محمد حمدى

البهائية ليست جريمة

الأربعاء، 06 مايو 2009 01:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ حادثة قرية الشورانية وحريق مساكن البهائيين فى القرية قرأت عشرات المقالات والأراء، منها الكثير فيها اليوم السابع، حول البهائية وظهورها وطقوسها، كما تابعت أيضا ما تقدم به أحد نواب مجلس الشعب لإجراء تعديل قانونى يجرم البهائية، فى الوقت الذى قرأت فيه تصريحا لأحد علماء الأزهر يقول فيه إن البهائية ليست ديانة وإنما عقيدة.

والحقيقة أن قضية البهائية أخذت اهتماما كبيرا جدا، نظرا لاقترانها بأحداث عنف، من ناحية، وبسبب حالة الاحتقان الدينى والطائفى من ناحية أخرى، لكن الملاحظة المهمة التى ينبغى التوقف عندها هى أنه لا يوجد نص قانونى يجرم البهائية، بل والأكثر من ذلك فإن الدستور يحمى معتنقيها.

ولا أريد الدخول فى منطقة الحلال والحرام، فهذا شغل علماء الدين، لكن ما يهمنى هنا هو أن الدستور يمنع تجريم البهائية وأى عقيدة أخرى، استنادا إلى الباب الثالث من الدستور الخاص بالحريات والحقوق والواجبات العامة، حيث تنص المادة 46 على التالى: "تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية".

ووفقا لهذا النص الواضح من الدستور فإنه من حق البهائيين وغيرهم اعتناق ما يرون، وممارسة شعائرهم الدينية بمنتهى الحرية، كما لا يجوز تعرضهم للتمييز استنادا إلى نص المادة 40 من الدستور التى نص على "المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة".

والأهم من ذلك أنه وفقا للدستور يجوز للبهائيين وغيرهم الرجوع على الحكومة قضائيا للسماح لهم بممارسة شعائرهم، والمطالبة بتنفيذ قانون العقوبات على من أحرقوا منازلهم.. ولا يقف الأمر عند نصوص الدستور، لكنه يمتد إلى المواثيق الدولية التى وقعت عليها مصر، ومنها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وكافة المواثيق الدولية المتعلقة بحرية الاعتقاد ومنع التمييز على أساس الجنس أو العرق أو الدين.

ويتضح من هذه النصوص الدستورية والمواثيق الدولية أن أى تعامل قانونى بالمنع أو الحرمان من ممارسة الشعائر الدينية وحرية الاعتقاد، ابتداء من البهائيين حتى الإيموز، هو أمر يعرض مصر لملاحقات أمام المنظمات والمحاكم الدولية.. مما يعنى أننا لسنا أمام موضوع بسيط يمكن حله بالمنع أيا كان، بل إن مجلس الشعب الذى يملك سلطة التشريع لا يمكنه تجريم البهائية وإلا أصبح القانون الذى يصدره مخالفا للدستور ويمكن للمحكمة الدستورية إلغاؤه بمنتهى السهولة.

وفى تصورى أننا أمام ازدواجية كبيرة حتى فى نصوص الدستور نفسه، فرغم المواد التى تنص على حرية الاعتقاد والتعبير وممارسة الشعائر ومنع التمييز، فإن المادة الثانية من الدستور تنص على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، وكما هو معروف فإن الإسلام لا يعترف سوى بالديانات السماوية التى سبقته، بينما لا يعترف بالديانات الوضعية أى التى وضعها البشر مثل البهائية.

وإذا كان الإسلام يوصينا خيرا بأصحاب الديانات الأخرى، فإن المسلمين الأوائل قد حاربوا المرتدين ومدعى النبوة، كما حدث فى قضية مسيلمة الكذاب الذى ادعى النبوة بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام.

هنا تكمن المشكلة وهى أن الدستور نفسه يحتوى تعارضا فى بنوده، ما بين ضرورة الرجوع للشريعة الإسلامية فى التشريع، وما بين ضرورات الحريات العامة والتوافق مع المواثيق الدولية التى تعلو على التشريعات المحلية، وتنص على حرية الاعتقاد بما فى ذلك الديانات والمذاهب البشرية والتى لا يعترف بها الإسلام آخر الديانات.

ومن المؤكد أننا نحتاج إلى حسم هذه الخلافات والتعارض فى الدستور، وإن كنت شخصيا لا أستطيع الاجتهاد فى هذا الموضوع لأنه يحتاج إلى خبرات قانونية ودينية تفوق ثقافتى العامة، لكن إذا لم نحسم هذا الموضوع فستظل قضايا مثل البهائية حاضرة ومثيرة للفتنة دون أن نعرف كيف نتعامل معها.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة