محمد حمدى

عن الأهلى.. والوطن!

الأحد، 03 مايو 2009 01:10 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سقط البطل، أو هكذا يبدو حتى الآن، هذا هو حال فريق النادى الأهلى الذى كان ملء السمع والأبصار طيلة أربع سنوات متتالية، حصد فيها مختلف الألقاب المحلية والقارية، وحقق تاريخياً لم يصنعه غيره فى القارة السمراء، حتى بدأ يفقد توازنه وتلاحقه السهام فى الداخل، والإخفاق فى الخارج، فخرج مبكراً جداً من بطولة الأندية الأبطال الأفريقية، وهو الذى وصل للمباراة النهائية فى السنوات الأربع الماضية وحصد اللقب ثلاث مرات وسقط على ملعبه فى دور الستة عشر.

حال الأهلى لا يختلف عن حال الوطن، أى وطن، فقد ارتفعت أعمار لاعبيه وفقدوا سرعتهم، ومهاراتهم، وتحول مدربهم البرتغالى مانويل جوزيه من مدرب عبقرى، إلى مجرد مدير فنى عادى تكثر أخطاؤه، ويختفى إبداعه، ولا يجرأ أحد على محاسبته.

مشكلتنا فى هذا الوطن أننا نقدس الشخص على حساب المصلحة العامة، وهو ما فعلنا مع مدرب الأهلى البرتغالى، رفعناه إلى السماء، ولم ندرك أن التغيير سنة الحياة، وأن بقاء الشخص فى مكانه لسنوات عدة، مع إنجازات متتالية، يفقده القدرة الصحيحة على رؤية الأمور، ويصبح تشبثه بمكانه، والبحث عن مجد خاص له أهم من مصلحة الفريق أو الجماعة.

وفى الرياضة كما فى السياسة أدرك الناس صعوبة وجود المسئول فى موقعه لسنوات طويلة، لأن سنواته الأولى غالباً ما تشهد ذروة إبداعه واقترابه من الناس، ثم تغيره الأضواء والسلطة والشهرة وتجعله لا يرى سوى نفسه، وفى أحيان كثيرة يتصور أن مصلحته الشخصية هى مصلحة الفريق أو الوطن المسئول عنه.

وقد جربنا لسنوات طويلة كيف بقى رؤساء تحرير الصحف القومية فى مناصبهم لأكثر من عشرين عاماً فتحولت المؤسسات الصحفية القومية إلى عزب خاصة، وفقدت أجيال تالية الأمل فى الوصول إلى القيادة، وكالعادة لم يهتم الجالس على الكرسى فى إعداد من يخلفونه، وحين تركوا مناصبهم فشل كثيرون ممن جاءوا بعدهم فى شغل المنصب فانهارت معظم الصحف القومية.

وما حدث فى الرياضة والصحافة ينسحب بلا شك على السياسة، لذلك أدرك الغرب منذ سنوات طويلة أهمية عدم بقاء المسئول فى منصبه طويلاً، فتم تحديد مدد الرئاسة، أما فى الأنظمة البرلمانية التى يحكمها حزب عبر صناديق الاقتراع فإن المواطنين لا يبقون الحزب فى السلطة طويلاً حتى ولو كان ناجحاً لأن التغيير سنة الحياة كما قلنا.

وفى الأنظمة الملكية، لم يتصور الناس أن يحكم الملك أو الملكة مدى الحياة، فنشأت المليكة الدستورية، أى ملك يملك ولا يحكم، بينما الذى يحكم هو الشعب عبر انتخاب حكامه بالاقتراع الحر المباشر.

هكذا استقرت البشرية فى كل مجالات الحياة على قواعد محددة للإدارة، تحتفل بالبطل والحاكم والمدرب والرئيس الذى يحقق الإنجازات، لكنها لا تبقيه فى موقعه طويلاً، حفاظاً على حق الآخرين فى الوصول إلى نفس المنصب، ولاستمرار الجنس البشرى فى التعبير والابتكار، والقدرة على اكتشاف كل ما هو جديد، وتحقيق إنجازات قد يعجز عنها من جلس فى منصبه طويلاً مثل مانويل جوزيه مدرب الأهلى الذى أخرج كل ما عنده وأصبحنا نحن أبناء القافلة الحمراء فى حاجة لدماء جديدة تواصل المسيرة، وتقدم لنا إبداعاً جديداً ومختلفاً حتى ولو فى كرة القدم.

والتغيير فى جوانب كثيرة يجب أن يعتمد على الشباب التوّاق للمبادرة والقادر على التجريب والابتكار، لذلك ليس غريباً أن تختار مجلة التايم الأمريكية كريستوفر بوول الذى يبلغ الحادية والعشرين من عمره ليحتل المركز الأول من بين مائة شخصية هم الأكثر تأثيراً فى العالم عن عام 2008، وبوول هو صاحب موقع 4chan.org على الإنترنت المتخصص فى عرض الرسائل الإلكترونية ويتصفحه 13 مليون شخص يومياً.

بول ليس حالة فريدة فى العالم فقد سبقه بيل جيتس صاحب شركة ميكروسوفت أغنى رجل فى العالم، والذى وصلت ثروته إلى المليارات بينما لم يكن قد أكمل الثلاثين من عمره، وقرر التقاعد والتفرغ للأعمال الخيرية وهو فى الثالثة والأربعين من عمره.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة