ليس عيبا أن يمرض المسئولون.. لكن الخطر فى إخفاء الحقيقة

صحة الوزراء «سر» تحفظه مستشفيات الخارج

الخميس، 07 مايو 2009 09:50 م
صحة الوزراء «سر» تحفظه مستشفيات الخارج أحمد نظيف - تصوير أحمد إسماعيل
كتب وائل ممدوح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄أسرار مرض رئيس الوزراء فى «دار الفؤاد» وسفر وزير المالية للعلاج فى الخارج مرتين دون أن يعلم أحد طبيعة مرضه
◄محمد فائق: غياب الشفافية هو السبب وراء إخفاء الملفات الصحية للمسئولين

ليس عيبا أن يمرض الوزراء، لكن العيب أن يتم إخفاء ذلك والتعامل معه على أنه سر حربى، مثلما يحدث مع الوزراء.. وآخر مثال على ذلك رحلة العلاج التى قام بها الدكتور يوسف بطرس غالى، وزير المالية فى سرية تامة إلى إحدى المستشفيات الأمريكية، بداية العام، كان يمكن أن تمر دون أن يعلم بها أحد لولا أن سرب الإعلام تفاصيلها.

الرحلة سبقتها رحلة أخرى قبل خمسة أشهر. ومع ذلك لم يكشف غالى عن مرضه، وهو ما ينطبق على د.أحمد نظيف، رئيس مجلس الوزراء، الذى يخفى معاناته من مشاكل القلب، منذ تولى الوزارة، حتى كشفتها الأزمة القلبية التى تعرض لها بدايات 2006، والتى عولج منها بمستشفى «دار الفؤاد» التى يملكها الدكتور حاتم الجبلى، وزير الصحة، الذى تكتم وتكتم مستشفاه الحالة الصحية لرئيس الوزراء. وهو نفس التكتم الذى غلف حالة د.عاطف عبيد، رئيس الوزراء السابق، ومن قبله د. عاطف صدقى، رئيس الوزراء الأسبق، الذى تدهورت حالته الصحية فى أواخر أيامه بالوزارة، وبعدها حتى رحل.

الخطر فى كتمان ما يخص أمراض الوزراء، أن بعضها يؤثر على أدائهم، وإجراءات «السرية» التى يفرضها الوزراء على مرضهم «سُنة»غير حسنة توارثوها عبر الحكومات المتعاقبة، وسار على نفس النهج كبار المسئولين، مثل الدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، الذى مرض دون مقدمات نهاية العام الماضى، قبل أن تخرج التصريحات الرسمية لتصف حالته بـ «المطمئنة»، والدكتور محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر، الذى تناقلت وسائل الإعلام خبر إصابته بجلطة فى ساقه، قبل أن يتراجع وصفها إلى «التهاب بسيط فى أعصاب الساق اليسرى»، وحتى د.ممدوح البلتاجى الذى حمل 3 حقائب وزارية فى أقل من عامين قبل أن يخرج لأسباب قيل إنها صحية، لم يكشف طبيعة مرضه، ولم يعرف أحد عنه خلاف ما كان معروفا عن الجراحة البسيطة التى أجراها لإزالة تجمع دموى بالمخ، وهو ليس سببا قويا ليحمل البلتاجى لقب «مسئول سابق» لأسباب صحية، الذى لم يحمله غيره منذ قيام ثورة يوليو. يوسف بطرس غالى سافر مرتين فى أقل من ستة أشهر، وبتكاليف بلغت 60 ألف دولار فى المرتين، مازال يعانى من متاعب صحية، هل تنعكس على أدائه الوزارى؟، أم أنها لا تخرج عن إطار «الوعكة الصحية» المشهورة فى مصر، وتستوجب السفر للخارج، لإجراء «الفحوص الطبية»، المصطلح الثانى بعد «الوعكة» فى قاموس صحة المسئولين والوزراء المصريين..

هناك اتفاقا غير مكتوب، يقضى بضم الملفات الصحية للوزراء والمسئولين، إلى بقية ملفات «سرى للغاية». على العكس من مصر فإن صحة المسئولين فى أمريكا وأوروبا معلنة النموذج الغربى قد يبدو مبالغا فيه بالنسبة لواقع الدول العربية، ولمصر خاصه أن الحكومات المتعاقبة لم تشهد تقاعد أى وزير أو مسئول بارز لأسباب صحية، وهو ما علق عليه وزير الإعلام الأسبق د.محمد فايق بقوله: «هذا هو الوضع الطبيعى - فى ظل غياب الشفافية - الذى اصطبغت به الساحة السياسية فى مصر«. فائق يرى أن الوزير أو المسئول الحكومى شخصية عامة، فضلا عن كونه تنفيذيا، توكل إليه مهام، قد تعوقه حالته الصحية عن تنفيذها بالشكل الملائم، وبالتالى فإن صحة المسئولين ليست من الأسرار العليا للدولة، والطبيعى أن يمرض الإنسان، لكن غير الطبيعى أن يخفى مرضه، خاصة لو كان له تأثير سلبى على أدائه المهنى، وينقلنا كلامه إلى كون هذا هو نهج باقى الوزراء وكبار المسئولين. يؤكد على ذلك نص قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 34 لسنة 2009، والذى يحمل موافقة د.نظيف على سفر بطرس غالى للعلاج على نفقة الدولة، دون أن يوضح طبيعة مرضه، أو مدى خطورة حالته، واقتصر على تحديد المستشفى الذى سيعالج فيه، ونفقات العلاج، وقيمة بدلات الوزير ومرافقه. د.عبدالهادى مصباح، استشارى المناعة والتحاليل الطبية، أكد أن الحالة الصحية للمسئول عضويا ونفسيا تنعكس على قدرته على القيام بمسئوليات منصبه. مصباح أضاف أن الجانب العاطفى يغلب على القرار باستمرار المسئول فى منصبه، حتى إن كانت حالته الصحية سيئة، كما حدث مع وزير الرى السابق د.عبدالهادى راضى، الذى تدهورت حالته الصحية بعد إصابته بالسرطان، واستمر فى الوزارة رغم أنه كان يعالج، دون أن يدير أعمالها أو يعلم بما يدور فيها، حتى توفى متأثرا بمرضه عام 1997 وهو فى منصبه.

مصباح أضاف أن الجانب العاطفى يغلب على القرار باستمرار المسئول فى منصبه، حتى إن كانت حالته الصحية سيئة، كما حدث مع وزير الرى السابق د.عبدالهادى راضى، الذى تدهورت حالته الصحية بعد إصابته بالسرطان، واستمر فى الوزارة رغم أنه كان يعالج، دون أن يدير أعمالها أو يعلم بما يدور فيها، حتى توفى متأثرا بمرضه عام 1997 وهو فى منصبه.

«صحيح أنه لا يوجد نص أو قانون يلزم المسئول بإعلان مرضه، لكن هناك تعتيما مبالغا فيه على الحالة الصحية لكبار المسئولين والوزراء».. بهذه الكلمات علق محمد أنور السادات، عضو مجلس الشعب السابق، مضيفا أن أغلب المسئولين الحاليين يعالجون سرا خارج مصر، حتى إن أعلن مرضه فإنه تفاصيل علاجه تظل مخفية خلف عبارة «وعكة صحية» وطالب إرفاق السجل الطبى لكبار مسئولى الدولة ضمن ملفاتهم الوظيفية، وقال «دا الواحد لما بييجى يتقدم لوظيفة بـ200 جنيه بيطلبوا منه تقارير طبية وتحاليل فيروس سى، ولو طلع عنده حاجه بتروح منه الوظيفة».

ويبقى البابا شنودة، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، متفردا بين رموز الدين والسياسة، فهو الوحيد الذى يعلن تفاصيل حالته الصحية كاملة، وليس غريبا أن تجد الجميع على علم باسم مستشفى كليفلاند الأمريكى، الذى يعالج فيه البابا، وبعلاجه من الفشل الكلوى، وآلام العمود الفقرى، باعتبارها حقا طبيعيا للرأى العام.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة