عبد الناصر عبد الرحيم يكتب: هو الحب

الجمعة، 29 مايو 2009 10:47 ص
عبد الناصر عبد الرحيم يكتب: هو الحب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أيتها الشهقة، المندلعة فى عمر الإنسان مرة، حيث يشتعل الهشيم. ثم يتوارى الخوف.. الله، كم يخاف الإنسان، يخاف من الموت، يخاف حتى من الحياة، لكنه بمجرد أن يضطرب الخافق يحل فى الأمان، فيصمد بالحب وحده، مناضلاً عن الحياة.

الحب.. هذه الطقوس الإنسانية التى يؤديها البشر فى كل مكان وزمان، بنفس الخشوع؛ وفجأة تشعر أن التاريخ ليس سوى دمدمة عاطفية.. ليس سوى دمعة نابليون، متلألئة، على صدر حبيبته.. ليس سوى افتتان المعتمد بن عباد بجسد الصبية الريفية الأندلسية، التى منذ وجدها مسترخية كالقطة الوادعة على ضفة الوادى الكبير فى أشبلية، حتى انخطف صوابه، وتلعلع كل ما فى قلبه من أشعار.. ليس سوى كل اللغة العربية التى لولا حساسية ذى الرمة الجمالية التى أرهفها لون (مى) وقد مسه ذهب.. ولولا المغامرة الوالهة التى خاضها وضاح اليمن ليقصف بجنون العاشق مضارب التمنع أو الطبقية.. ولولا انخطاف كل الشعراء الجاهليين، حيث يتلفت القلب مر الطلول، فإذ يشم امرؤ القيس جسمها المعطر بلا عطر ينهبل معظمهم لا بهبل وإنما بالحبيبة التى كان يقبع وراء خصرها الدعس.

الله.. لو لم يكن فى لغتنا العربية كل هذا الجنون، المفتون، المسبى، المنخطف، المتودد، المتفجر بالمرأة، هذا المخلوق الذى افتتن به الإغريقيون، ماذا يبقى فى عروقنا ونحن نفتح بوابة (ديوان العرب) بالحب، لنغلقه بالحب. إن الحب هو المسئول عن ضلالنا، وهو المسئول عن جنوننا وهو المسئول عن غيابنا، وبنفس المقدار هو السبب الأول حين يكون فى ضميرنا ذلك الإشراق الأخاذ عبر هذه الجدلية فى التاريخ والحب، ألا يحق لنا أن نقول: إنه هو الذى يحقق التوازن المتواصل بين الإنسان والطبيعة، بين الذاكرة والتاريخ. ويسألوننى عن الحب، قل ألم يعترك الخوف الآمن أمام شلالها الأسود، أمام عينها الدعج، أمام خصرها الذى يلعثم مفاصلى.
ياخليلى ساعة لا تريما وعلى ذى صبابة فأقيما
ما مررنا بدار زينب إلا فضح الدمع سرنا المكتوما.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة