محمد حمدى

أوباما .. وأم الدنيا!

السبت، 30 مايو 2009 12:55 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خمسة أيام تفصلنا عن الزيارة التاريخية المقرر أن يقوم بها الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى القاهرة، حيث سيوجه خطاباً للعالم الإسلامى من جامعة القاهرة، يتوقع الكثيرون أن يكون رسالة سلام وتعايش نتمنى أن تتحقق وتدوم.

مصر زارها العديد من الرؤساء الأمريكيين، لكن ثلاث زيارات تستحق الحديث عنها باعتبارها تاريخية، الأولى قام بها الرئيس روزفلت للمنطقة عقب الحرب العالمية الثانية على متن الطراد كوينسى، حيث التقى الملك فاروق فى عرض البحر قبل أن يبحر بعد ذلك للسعودية.

ومثلت هذه الزيارة التى تمت فى فبراير 1945، بداية للوجود الأمريكى فى المنطقة العربية، سواء للسيطرة على منابع النفط، أو لحصار المد الشيوعى القادم من الاتحاد السوفيتى، وكانت هذه الزيارة بداية لتدخل أمريكى غير مسبوق فى الشرق الأوسط، ساهم إلى حد كبير فى عدم الاستقرار السياسى بالعالم العربى.

أما الزيارة الرئاسية الثانية من حيث الأهمية، فقد قام بها الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون فى 12 يونيو 1974، حيث التقى الرئيس المصرى الراحل أنور السادات، ورغم أنها كانت محاولة لرفع شعبية الرئيس الأمريكى المتندية فى بلاده بسبب فضيحة ووترجيت، إلا أنها فتحت باب المنطقة العربية والشرق الأوسط على مصراعيه لتحول أمريكا من طرف غير محايد فى الصراع العربى الإسرائيلى إلى وسيط وراعٍ رئيسى ووحيد لعملية السلام التى انطلقت بعد ذلك.

ولا تختلف زيارة باراك أوباما عن هاتين الزيارتين، من حيث أنها محاولة لإعادة تسويق أمريكا فى العالمين العربى والإسلامى، وتغيير الصورة الذهنية التى صنعتها الإدارة اليمينية المحافظة طوال ثمان سنوات سابقة كان الإسلام هو العدو الرئيسى للولايات المتحدة.

ورغم الأهداف الأمريكية الواضحة من هذه الزيارة، فإنها من جانب آخر تحمل دعوة جديدة للتعايش بين الغرب والإسلام، يشكك الكثيرون فيها، وإن كنت أرى أن أوباما الليبرالى، ميال بطبيعة تفكيره ونشأته المنفتحة على الآخر للتعايش ومناهضة أية دعوات عنصرية سواء كانت بسبب العرق أو الدين، مما يعنى أننا أمام شخص يريد تغيير العالم الذى يعيش فيه، لكنه يحتاج إلى مساندة من كل المؤمنين بالتعايش والسلم العالمى وحقوق البشر المتساوية.

ومن هذا المنطلق أرحب بزيارة أوباما التى تحمل فى مضمونها الكثير من الرسائل الإيجابية يجب الالتفات إليها، وعدم التغاضى عنها، فليس كل ما يأتينا من أمريكا شر مطلق، ويجب علينا قراءة رسائل أوباما بعقل مفتوح، والتعاطى معها أيضاً دون هواجس أو شكوك أو خلفيات سابقة.

أوباما فى القاهرة اعتراف أمريكى بأن مصر هى قلب العالمين العربى والإسلامى، وهذا الاعتراف المتأخر جداً، يحمل مصر مسئولية كبيرة فى إعادة صياغة محيطها وتشكيله والتأثير فيه، بنشر الوعى بين الشعوب، ومحاربة التطرف والأفكار الظلامية، وإعمال العقل، والأهم أن تكون نموذجاً للديمقراطية التى تنتقل عدواها من القاهرة إلى جميع العواصم المجاورة.

اختيار القاهرة لإلقاء خطاب أوباما فيه صائب جداً، فكل الأحداث والحركات والأفكار المهمة جاءت من مصر، فمنها خرج الإسلام السياسى بتأسيس جماعة الإخوان المسلمين عام 1928، ومنها أيضا انطلقت ثورة يوليو 1952 لتغير ليس فقط العالم العربى، وإنما لتطلق رياح التحرر إلى كل آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ومنها انطلقت عملية السلام اختلفنا او اتفقنا مع ما تم من اتفاقات حتى الآن.

كل هذا التاريخ والدور والمكانة التى نهضت بها مصر فى عالمها على مدار تاريخها يحملها دوراً جديداً يفترض أن تنهض به، لأنه لم يعد مقبولاً قيام دول بحجم فندق كبير بأدوار رئيسية فى المنطقة، بينما مصر هى أم الدنيا.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة