بالرغم من التصريحات الوردية التى يطلقها مسئولو وزارة التربية والتعليم حول دقة عملية الامتحانات بالمراحل التعليمية المختلفة، نجد أن ظاهرة الغش والتلاعب فى الكنترولات تهدد المؤسسات التعليمية، ولعل ارتفاع متوسط حالات الغش والتى تصل إلى أكثر من ثلاثة آلاف حالة سنويا, خير دليل على اجتياح الفساد لتلك المؤسسات، فقد أصبح الغش ظاهرة، وليس حالات فردية كما يدعى المسئولون بالوزارة.
حالات الغش التى ترد للوزارة تعد أقل بكثير من الواقع , لأن الغش يتم بمعرفة إدارة المدارس نفسها, وذلك خوفًا من تطبيق قرار الوزارة الذى ينص على معاقبة المدرسة التى تقل نسبة النجاح فيها عن %50.التقارير الرسمية بالوزارة، تؤكد أن ظاهرة الغش تكون أكثر شيوعًا فى التعليم الأساسى بمرحلتيه الابتدائية والإعدادية، وأيضًا التعليم الفنى وخاصة فى المحافظات النائية، وأن التعليم الابتدائى يأتى فى المرتبة الأولى فى انتشار ظاهرة الغش، وذلك بسنواته التعليمية المختلفة، وأثبتت الأبحاث الميدانية التى قام بها طلاب العملى بكلية تربية بنى سويف، أن الغش الجماعى يحدث مباشرة عن طريق كتابة الإجابات للطلاب الذين ينقلونها إلى أوراق إجاباتهم ،وبالرغم من ثبوت بعض حالات الغش الجماعى فى كثير من المحافظات مثل محافظة الوادى الجديد، وبنى سويف، والبحر الأحمر، ومرسى مطروح، وأسوان، والفيوم ،وسوهاج، والبحيرة، وأسيوط على مدار الأعوام الأربعة الماضية، إلا أن الوزارة لم تتخذ إجراءات مشددة للقضاء على الظاهرة لاعتبار أن هذه الحالات حالات فردية، ولم تصل لمرحلة الظاهرة، كما عانت المدارس على مدار الأعوام الخمسة الماضية من تلاعب كبير فى أعمال الكنترولات للمراحل التعليمية المختلفة، وقد أثبتت التحقيقات القانونية أكثر من 600 حالة تلاعب فى الكنترولات، أتت على رأسها كنترولات التعليم الابتدائى والفنى فى مراحل النقل, وبذلك لم يقف الغش عند مرحلة إجراء الامتحانات، بل تعدى إلى مرحلة ما بعد الامتحانات.
وبمواجهة المعلمين بهذه الظاهرة، يقول محمد مبروك - مدرس علوم بإدارة ببا التعليمية - إن السبب الرئيسى فى هذه الظاهرة، يعود إلى بعض المعلمين منعدمى الضمير، والذين احترفوا الدروس الخصوصية، ومن أجل نجاح طلابهم بالذات فى مراحل النقل، يقومون بمحاولة تغشيشهم فى اللجان، وإعطاء علامات لهم تميز أوراق إجاباتهم، وأن بعض الإدارات المدرسية تلجأ إلى فرض الغش على المدرسين من أجل رفع نتائجهم، كما أن أولياء الأمور يحاولون الضغط على المدرسين من أجل تسهيل مهمة الغش لأبنائهم.ويضيف خالد حمد سعيد- مدرس بإدارة دشنا التعليمية، إن من العوامل التى تساعد على تفشى ظاهرة الغش, تدخل أصحاب النفوذ من أعضاء مجلسى الشعب والشورى, وأعضاء الحزب الوطنى, لتسهيل الغش كنوع من أنواع الدعاية السياسية لهم خاصة عندنا فى القرى.وتقول نجلاء أحمد - مدرسة بالتعليم الفنى بإدارة السيدة زينب التعليمية - إن ما نتعرض له من ضغوط عندما ننتدب لأعمال الامتحانات بمحافظات قبلى، يجعلنا أمام معادلة صعبة، إما أن نغشش الطلاب، أو نتعرض للإهانة، وتصل فى بعض الأوقات إلى ضرب المعلمين، ولا نجد من يحمينا .ويكشف أنور صلاح الدين - مدرس بإدارة أوسيم التعليمية - أن الغش يعد طوق النجاة أمام الإدارات المدرسية، لأن المدرسة إذا حققت نتائج أقل من %50 يتم تحويلها إلى التحقيق، وبالطبع يطول أذى لجان التحقيق كل كبير وصغير فى المدرسة، وكأن الوزارة لا تريد معرفة المستوى الحقيقى للطلاب.
خبراء التعليم من جانبهم، أكدوا أن الغش ظاهرة أفرزتها سياسة الوزارة الخاطئة، وعن ذلك يقول الدكتور عبد الغنى عبود - أستاذ التربية بكلية تربية عين شمس: - حتى يتسنى لنا تحديد أسباب ظاهرة الغش، لابد أن تعلم أن أسلوب التقويم بوزارة التعليم أسلوب فاشل، وأن الوزارة تلجأ إلى الأساليب الرنانة فى التقويم والامتحانات من أجل الكسب الإعلامى وليس من أجل ازدهار التعليم.