د. خميس الهلباوى

قضية فلسطين بين الجمود ومنطق العصر (2)

الإثنين، 25 مايو 2009 08:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بدأت مقالاتى فى الأسبوع الماضى عن هذا الموضوع، وتوقعت أن تصل التعليقات إلى مستوى الحدث الذى أتكلم فيه، أثنى بهذا المقال لتوضيح بعض ما قد يكون قد غمض على القارئ الكريم.

والقصد من مقالى عن فلسطين وقضية القدس، هو أن الدول العربية والفصائل العربية تكاد تكون قد أضاعت القضية ما بين تصريحات عنترية لا قيمة لها بالنسبة لمصلحة الجانب العربى بقدر فائدتها لمصلحة إسرائيل، فقد ارتفعت حدة المزايدات بين الدول العربية التى تخصصت فى الاتفاق على عدم الاتفاق أبداً بخصوص هذه القضية، والفصائل التى ترفع علم الجهاد تمويهاً لتحقيق أهداف شخصية، وتضيع القدس بين الأصوات المرتفعة التى لا تفعل شيئاً بقدر ما تصرخ وتشجب، وكادت القدس أن تضيع 100%.

وما اقترحه هو سحب القضية أو تحويل القضية أو فعالية القضية ليس إلى المسلمين كديانة، ولكن إلى الدول الإسلامية ككيانات تمثل مجتمعاتها فى منظمة الأمم المتحدة، وتتبنى مشروع تحرير القدس، وكفانا من العرب مهاترات ومزايدات على القضية، وأقصد بهذا أن تنضم الدول العربية إلى مجموع الدول التى تدافع عن حقوق المسلمين فى القدس، ولا تبدو القضية وكأنها قضية مصرية فقط أو عربية فقط أو فلسطينية فقط، حتى تستطيع كل دولة من الدول التى عانت من المزايدات على هذه القضية أن تراعى صالح شعوبها، وأن ترفع عن شعبها الشد العصبى مثل ذلك الذى يعيش فيه الشعب المصرى، منذ أكثر من 60 عاماً.

وتتفرغ الحكومات العربية المختلفة، والحكومة المصرية أولها، لدعم رفاهية شعوبها وعدم الادعاء بأن القضية الفلسطينية تمثل معركة بين الدولة وبين إسرائيل، فقد استنفذت القضية الوقت اللازم للضحك على شعوب المنطقة، وانتهى الأمر إلى الأسوأ وإلى سيطرة إسرائيل على القدس، تحت بصر الدول العربية جميعاً والفصائل التى تسمى نفسها مجاهدة جميعاً، وما أقصده هو استنفار الدول الإسلامية كدول لتولى المهمة شعبياً وسياسياً، وكفى مهاترات.

وها هى الولايات المتحدة الأمريكية تتراجع عن سياستها ضد إيران عندما اكتشفت أن سياستها خاطئة وأصبحت تمس رفاهية المواطن الأمريكى، بينما الحكومة المصرية لا يهمها رفاهية المواطن المصرى، أبدأ لأن الثقافة السياسية فى مصر لا تعترف بالمواطن، منذ أن فقد المواطن المصرى حريته وإرادته حينما سلمها للرئيس جمال عبدالناصر بعد ثورة 1952.

فهل من الممكن أن تقوم القيادة السياسية فى مصر الآن بإعادة الأمانة إلى أصحابها؟، إن حرية المواطن المصرى وكرامته أهدرت بفعل مغامرات ثورة 1952، وتنازل المواطن المصرى عنها لاستردادها بعد تحرير الأرض من الاستعمار الذى جثم على صدره منذ حرب 1967، واستعادت مصر أرضها بفضل الجيش الباسل وكفاح الشعب وقيام الزعامة السياسية بالعمل الجاد على استردادها.

ولكن ومع الأسف استردت مصر أرضها، ولم ترد القيادة السياسية للمواطن المصرى كرامته وحريته التى سلمها للرئيس عبد الناصر يوم التزمت الثورة بتحقيق الأهداف الستة المعلنة من الثورة لصالح الإنسان المصرى، وبهذا يكون الشعب المصرى دائناً لقيادته السياسية باسترداد حريته وكرامته التى سلمها لها من قبل.

صحيح أن الوضع الداخلى محتقن بسبب وجود جماعات مثيرة للقلاقل مثل جماعة الإخوان المسلمين، التى لا تعرف هدفها بالضبط وتسعى للسلطة، وهى لا تعرف أنها تساعد النظام السياسى على الاحتفاظ بحرية الفرد المصرى وكرامته للمحافظة عليهما من جماعات الإرهاب، بوصف النظام السياسى هو الأمين على أمن وحرية وسلامة وكرامة المواطن، ولذلك فإن النظام السياسى يستخدم الجماعات المثيرة للمشاكل كفزاعة للشعب المصرى وكسبب أمام العالم للاحتفاظ فى يدها بكرامة الشعب المصرى وأمنه وحمايته من تلك الجماعات التى لا تستخدم إلا كفزاعة للشعب وهى سعيدة بدورها هذا.

وستظل السلطة السياسية محتفظة فى يدها ولن تسلم الشعب حريته وكرامته وأمنه طالما أن تلك الجماعات تعيش داخل هذا الدولة.

فهل لجماعة الإخوان أن تتخلى عن أهدافها السياسية وتقتصر خدماتها على الدعوة الدينية وأعمال الخير الاجتماعية، وتفوت على النظام أسباب وشماعات استمرار قانون الطوارئ، والقوانين المقيدة للحريات؟؟.

خلاصة القول إن حكومات العالم المتقدم تعمل بصفة أساسية على رفاهية وحرية وكرامة الشعوب التى تمثلها فى حدود المحافظة على أمنها القومى وسلامة أراضيها، فإذا تعارضت سياستها مع هذا الهدف، فلابد أن تعدل من سياستها بإرادتها وبدون طلب الشعب، وبدون خجل عن تراجعها عن ما سبق وأعلنته من سياسات.

ولهذا فالقيادة السياسية المصرية مطالبة اليوم بالتراجع عن الأسلوب الأوحد فى الدفاع عن القضية الفلسطينية، وهو توريط الشعب المصرى فى أن يحمل على كاهله الواجب الأول فى الدفاع عن القضية، ولكن يجب كما نرى تغيير الأساليب بحيث تكون القضية مسئولية الشعوب والحكومات الإسلامية والعربية جميعاً، والتفرغ للبحث عن رفاهية المجتمع المصرى.
ربنا يهديهم.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة