قد يستغرب القارئ حين يعلم أن باريس فيها مصانع متخصصة فى تصنيع آلة العود، فى الوقت الذى تتلاشى فيه هذه الصناعة وتختفى عندنا.
وبسبب أن العود كان هو الآلة الرئيسية فى الموسيقى الغربية فى العصور الوسطى، فقد أصبحت صناعة الآلات الموسيقية فى فرنسا تسمى «لوترى» أى عوادة نسبة للعود الذى ينطق اسمه بالفرنسية هكذا لوت.
وقد يزول الاستغراب عندما نتذكر أن آلة العود دخلت عن طريق العرب إلى إسبانيا فى القرن التاسع الميلادى، ومنها انتقلت إلى فرنسا وإيطاليا، وانتشرت فى أوروبا كلها، وظلت حتى الآن محتفظة باسمها العربى فى كل لغات العالم، مع قليل من التحريف طبعاً.
لكن العود الأوروبى قطع شوطاً هائلاً من التطور منذ قام برحلته من الشرق فى القرن التاسع الميلادى إلى الآن، بدأ كسلفه العربى بأربعة أوتار، وفى منتصف القرن الرابع عشر زاد وترين، وأصبح ستة أوتار ثنائية، ثم أخذت تزداد بعد ذلك حتى أصبحت أحد عشر وتراً ثنائياً.
هكذا ابتعد العود الأوروبى عبر السنوات والقرون عن سلفه العربى، ولكن المدهش أنه ظل حاضراً حتى الآن، تقام له مصانع، ويتخصص فيه عازفون يتعلمون فى أكبر المعاهد الموسيقية، ليس فى فرنسا فقط، ولكن فى كل أوروبا، ونحن نجد العود فى حفلات الفرق الموسيقية المتخصصة فى تقديم موسيقى العصور الوسطى، فى الأسطوانات والأشرطة، وفى العديد من الكتب التى تقدم عنه.
والغريب أيضاً أننا نجد العود العربى بشكله وبعدد أوتاره موجوداً فى أوروبا، فقد شاهدت مسرحية فرنسية استمعت فيها للعود العربى الذى كان يتخلل فقرات المسرحية، ويفصل بين المشاهد.
لكن العود مضطهد فى وطنه الأصلى ومستبعد الآن من مصاحبة المغنين الجدد، طبعاً لأن الأصوات الحالية لا تتفق مع العود، أو لأن العود لا يتفق معها، والحق مع العود طبعاً.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة