سيادة وزير الثقافة فاروق حسنى رفض التعليق على قرار المحكمة بإلغاء ترخيص مجلة إبداع التى يرأس مجلس إدارتها الأستاذ الكبير أحمد عبد المعطى حجازى، ذاكرا أنه لا تعليق على أحكام القضاء والشاعر الكبير الأستاذ حجازى بدأ مقاله السابق لن أعلق بالطبع على الحكم وهذا مردود علية بالآتى:
التعليق على الأحكام القضائية بين الأعراف القضائية وعدم التجريم.
المادة 47 من الدستور تنص على.. "حرية الرأى مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير، والنقد الذاتى والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطنى"، والمادة 19 من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان تنص على.. "لكل شخص الحق فى حرية الرأى والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أى تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية".
وبمراجعة مواد الدستور وقانون العقوبات وقانون السلطة القضائية مادة مادة لم أجد فيها ما يشير أو يمنع نقد الأحكام أو التعليق أو التعقيب عليها، فالمادة 187من قانون العقوبات تتعلق بأمور من شأنها التأثير فى القضاة الذين يناط بهم الفصل فى دعوى مطروحة أمام أى جهة من جهات القضاء أو التأثير فى الشهود لمصلحة طرف فى الدعوى، وهذا فى الواقع العملى صعب تحقيقه، والقاضى الذى سيشعر أنه سيتأثر فليفعل مثلما فعل المستشار قنصوة ويأمر بحظر النشر، وفى رأيى أن القاضى يجب أن ينزه عن تلك الميول البشرية، وهو محكوم أو هكذا يفترض، أولا وأخيرا بنصوص القانون.
ونشر النقد الذى يوجه للأحكام هو مراقبة لها أمام الرأى العام لأن رقابته لا تخل باستقلال القاضى خاصة وأن الأحكام التى تصدر، تصدر بالفعل ووفقا للدستور وفى أعلاها جميعا مقولة "حكم باسم الشعب".
فكيف أكون واحداً ممن تصدر الأحكام باسمهم ولا يحق لى التعليق على شىء يصدر باسمى. أما التعليق على الأحكام القضائية فهو يخالف الأعراف والتقاليد القضائية فقط، وهذا لا يرقى لمستوى التجريم، لأن البعض لا يود رؤية صورته فى مرآة النقد، والعديد من الجهات والمؤسسات خاصة القضائية تتمتع بكم هائل من الحصانات المعنوية التى تمنع الآخرين من انتقادها.
فلماذا نسمح بالتعليق بالإيجاب ولا نسمح بالتعليق بالسلب؟!.. مع أن التعليق على الأحكام القضائية فى وسائل الإعلام يجعل منها منتدى أوسع يطلع فيه رجال القضاء وغيرهم على خبرات ومهارات بعضهم البعض ويرفع من مستوى دراية الشعب بالقانون مما يساهم فى سيادة أنماط أفضل للتقاضى حيث تتداخل خبرات الأجيال مع بعضها البعض ونبلغ الدرجة القصوى من الشفافية التى تؤدى لمنع ضبابية الرؤية والحديث عن الأحكام وعن القضايا يوسع أفق تفكير المواطنين فمثلا فى القضية الشهيرة سوزان تميم تثار تساؤلات قانونية بحتة، ماذا سيكون قرار المحكمة بخصوص الجزئية الخاصة بالتسجيلات الصوتية بدون إذن نيابة, وهى أهم الأدلة، مع صدور حكم نقض فى الآونة الأخيرة يبيح الأخذ بها ومع أقوال المحامى فريد الديب محامى هشام طلعت مصطفى التى تنفى ذلك والتى تؤكد بأن التسجيلات بدون إذن نيابة يؤخذ بها فقط فى حالة البراءة ولا تصلح كدليل فى حالة الإدانة.. تناول هذه الموضوعات أو التعليق على الأحكام يخلق حالة من الحراك القانونى لدى العامة.. أما التعتيم والصمت ربما يكونان أكثر تدميراً لحاضر الأمة ومستقبلها من مادة إعلامية تسعى للتنبيه إلى المخاطر والتركيز على السلبيات ما دام القصد منها تحقيق الصالح العام، والأحكام ليست تنزيلاً إلهيا فهى موضع البشر وكل ما هو بشرى ناقص ويمكن الحديث عنه، و عدم الكمال هو ما يجعلنا بشرا لا نسمو لمرحلة الآلهة، لأن كل بنى آدم خطاء وكل خطاء يجوز بل يجب نقده.. فهى أحكام فى الأول والآخر قرارات بشرية تحتمل الصواب وتحتمل الخطأ.
أليس تعدد مراحل القضاء اعترافا صريحا بأن السادة القضاة ليسوا معصومين من الخطأ ؟.. وإلا فما الداعى للاستئناف والنقض؟
تنص المادة 3 من الدستور على.. "السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات".
إذن السيادة للشعب والأحكام باسم الشعب والضرائب التى يتقاضى منها العاملون بوزارة العدل ومنهم السادة القضاة مرتباتهم تدفع من أموال الشعب ولا يحق للشعب محاسبة أحد، هل هذه معادلة سليمة أو عادلة؟!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة