محمد حمدى

ريشة على رأس الجبلى

الإثنين، 25 مايو 2009 01:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الدكتور حاتم الجبلى وزير الصحة طبيب شاطر جداً، ومستثمر أكثر من ناجح، يشهد على ذلك مستشفى دار الفؤاد، ذلك الصرح الطبى الكبير الذى أقامه فى السادس من أكتوبر، وربما كان سبباً فى اختياره وزيراً للصحة، حتى يحول مستشفيات مصر العامة إلى ما يشبه مستشفاه الاستثمارى الخاص.

والحقيقة أننى أتحفظ من حيث المبدأ على توزير رجال الأعمال، خاصة فى مجال استثماراتهم، كأن يصبح صاحب مستشفى وزيراً للصحة، وصاحب توكيل سيارات وزيراً للنقل، وصاحب شركة سياحة وزيراً للسياحة، لأنه فى هذه الحالة لابد من تعيين عبده البقال وزيراً للتموين لخبرته الطويلة فى التعامل مع أصحاب البطاقات التموينية، ولأن مثل هذه الاختيارات تغتال مبدأ قانونياً مهماً اسمه عدم تضارب المصالح.

ولكن لأن حكومتنا السنية تبدو مصرة على اختراق جميع المبادئ العامة للحكم، وتحطيم القوانين، وضرب المثال تلو الآخر فى الابتكار غير القانونى، فقد رأيت انتظار التجربة لعلها تثبت خطأ العالم كله أمام الشطارة و"الفلحصة" المصرية، لكن كالعادة خيبت الحكومة ووزراؤها رجال الأعمال كل الظنون.

فيما يخص وزير الصحة، لا تزال مستشفياتنا العامة أقرب إلى المراحيض العامة منها إلى مستشفى دار الفؤاد، وأتوقف أمام خبرين فى يومين متتالين، الأول نشرته "روزاليوسف" أمس حول مريضة دخلت المستشفى لتركيب "لولب"، فاستأصلوا أمعاءها وأصيبت بثقب فى الرحم، أما الخبر الثانى فقد نشرته "الوفد" قبل ثلاثة أيام عن التهام الفئران جثة طفل فى مشرحة عامة، ومن يتابع الصحافة بشكل عابر سيقرأ يومياً مثل هذه الأخبار التى تؤكد استمرار الإهمال فى القطاع الصحى بشكل لم يعد مقبولاً على الإطلاق.

ولأننى ما زالت أتمتع بنية حسنة، وأثق فى السادة الوزراء فقد التمست الأعذار لوزير الصحة، فالرجل فوق رأسه مصيبة أخرى وهى أنفلونزا الخنازير، وهو يصل الليل بالنهار حتى لا تدخل مصر، لأنها لو حضرت ستستوطن كما فعلت أنفلونزا الطيور، ومن ثم تتحول إلى وباء، ومن هنا فإن درء الخطر مقدم على جلب المنفعة.

والحقيقة أننى صدقت تصريحات الدكتور الجبلى عن الإجراءات التى تتخذها وزارته، كما صدقت من قبل جميع الإجراءات الحكومية لمكافحة أنفلونزا الطيور، حتى اتضح أنها كلام فارغ، حتى فوجئت بالجبلى وهو يرفض دخول الحجر الطبى لدى عودته من الخارج، والخضوع للفحص الواجب تطبيقه على كل مصرى أو وافد من دولة ظهر بها الفيروس.

الغريب أن الجبلى نفسه صرح قبل أيام، أنه ستتم تطبيق نفس الإجراءات على كل إنسان مهما كان، حتى الوفد المرافق للرئيس الأمريكى باراك أوباما خلال زيارته لمصر، لكن بما أنه استثنى نفسه من الإجراءات الصحية، فإننا أمام مجرد كلام والسلام، وتصريحات إعلامية لا أكثر ولا أقل، مما يعنى أن علينا تحضير أنفسنا بشكل جدى لأنفلونزا الخنازير، ولأى وباء أو مرض يظهر فى العالم، لأن الريشة التى وضعها وزير الصحة على رأسه، لن تقتصر عليه وستنتقل منه إلى آخرين حتى تتحول الإجراءات الصحية الوقائية إلى حبر على ورق كالعادة.

الغريب أنه بعد هذه التصرفات، والتصريحات الحكومية الوردية، والتصرفات غير المسئولة، يتساءل المسئولون لماذا لا يثق المواطنون بالحكومة؟

من يسألون هذا السؤال يتعاملون معنا وكأننا من كوكب آخر، مطلوب منا أن نحترم القانون بينما هم يدوسونه بأقدامهم، وأن نلتزم بالإجراءات والقرارات الوزارية التى لا ينفذها من أصدرها، وهذه مصيبة المصائب!









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة