لصوص الروح هم أولئك الأشخاص الذين ينغصون عليك عيشتك ويثبطون من عزيمتك ويخفضون معنوياتك كلما التقيت بواحد منهم.. وهم أشخاص مدمنون للشكوى، لا يعرفون كلمة الحمد لله، ولا يتحدثون إلا عن كل ما هو سيئ فى حياتهم، رغبة فى استدرار العطف أو دفع الحسد، أو بدافع سلوك إنسانى فطرى مجبول على التمرد ومتعود على الشكوى وعدم القناعة.. وإذا نجوت من تأثير هؤلاء وجلست مع أصدقاء لك فى العمل أو على المقهى أو فى النادى أو أى مكان آخر فى مصر المحروسة، وتابعت حديثهم ستجد الجميع يشكون ضيق ذات اليد أو اعتلال الصحة أو عقوق الأبناء، أو يتبارون فى الكلام عن أوجه الفساد الذى عم البر والبحر.. والكوسة والمحسوبية التى حرمتهم من الترقية أو منعتهم من الفوز بمكسب من المكاسب.. المهم أنك نادرا ما ستجد أحدا منهم يتحدث عن خير حدث له أو شىء مفيد ينفعك به، أو معلومة جديدة تضيفها إلى رصيد ثقافتك.. ولن تجد سوى الشكوى والقنوط واليأس والإحباط.. وإذا هربت من ذلك كله إلى مشاهدة برنامج تليفزيونى، فلن تجد أمامك سوى المشاكل من كل نوع.. لا أحد يبشر بأمل فى شىء.. الكل يشكو.. والكل يتبارى فى ذكر العيوب والمساوئ والأخبار التعيسة.. وإذا طاوعت نفسك وقرأت الجرائد فسترفع ضغط دمك بدون فائدة أو مبرر.. لا كلام سوى عن التلوث وجرائم السرقة والرشوة والقتل والاستيلاء على أراضى الدولة والنصب على الغلابة والمرتاحين.. ومن النادر أن تقرأ أيضا موضوعا متفائلا أو مقالا يجد من خلاله كاتبه أى بقعة ضوء ليتحدث عنها.. فالكل يشكو والكل ينعى العروبة والشرف وأيام الزمن الجميل.. والأخطر من ذلك هو جلد الذات المستمر والمبالغة الشديدة فى نواحى القصور لدينا ونواحى التفوق لدى الآخرين.. وهى حرب نفسية نمارسها ضد أنفسنا.. ولا يحلم أى عدو مهما أنفق من أموال بأن يصل إلى نتيجتها الحتمية وهى قتل الأمل فى نفوس الناس وعدم إحساسهم بأى طعم للحياة أو رغبة فيها، وهو ما قد يؤدى إلى الاكتئاب بدرجاته التى قد تصل إلى درجة الرغبة فى الموت والإقدام على الانتحار المادى والمعنوى.
فلماذا نفعل ذلك بأنفسنا، وبماذا يشعر الكاتب إذا سود الدنيا فى وجوهنا، هل هو يبرئ ذمته وخلاص.. أو يحاول أن يقول.. أنا مش معاكم أو أنا أفضل منكم.. ولماذا يسافر الشخص منا إلى الخارج ثم يعود ليعايرنا بفقرنا وعشوائيتنا ويقول.. يا سلام هناك إشارات المرور بتحترم والشوارع نضيفة والدنيا حلوة والناس لطيفة.. طيب وده معناه أيه.. يعنى ماذا نفعل نحن المضطرون للمعيشة فى ظل أوضاع سيئة.. هل نموت غيظا وكمدا.. يا سارقو الأرواح رفقا بنا كرهتونا فى عيشتنا!
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة