تخيلوا معى صورة لمحافظة مساحتها 43% من إجمالى مساحة مصر وعدد سكانها ربما يتجاوز المليون نسمة بقليل، موزعين على ثلاث مناطق هى: واحة الفرافرة، واحة الداخلة، واحة الخارجة، ويتسمون بالطيبة والإنسانية الشديدة، يعتمدون فى معيشتهم على الزراعة فى ريف أشبه بالريف الأمريكى بألوانه ونظافته، وكذلك الصناعات اليدوية الصغيرة باستخدام خامات كلها من بيئة المكان، وكذلك زراعة الزيتون وعصره وزراعة التمور، يشربون المياه الجوفية العذبة والنقية، ولديهم وعى كبير بالبيئة والسياحة.. وأكثر ما يلفت انتباهك فى السلوك الإنسانى هناك النظافة.
لا يربط هذه المحافظة الكبيرة والهامة بالقاهرة جوا، سوى رحلة واحدة أسبوعية يوم الأحد ذهابا وإيابا تابعة لشركة بترولية، أما شركة مصر للطيران فكانت قد ألغت رحلتين لها لهذه المحافظة فى السابق بدعوى محدودية الركاب.
أما ما يربطها بالقاهرة برا، فطريق طويل ومتعرج، يبدأ من القاهرة حتى الفرافرة بطول490 كيلو مترا تقريبا، ثم أنها إلى الداخلة بطول 300 كيلو مترا تقريبا، ثم أنها إلى الخارجة بطول 190 كيلو مترا تقريبا.
كارثة حقيقية ستحل بالمسافر على هذا الطريق - التابع لهيئة الطرق والكبارى – قبل وصوله بـ 25 كيلو تقريبا إلى الخارجة وهى قضبان سكة حديد، لا توجد إشارات كافية للتحذير منها سوى واحدة، غالبا لن يراها المسافر ليلا بسيارته، وقعت لى هذه الكارثة ولكن الله سلم، والغريب أننى تأكدت من عدم مرور أى قطار على هذه القضبان القاتلة من كل الذين مروا على وأنا بجانب سيارتى المصابة وكانوا يعرضون بطيبة وصدق خدماتهم، حتى أولئك الذين كانوا يقومون بتهريب المواشى إلى أسيوط.
تخيلوا معى هذا الطريق الممتد الذى قد تقطع فيه المائة كيلو مترا لا تجد محطة واحدة للوقود أو أى مرافق خدمية عليه.
وتخيلوا معى جبال الحديد العملاقة التى لا تنقطع عن نظرك طوال الرحلة، تخيلوا أيضا جمال الصحراء البيضاء التى يأتيها الأجانب من كل حدب وصوب.
وتخيلوا معى ذلك الوعى البيئى الشديد المتجسد فى الفنادق البيئية التى بعضها احتل المركز الأول على مستوى العالم وهو فندق (ديزيرت لوج) وتلك العيون الكبريتية التى تمثل قبلة لمرضى العظام وغيرهم.
ثم تخيلوا تلك المنتاجات اليدوية من أربيسك النخيل والملابس والحلى والحصر والسجاد المكدسة فى مخازن الجمعيات الأهلية والمراكز التدربية دون تسويق لها.
تخيلو كل ما سبق فى وجود 44 مليون جنيه فقط هى مخصصات هذه المحافظة من ميزانية الدولة.
أدعوكم لزيارة قرية القصر الإسلامية الأثرية المبنية من الطين والتى يرجع عمرها إلى سنة 50 للهجرة، والتى تخضع لإشراف المجلس الأعلى للآثار، لن تجد سائحا مصريا واحدا، لكنك ستجد العشرات منهم من الأجانب.
وأدعوكم أيضا لزيارة منطقة البجوات فى الخارجة، وهى منطقة أثرية بنيت على أنقاض مدينة رومانية قديمة وبها دير يرجع عمره إلى حوالى 2005 أعوام، وهى متاخمة لدرب الأربعين، الطريق القديم الذى يربطنا بالمغرب العربى والسودان،
لا تنسوا تذوق التمور بأنواعها وشرب عصير الدوم الرائع.
فرقة الفنون الشعبية هناك وعلى رأسها الفنان /حسن ناجى، ستمتعكم بكل ما تقدمه من ألوان شعبية خاصة أغانى الأفراح ورقصاتها.
قابلت بعض الفتيات فى مقر الجمعية العلمية فى الخارجة والتى تقوم بأنشطة مميزة وبحضور السيد اللواء أحمد مختار، محافظ الوادى الجديد، الرجل وضع يدى على عوائق هامة لتنمية الإنسان هناك، من أهمها ارتباطه السلبى بالمكان وبعده عن حب التغير والاكتشاف، وكذلك ميله للعمل الحكومى بأجره الزهيد حتى لو خير بينه وبين عمل خاص يدر عليه المال الوفير.
مواطنو محافظة الوادى الجديد طيبون يستحقون مشاريع تنموية أكبر وبنى تحتية تتمثل فى طرق جديدة ورحلات طيران أكثر ومشاريع صرف صحى وكهرباء وغاز طبيعى وخدمات طبية.
سؤالى: أين ممثلو هؤلاء المواطنين فى مجلس الشعب؟؟؟؟؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة