مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقرر عقدها فى الثانى عشر من شهر يونيو المقبل، أجرت صحيفة لوموند حوارا هاتفيا مع المحامية الإيرانية شيرين عبادى، رئيسة مركز المدافعين عن حقوق الإنسان والحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2003. تطرقت شيرين العبادى خلاله إلى الحديث عن تزايد الضغوط التى تعرض لها المركز على مدار الأشهر الأخيرة، وعن مظاهر القمع والردع التى يعيشها المجتمع المدنى الإيرانى، كما أعربت عن تخوفها إزاء الخطر الذى يهدد احترام الحريات فى إيران.
حول مظاهر القمع التى تتعرض لها شخصيا، أشارت شيرين عبادى إلى الضغوط التى تعيشها فيما يتعلق بظروف عملها، ومنها إغلاق مكاتب مركز الدفاع عن حقوق الإنسان التى تشرف عليه فى 21 ديسمبر 2008، وتفتيش مكتبها ومصادرة جميع أوراقها وملفاتها، وإغلاق بريدها الإلكترونى وكذلك احتجاز سكرتيرة المركز لمدة شهرين، وممارسة ضغوط شديدة على مساعداتيها لتستقيلا من المركز. كما تعرضت شيرين العبادى إلى حملة شرسة من جانب صحيفة Keyhan الإيرانية المتشددة التى اتهمتها بأنها "عميلة للسى آى إيه والصهيونية"، بالإضافة إلى تنظيم مظاهرة ضدها أمام المركز.
أما فيما يتعلق بطبيعة عملها ذاته، تروى شيرين عبادى واقعة قضية الصحفية الإيرانية الأمريكية روكسانا سابيرى المتهمة بالتجسس لصالح واشنطن، والتى لجأت إلى مساعدة شيرين العبادى عند صدور الحكم عليها بالسجن ثمانى سنوات، وكيف أنها لم تتمكن من مساعدتها بسبب فشلها فى الحصول على ملف القضية.
وتخلص العبادى أن جميع تلك المظاهر من ضغط وتحرش إنما تهدف فقط إلى إجبار مركز الدفاع عن حقوق الإنسان، الذى كان يمثل ملجئا حقيقيا لعدد كبير من الإيرانيين، للتخلى عن كفاحه.
وحول رأيها فى محصلة فترة الرئاسة السابقة التى توشك على الانتهاء والتى كان يتمتع خلالها الأصوليون بجميع السلطات، تلاحظ شيرين عبادى انهيارا مستمرا فى أوضاع حقوق الإنسان منذ 2005. وتسوق على ذلك مثال ارتفاع نسبة عقوبات الإعدام فى إيران، حيث لوحظ فى 2008 أن عدد الأشخاص الذين صدر ضدهم حكم بالإعدام قد زاد خلال ثلاث سنوات بنسبة 300%. الأمر الذى يجعل إيران تتفوق حتى على الصين إذا ما قورن عدد أحكام الإعدام فى البلدين: 355 فى إيران حيث يصل عدد السكان إلى 70 مليون نسمة، مقابل 2200 فى الصين (1.3 مليار نسمة).
تضيف شيرين عبادى أن الخطورة الحقيقية تكمن فى إعدام الشباب والقاصرين، حيث سجل العالم خلال ثلاث سنوات 32 حكما بالإعدام، من بينهم 26 فى إيران. ولا يزال حتى تلك اللحظة 138 شابا إيرانيا ينتظرون تحقيق حكم الإعدام عليهم، من بينهم خمس فتيات. إذ تنتظر السلطات أن يبلغ هؤلاء القاصرون المجرمون 18 عاما لإعدامهم، وهو ما يخالف المادة 6 من الميثاق الدولى الخاص بالقانون المدنى والسياسى الذى صدقت عليه إيران فى 1975، والتى لا تعبأ به السلطات الإيرانية.
تعرب شيرين عبادى عن تشاؤمها إزاء هذا الأمر، مشيرة إلى أنها قد قامت، بمصاحبة 20 شخصية إيرانية من بينهم مهدى كروبى أحد المرشحين للرئاسة الإيرانية المقبلة، بتقديم عريضة تطالب بوضع حد لتلك الأحكام. وكانت منظمة الأمم المتحدة قد تبنت قرارا يطالب بإيقاف أحكام الإعدام، لم تصوت عليه من مجموع 192 دولة سوى 46 دولة، من بينهم إيران!!!
وعن أشكال القمع المختلفة التى تمارس ضد المجتمع المدنى الإيرانى، تسوق شيرين عبادى أمثلة وأسماء كثيرة تعرضت للسجن فى قضايا مختلفة تتعلق جميعها بحقوق الإنسان، خاصة تلك الخاصة بـ100 سيدة إيرانية تم الحكم عليهن بالسجن أربع سنوات بسبب مشاركتهن فى حملة تنادى بالمساواة فى الحقوق، بتهمة "المساس بأمن الدولة".
وتذكر عبادى الضغوط التى تتعرض لها الأقليات الدينية فى إيران، مثل البهائيين الذى يحتجز من بينهم سبعة أشخاص منذ عام بتهمة "التجسس". وكذلك تعرض بعض السنة لمضايقات من قبل السلطات واتهام عدد من مجموعات الشيعة التى تنادى بالحوار بين الأديان السماوية بـ"الهرطقة". وهو الوضع ذاته الذى تعانى منه الأقليات العرقية، بالإضافة إلى الأكراد والذى صدر حكم الإعدام ضد عشرة أشخاص منهم.
وأخيرا وحول ما تأمله شيرين عبادى من انتخابات يونيو المقبلة، تؤكد العبادى أن شرعية أى حكومة لا تنبع فقط من الاقتراع العام، وإنما أيضا من احترام المواطنين دون التمييز بين اتجاهاتهم أو دياناتهم. بيد أنه على مدار الأربعة أعوام السابقة، لم تشهد إيران سوى تفاقم أشكال القمع وتقييد الحريات.
شيرين عبادى: إيران تفوقت على الصين فى عدد عقوبات الإعدام
الجمعة، 29 مايو 2009 11:02 م