا الحد الا أن قرارا من السيد أمين أباظة وزير الزراعة كان كفيلا بإشعالها مرة أخرى، فقد فوجئوا منذ أيام قلائل بمجموعة من لودرات وزارة الزراعة تهدم بيوتهم لتجعل عاليها سافلها وتطردهم منها ليصبحوا فى لحظة بلا مأوى.
هذا على مستوى الأهالى، ولكن على مستوى المسئولين اختلف الأمر قليلا، فالأهالى اتهموا نواب الشعب الممثلين عن دائرتهم بتجاهلهم وعلى رأسهم المهندس أحمد الليثى الذى كان وزيرا للزراعة إلا أنه لم يتحرك تجاه قضيتهم ولو بمجرد السؤال، ونفس الأمر تكرر مع نائب آخر يمثلهم وهو النائب عطية مسعود والذى يبعد مسكنه عن القرية مسافة 35 كم اعتقد الأهالى أنها السبب فى اختفاء النائب معظم الوقت باستثناء موعد الانتخابات.
أحمد الليثى وزير الزراعة السابق أكد فى تصريحاته لـ«اليوم السابع» أنه لم يسمع عن المشكلة مطلقا وأن مشروع مبارك لشباب الخريجين لا يوجد فيه تقنين وضع بالمرة، كل ما حدث أن الشباب عجز عن استصلاح وزراعة الأرض مما اضطرهم إلى بيعها للمواطنين بعقود غير شرعية أو رسمية، مقابل مبالغ مالية مغرية، وعندما جاءت لجان وزارة الزراعة للإشراف على ما قام به الشباب اكتشفوا أنهم باعوها لأفراد، وهو ما اضطر الوزير إلى إصدار قرارات بإزالة المبانى والزراعات باعتبار أنهم متعدون على أراضى الدولة ولم يوقعوا أى عقود معها، وهذه مشكلة متكررة. الليثى لم يترك الوزارة دون أن يضع حلولا لهذه المشكلة، ولكنه وحسب تأكيداته لم تنفذ لتركه منصبه قبل ذلك، حيث وضع مقترحا ببيع الأرض لمن حل محل الشباب، لكن بالسعر الحالى وليس بالأسعار التى باعت بها وزراة الزراعة لشباب الخريجين. المهندس محمد حسين مدير المكتب الفنى لمدير قطاع استصلاح الأراضى قال عندما وجهنا إليه التساؤل حول المشردين من الفلاحين أعترف بأن خطة تقنين الوضع تم وقفها منذ 8 شهور تقريبا ولا يوجد تقنين للأوضاع على أراضى الدولة، إلا فى حال انعقاد اللجنة الدورية لمناقشة تقنين وضع اليد دون أن يضع ميعادا محددا لانعقاد هذه اللجنة.
الموظفون بوزارة الزراعة وحسبما يؤكد حسين لم يخالفوا قرارات أو قوانين الوزارة، فهم عاملون بالوزارة، وتم تخصيص جزء لهم من المشروع، أما ما عدا ذلك فهم متعدون ولا صفة لهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة