هل الإيمان عدو الإبداع؟ وهل ينوى المبدعون هدم أركان الدين؟ وهل يريد رجال الدين نفى المبدعين؟

الله فى الأدب.. سوء ظن من القراء أم تجاوزات غير مسئولة ؟!

الخميس، 07 مايو 2009 09:41 م
 الله فى الأدب.. سوء ظن من القراء أم تجاوزات غير مسئولة ؟! الروائى التركى نديم جورسل
كتب وائل السمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اليوم يقف الروائى التركى نديم جورسل أمام المحكمة، بتهمة إنكار القيم الدينية فى روايته التى أثارت ضجة كبيرة، والمسماة بـ«بنات الله» وقبله سبق اتهام العديد من المبدعين والشعراء والكتاب والروائيين بتهم مماثلة، سواء فى الداخل أو فى الخارج، فهل الإسلام أصبح مستهدفا من المبدعين إلى هذه الدرجة، وهل هناك معركة حقيقية قائمة بين الأدب والأدباء من جهة، والله والأنبياء من جهة أخرى ؟

الحقيقة أنه فى أحلك اللحظات وأصفاها، يمر «الله» على أذهان المبدعين، لهم فيه ملجأ وملاذ، وبينهم وبينه أحوال ومنادمات وتبتلات، منذ أن خلق الله الأرض، وأنزل الإنسان إليها وبين المبدع والله هذه الإشكاليات، التى تتعلق بالبحث عن الله، والثورة على مستغلى اسمه فى الأمور الدنيوية الزائلة، يعتبر المبدع أن مشكلة الخلق والوجود والبحث عن الله هى مشكلته الخاصة، التى سرقها منه الكهنة على اختلاف أسمائهم، وصاروا متحدثين باسم الله على الأرض، بينما يظل الله فى ذهن المبدع صافيا ورحيما وقادرا وعطوفا، على هذا الأساس نما الفن منذ بداياته الأولى فى أحضان الدين، منه استقى آلياته وعن طريقه عرف القرب إلى الناس، ولهذا اشترك الفن والدين فى أن كلا منهما يثير «العاطفة»، ويشعل الوجدان، ولهذا أيضا قال البعض أن غاية الفن هى محاكاة الطبيعة أى محاكاة خلق الله، وكأن الأعمال الفنية على كثرتها وتنوعها ما هى إلا تسبيح وتأمل فى مخلوقات الله العظيمة، بعض هذه التسابيح كان منظومة على هيئة أنشودة أو ملحمة أو مسرحية، وبعضها كانت مرئية على هيئة لوحة أو تمثال أو مبنى، وعلى هذا الأساس نشأت الحضارات الكبرى يمكن أن ننظر إلى هذه الحضارات الكبرى دون أن نتأمل فى الحالة الدينية التى نشأت فيها وبها ولها. كان الفن فى غاية التصالح مع الدين، أو مع «الله» كما تخيله أصحاب هذه الحضارات، سواءفى مصر القديمة أو فى اليونان صاحبة الإرث المسرحى والفلسفى الغزير، أو فى الشام والعراق، فمن أين نشأت مشكلة المبدع مع الله إذن؟

من الغريب أننا نرى أن نشأة هذه المشكلة كانت مصاحبة لنشأة الدين أصلا، فصاحب كل دين جديد كان ينظر للدين القديم على اعتبار أنه «تخاريف» وأساطير، بينما يرى أصحاب الدين القديم، أن أتباع الدين الجديد ملحدون وكفره وزنادقة، حدث هذا فى كل التاريخ الإنسانى، لم يقتصر هذا على حضارة بعينها أو مبدع بعينه، يشهد على هذا التراث الإسلامى الذى امتلأ بالعديد من الأعمال التى تشتبك وتتصادم مع الموروث الدينى، مثل أشعار المتنبى وأبوالعلاء المعرى، وأبونواس، وأشعار الصوفية، بالإضافة إلى الأعمال النثرية الكثيرة التى تناولت الخلق والجنس والأنبياء بكثير من الجرأة، وفى الماضى القريب، أحدثت عدة روايات وأبحاث وأشعار تصادمات عديدة، من أهمها ما كتبه كل من طه حسين ونزار قبانى، ونجيب محفوظ، ونصر حامد أبوزيد، وحديثا أبطال هذه المعركة، كل من الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى، والشاعر عبدالمنعم رمضان، والشاعر حلمى سالم، والروائى ياسر شعبان، والروائى حامد عبد الصمد، وغيرهم كثيرون، وهذه الظاهرة لم تشتعل فى الوطن العربى فقط، حيث عانى المجتمع الأوروبى من الكثير من هذه التصادمات، وأبرز الأمثلة على هذا، رواية الإغواء الأخير للسيد المسيح لكازانتزاكيس، ورواية الأخوة الأعداء، ورواية أوليسيز، لجيمس جويس، ورواية اسم الوردة لأمبيرتو إيكو، وغيرها أيضا الكثير. ما من رواية أو قصيدة من تلك التى ذكرناها إلا وأحدثت ضجة كبيرة، ظن الناس يومها أن المجتمع توقف، وأن أركان الدين موشكة على الانهيار، لكن فى الحقيقة، مرت المعركة تلو الأخرى، وبقى سوء التفاهم قائما.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة