أساتذة النقد والفلسفة أصدروا حكمهم

المذاهب الأدبية والفلسفية بريئة من تهمة التحريض على الإساءة للذات العليا

الخميس، 07 مايو 2009 09:41 م
المذاهب الأدبية والفلسفية بريئة من تهمة التحريض على الإساءة للذات العليا أحمد درويش و منى حلمى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قد يرد البعض على اتهامات رجال الدين للأدباء، بأنها صادرة من أشخاص لا يستطيعون تأويل النصوص الأدبية، وقراءتها فى إطارها الفنى لتجلية الحقيقة من ورائها، وقد يرى البعض الآخر أن أحكام القضاء الصادرة ضد الأدباء، عولت على «مذكرات محامين» أكثر من تعويلها على المنطق الفنى، ولكن بعيدًا عن اتهامات رجال الدين وأحكام القضاء، ودعوات المدافعين عن حرية الرأى، كان لا بد من الرجوع إلى رأى أساتذة متخصصين فى الأدب والفلسفة ليجيبوا عن سؤال: «هل يوجد فى المذاهب الأدبية أو الفلسفية ما يبيح الإساءة إلى الذات الإلهية، أو ما يكون من شأنه التحريض على التجديف فى الأمور الدينية؟».

فى البداية يؤكد الدكتور أحمد درويش أستاذ الأدب المقارن فى كلية دار العلوم عدم وجود شىء اسمه الاجتراء على الذات الإلهية فى المذاهب الأدبية، سواء فى الشرق أو فى الغرب، لافتا إلى أن النقد الأدبى منذ نشأته يفرق بين موضوع العمل الأدبى وقيمته الفنية، مدللا على ذلك بأن النقاد القدماء من المسلمين كانوا يروون شعر الخمر، ويروون ما قيل فى هجاء الرسول، ويحركهم فى ذلك مبدأ الفصل بين الأنماط الأخلاقية التى لا يرضى عنها الملتزمون دينيا، والتقييم الأدبى للنص.

ويوضح درويش أن ذلك هو موقف النقد من الخروج الأخلاقى، مؤكدًا أن الأمر يختلف فيما يخص الإساءة إلى الذات الإلهية، ويقول: «الاجتراء على الذات الإلهية يتم النظر إليه على أنه تعويض من المبدع عن نقص يعانى منه، أو حيلة يلجأ إليها بعض المغمورين لكى يصبحوا مشهورين، أو أنصاف المشهورين لكى يزدادوا شهرة».

ويتابع درويش: «هناك طائفة من الكتاب يسعون إلى لفت النظر إلى أعمالهم، لتتم ترجمتها إلى لغات أجنبية، ويختارون أسهل الطرق، بتضمين أعمالهم أشكالا من الخروج، فى مقدمتها التجديف الدينى، والإساءة إلى الذات الإلهية، ولذلك يكتبون ما يمكن أن نسميه بضاعة للتصدير».

يعود درويش ليؤكد أن «المبدع ليس ممنوعًا من الاقتراب من حدود الفكر الدينى، ولكن عليه أن يتسلح بأدوات الفن وعمق التناول وسعة الثقافة». ويضرب درويش مثلا بقصيدة «ترجمة الشيطان» للعقاد، قائلا إنها تطرح أسئلة فى غاية الجرأة، وتناقش أساسيات فى العقائد، ولكن دون أن يتم النظر إليها على أنها تجديف، بل تأملات فنان مثقف، تنطلق من نقطة تساؤل ربما تقوده إلى مزيد من الإيمان العميق، وكذلك رباعيات الخيام وكثير من الأعمال الأدبية العالمية.

ويتفق مع درويش الدكتور عبد الناصر حسن أستاذ الأدب المقارن فى كلية الآداب جامعة عين شمس، ويؤكد استحالة وجود مذهب أدبى يشجع على الإساءة إلى الذات الإلهية، ويبرر تأكيده بأن العمل الأدبى يرتبط ارتباطًا ما بالأخلاق، لافتا إلى أن الأدب فى الأساس مهمته الرقى بالأحاسيس، وليس إثارة الفتن من خلال المساس بالعقائد الراسخة فى وجدان المتلقى وعقله.

يقول حسن: «هناك بعض الأعمال الأدبية تضطرها المقتضيات الفنية، إلى تصوير موقف قد يحمل شبهة الخروج على الأخلاق أو المعتقدات، ولكنه فى حقيقته يكون موظفًا داخل إطار بعينه، وليس الهدف منه الإساءة إلى الله». ويوضح حسن أن الأعمال الأدبية التى أساءت إلى الذات الإلهية، تأثر أصحابها بمذاهب فلسفية، وليست أدبية، تطرح فكرة عبث الوجود، وهى ما تسمى بالـ«الوجودية الملحدة».

الدكتور رمضان بسطاويسى أستاذ الفلسفة فى جامعة عين شمس يقول إن الله لا يمكن أن يكون موضوعًا للتناول فى الأعمال الأدبية مبررًا ذلك بأن «الله معنوى غير محسوس لا يمكن تناوله فى أداة ملموسة»، مشيرًا إلى أنه من الممكن نقل المبدع لتجليات تجربته الخاصة مع الله فى عمله الإبداعى، بشرط التلويح بالأمر وليس التصريح به، قائلا إن الذات الإلهية خارج المكان والزمان وبالتالى لا يمكن تصورها أو تخيلها داخل إطار الأعمال الأدبية.

أما المذاهب الفلسفية، فكما يقول بسطاويسى أمرها مختلف تماما، لافتًا إلى أن جميعها تحاول البحث عن الذات الإلهية وتقديم أدلة لوجودها، ولا تتناولها لمجرد التناول أو التهكم، يؤكد بسطاويسى أن الفلسفة بمذاهبها تحاول التأكيد على الوجود الحسى للذات الإلهية التى تتجلى داخل كل إنسان. ويختلف الدكتور سعيد توفيق أستاذ الفلسفة بجامعة عين شمس مع ما ذهب إليه بسطاويسى، ويرى أن تناول الذات الإلهية لا يمكن أن يكون قاصرًا على الفكر الفلسفى فقط، قائلا إنها قضية يجب أن يتم طرحها فى الأعمال الأدبية والفنية عموما، مؤكدا أنه لا يمكن تصور عمل إبداعى حقيقى صادق دون تناول الذات الإلهية.

ولكن يوضح توفيق أن تناول هذه الذات دون إبداع وبشكل زائف تسبب فى حدوث اللبس، مؤكدا أن تناولها لا يعنى التطاول عليها، ويقول: «من يتناول الذات الإلهية سواء بشكل فلسفى أو أدبى يتناولها لأنه مؤمن بوجودها ويحاول إما تقديم أدلة على وجودها أو البحث عنها لا الإساءة لها، وهذا هو الأصل فى الفكر الفلسفى».

الدكتورة منى حلمى أستاذة الفلسفة تؤكد ضرورة تناول الذات الإلهية، لكن بشكل مجازى دون تحديد أو مطابقة، وتقول: «لا يمكن فى هذه الحالة اعتبار الأمر إساءة، لأن المذاهب الفلسفية المجردة تدعو لتناول هذه الذات عن طريق الأدب لأنه نص مجازى».

وتدلل حلمى على وجهة نظرها، قائلة إن الإله وهو بالنسبة للإنسان كائن مجرد تماما، تحدث عن نفسه بشكل مجازى فى كتابه وهو القرآن. وتضيف: «ومن هنا، فإن من قدم لنا هذه الفكرة هو الله نفسه، خاصة أن هذا التجريد المطلق للذات الإلهية يفتح بابا لا نهائيا من التخيل والتفكير عن إله موجود بداخلنا بشكل من الأشكال، وبالتالى لابد أن يظهر فى العمل الأدبى سواء أراد الكاتب ذلك أم لا». توضح حلمى أن الأديب عندما يكتب عن الذات الإلهية، يقدم رؤيته ويعبر عن إيمانه ونظرته لهذه الذات بالطريقة نفسها التى قدم بها الله ذاته للإنسان فى القرآن.

لمعلوماتك...
1995سافر نصر حامد أبو زيد إلى هولندا بعد دعاوى تكفيرة






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة