نشر موقع الجماعة الإسلامية مقالاً للكاتب هشام النجار تحت عنوان "اليوم السابع وأزمة الضمير الصحفى"، هاجم فيه بضراوة تحقيق الزميل أحمد رفعت المنشور على صفحات "اليوم السابع الأسبوعية"، "قيادى سابق فى الجماعة الإسلامية يقول فى كتاب منعه الأزهر ورفضته دور نشر عديدة: بوذا نبى والبوذية والهندوسية ديانات سماوية"، وعملاً بتأكيد قيمة الحوار ننشر مقال النجار كاملاً، التفاصيل..
يوم الخميس الماضى نشرت جريدة اليوم السابع لأحد كتابها ويدعى أحمد رفعت، تحقيقاً بعنوان "قيادى سابق فى الجماعة الإسلامية يقول فى كتاب منعه الأزهر ورفضته دور نشر عديدة: بوذا نبى والبوذية والهندوسية ديانات سماوية".
وبعد أن منح كاتب التحقيق صفة "قيادى سابق بالجماعة الإسلامية" لمؤلف الكتاب الممنوع من النشر، جعل تخاريفه وترهاته وانحرافاته الفكرية والعقدية جزءاً من مراجعات الجماعة الإسلامية؛ فيقول أحمد رفعت فى بداية التحقيق: "لم تتوقف مراجعات أعضاء وقيادات الجماعة الإسلامية عند حدود الجهاد والخروج على الحاكم وأحكام غير المسلمين إلى أطروحات فقهية تعكس تحولاً فكرياً وفقهياً لا مثيل له فى تاريخ هذه الجماعات".
كنت أنتظر بعد هذه المقدمة للتحقيق أن يعرض لنا هذا الصحافى بجريدة اليوم السابع كتاباً لأحد قادة الجماعة الإسلامية وأحد مفكريها المعروفين والبارزين، يدلل به على أن الجماعة لم تتوقف مراجعاتها عند حدود الجهاد والخروج على الحاكم وأحكام غير المسلمين فحسب.
كنت أنتظر أن يدعم فكرته ومقدمته بعرضه لأحد كتب الدكتور ناجح إبراهيم أو الشيخ أسامة حافظ أو الشيخ عصام دربالة أو الشيخ عاصم عبد الماجد أو الشيخ على الشريف أو غيرهم من المفكرين والعلماء المعروفين داخل الجماعة، كالشيخ عبد الآخر حماد أو الدكتور صفوت عبد الغنى أو الشيخ على الدينارى أو الشيخ محمد يحيى أو غيرهم.
كنت أنتظر من كاتب التحقيق، أن يدلل على مقولته تلك فى بداية تحقيقه من خلال جمعه لمادة صحفية مميزة، تتضمن مقتطفات من المقالات والدراسات والأبحاث والحوارات المنشورة على موقع الجماعة الإسلامية على النت.
كنت أنتظر منه أن يدلل على ما قاله من خلال عمل لقاء أو حوار صحفى مميز مع أحد قادة الجماعة كالشيخ كرم زهدى أو غيره من القياديين والعلماء والمفكرين المعروفين.
ولكن ما حدث غير ذلك تماماً، فقد عمد أحمد رفعت الصحافى باليوم السابع إلى حزمة من التخاريف والانحرافات والخزعبلات والترهات التى تعافها سلال المهملات والنفايات، وألصقها بمراجعات الجماعة الإسلامية الفكرية والفقهية!.
أراد هذا الصحافى أن يقنع قراء الجريدة باستخدام العناوين البراقة والمانشيتات المثيرة، أن هذا الغثاء هو آخر ما تفتقت عنه عقول قادة الجماعة الإسلامية، وأن هذا الانحراف العقدى والتشوه الفكرى جزء من مراجعاتها التاريخية.
أراد أحمد رفعت، أن يقنع القراء بأن هذا الغثاء كتبه أحد قادة الجماعة السابقين، فاخترع اسما جديداً وأضفى عليه النجومية ومنحه صفة "قائد سابق"، وما أكثر القواد السابقين عند صحفيى الإثارة الفارغة! ولا حول ولا قوة إلا بالله.
فماذا يقول نهرو طنطاوى؟! ونهرو طنطاوى يا سادة هو القائد السابق من قادة الجماعة الإسلامية، بحسب اليوم السابع، لمن لم يتشرف بمعرفته منكم!!، وهو فى الحقيقة معتقل سابق كان يتبع جماعة التكفير والهجرة ثم تركها إلى حيث هو الآن ولا علاقة له بالجماعة الإسلامية من قريب أو بعيد، ولم يكن يوماً قائداً من قادتها ولا فرداً من أفرادها.
ماذا يقول نهرو "ذلك المجهول الذى لا يعرفه أحدنا كعضو سابق، فضلاً عن قائد سابق" فى كتابه المثير الذى احتفى به صحافى اليوم السابع، والذى وضعه فى سياق المراجعات، والذى اعتبره "يقدم اجتهاداً جديداً استخدم فيه المنهج الاستقرائى التاريخى"، كما يدعى أحمد رفعت!.
استمعوا إلى ما يقول "سى نهرو" القائد السابق فى مراجعاته:
استعدوا يا سادة لتلقى الهامات واجتهادات مسيو نهرو، فالقائد السابق قد أتى بما لم يأت به الأولون، وقرر أن الديانات الأرضية ما هى إلا ديانات سماوية!! إذ كيف (يكون الله سبحانه وتعالى إلهاً لمنطقة الشرق الأوسط فقط تاركاً أمماً وشعوباً ًتفوق فى سكانها وأرضها أمم وشعوب الشرق الأوسط؟).
ويبلغ سوء الأدب بهذا النهرو مع رب العزة والجلال أن يقول: (ليس من العدل أن تعيش أمم كبيرة آلاف السنين دون رسول واحد ثم يتوعدها أتباع الديانات الأخرى بجهنم وبأس المصير).
ويدعى مؤلف الكتاب الذى احتفت به اليوم السابع كعادتها دائماً مع مشوشى الفكر ومنحرفى العقيدة من القرآنيين وغلاة الشيعة، وكعادتها من فتح أبوابها ونوافذها لمن لا يريد لهذا الوطن الاستقرار والأمن كغلاة أقباط المهجر، يدعى هذا النهرو، أن مصدر كل ديانات الأرض – سماوية أو وضعية – واحد، وهو الله الموجود فى الفطرة البشرية.
ويحاول نهرو - بأسلوب يثير الضحك ومنهج استدلال يثير الشفقة – إثبات النبوة لبوذا وكونفوسيوش وزرادشت، بل يصل به جنونه وجرأته وتطاوله إلى حد تشبيه بوذا بالرسول محمد (صلى الله عليه وسلم)، فيدعى أن سيرة بوذا وتاريخه وأفكاره مشابهة لسيرة وتاريخ وأفكار رسول الإسلام عليه الصلاة والسلام!!.
وليس هذا فحسب، بل تجاوز هذا الحد وراح يقارن ويشبه تعاليم بوذا بآيات من القرآن الكريم، فيأتى ببعض أقوال بوذا وبما يماثلها من كتاب الله عز وجل.
نحن هنا لسنا فى معرض الرد على ما جاء فى كتاب هذا الغرير الباحث عن الأضواء والشهرة بأية طريقة كانت، ولو كان بهذا الفكر الشيطانى وهذا الاعتقاد الفاسد الذى يسميه صحافى اليوم السابع اجتهاداً اعتمد على المنهج الاستقرائى التاريخى، والذى قدمه على أنه جزء من مراجعات الجماعة الإسلامية!!!!.
وحسبنا قول الشاعر :
وما يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه
نحن هنا فقط لبحث أزمة الضمير الصحفى التى تعانى منها كثير من الصحف المصرية اليوم.
فأين الأمانة المهنية؟ وأين الحرية التى تتمتع بها الصحف المستقلة؟
حرية الصحافة يا أصحاب الصحف المستقلة ليست فقط حرية انتقادك للنظام الحاكم، أو حرية تناولك لأداء الحكومة، وليست هذا السقف المرتفع الذى يمنحك الحق فى انتقاد من تشاء من رموز السلطة.
بل الحرية أشمل وأكبر من هذا المفهوم القاصر، إنها التحرر من سيطرة رأس المال الذى يوجه الصحيفة بكتابها ومحرريها، ويجعلها عبدة ذليلة لأفكاره وثقافته وانتمائه وعقائده وأيدلوجيته، وخطه السياسى والفكرى.
وهذه مشكلة أساسية تعانى منها كثير من الصحف المستقلة وليست اليوم السابع فقط؛ فما قيمة أن أكون حراً فى انتقاد النظام الحاكم ورموز السلطة فى مصر – وهذا ليس عيباً – فى حين تكون الصحيفة بتحقيقاتها ومقالاتها وطريقة عرض أخبارها وحملاتها الصحفية، مبرمجة لخدمة أهداف وأفكار رأس المال الممول لها، مما يكبل حريتها فى اتجاه انتقاد جهات ومنظمات ومؤسسات وهيئات بعينها، تلك التى يمنع صاحب رأس المال مسها بسوء، وهذا هو "العيب ذاته".
هذا الوضع المقلوب الذى تحياه بعض الصحف المستقلة يؤثر بشكل كبير على مصداقيتها ويجعلها ترى بعين واحدة، ويجعلها تمارس نوعاً نادراً عجيباً من الحرية العرجاء التى تمشى على ساق واحدة، ويدفعها لتشويه صورة الوطنيين الشرفاء المشفقين على الوطن، فى مقابل إعلاء شأن مثيرى الفتن ومشعلى الحرائق ما داموا على هوى ومزاج ممولى الجريدة والمسيطرين عليها.
جريدة اليوم السابع دأبت على تشويه صورة الجماعة الإسلامية، ودأبت على المغالطة وخلط الأوراق عند تناول أى شأن يخص الجماعة، وهذه ليست المرة الأولى التى تتعمد فيها الجريدة هذا الأمر.
أما غلاة أقباط المهجر وغلاة الشيعة والقرآنيين فهم على العين والرأس لا يجوز مسهم بسوء، ولهم كامل الحرية فى عرض أفكارهم الهدامة ونشر معتقداتهم الشاذة، ولهم كامل الحرية فى الهجوم على ثوابت الدين وتقاليد المجتمع المصرى المسلم.
فهل هذه هى حرية الصحافة التى تؤمن بها اليوم السابع ومثيلاتها من الصحف المستقلة؟، وهل الحرية تتجزأ؟.
وماذا لو خالفت الجريدة وتعرضت للمحرمات التى حددها الرأس الممول بالنقد المباح؟ ماذا سيكون مصير المحرر أو الكاتب الذى خالف سياسة الجريدة وإستراتيجيتها؟.
وإلى متى ستظل تلهث هذه الصحف وراء الإثارة بغرض زيادة التوزيع؟.
وإلى متى ستظل خاضعة لمبدأ الربح والمكسب، كأن الصحافة مشروع استثمارى لا شأن له بالأخلاقيات، وكأنها فقدت مصداقيتها وتخلت عن رسالتها المهنية.
لهذا نلمس الجدية والنشاط الملحوظ الذى لا يهدأ ولا يعرف الراحة فى ممارسة تزييف الحقائق وخلط الأوراق تحت عناوين مثيرة ومانشيتات مبهرة جاذبة؟.
ولهذا نفتقد فى كثير من صحفنا المستقلة الاستقلالية التامة والشفافية الكاملة والحيادية الشاملة والحرية المطلقة.
فأين هى تلك القواعد المهنية الأصيلة لمهنة الصحافة التى تدعونها أيها القائمون على اليوم السابع؟، وأين المصداقية المطلقة وأين شفافية المعلومات؟.
ألا يجدر بكم أن تعودوا إلى قادة الجماعة الإسلامية وعلمائها المعروفين قبل أن تنشروا هذا الغثاء وتلصقوه بمراجعاتها؟.
ألا يجدر بكم التثبت من أصحاب الشأن؛ بأن تسألوهم: هل هذا من مراجعاتكم؟، وما موقفكم من هذا الكتاب؟، وماذا تقولون فى مؤلفه الذى يدعى أنه قائد سابق من قادة الجماعة؟، وما تعليقكم على الكتاب وما جاء فيه من أفكار وأطروحات؟.
ثم تنشر ملاحظات وتعليقات قادة الجماعة وعلمائها فى مقدمة التحقيق أو فى ذيله.
ألا يجدر بكم – من باب الأمانة المهنية – أن تعطوا لمراجعات الجماعة الإسلامية ومبادرتها التاريخية لإنهاء العنف فى مصر حقها وتضعوها فى مكانتها اللائقة بها، بدلاً من هذا العرض الهزلى الساخر، الذى يصور الجماعة لقارئى الجريدة وكأنها قد تراجعت عن إيمانها الصحيح وعقيدتها النقية وأصولها الثابتة؟.
هذه هى الأصول والمبادئ الصحفية كما تعلمناها، وأظن أن القائمين على صحيفة اليوم السابع ليسوا فى حاجة لأحد لكى يعلمهم ويذكرهم بتلك الأصول والمبادئ.
مازلت مؤمناً بضرورة وجود صحف مستقلة قوية رصينة تملأ الفراغ الإعلامى بشفافيتها وحياديتها وصوتها المعارض القوى وانحيازها لعامة الشعب.
وأنا - للإنصاف – أحيى فى اليوم السابع شقها الإخبارى القوى الذى أجد فيه ما لا أجده فى كثير من الصحف، والذى يتميز بالسرعة والسبق خاصة فى ركن الثقافة.
أما الصحيفة التى أردت الثناء على رصانتها وحياديتها وشفافيتها وانحيازها إلى الحقائق واحترامها لعقل القارئ واحترامها لقيم وتقاليد المجتمع المصرى المسلم، وابتعادها عن الإسفاف ونشر الصور العارية، فهى صحيفة الشروق المستقلة الوليدة، التى أقدمها لصحفنا المستقلة الأخرى كنموذج يقترب من المثالية ليقتدوا به ولينسجوا على منواله.
وفى الختام أقول لليوم السابع :
مارسوا حرية الصحافة كما يجب وكما ينبغى؛ تلك الحرية المسئولة المنطلقة فى جميع الاتجاهات، التى لا تحدها حدود ولا تكبلها قيود مهما كانت الإغراءات المادية ومهما كانت الضغوط من المهيمنين على الجريدة، فالمصداقية والشفافية هى التى تبقى.
مارسوا حرية الصحافة، ولكن لا تنظروا بعين واحدة ولا تسيروا على قدم واحدة، فنحن نريد لكم ولنا ولكل الصحف ووسائل الإعلام المقروءة والمرئية حرية سليمة صحيحة متعافية وليست حرية سقيمة عمياء عرجاء.
احرصوا على المصداقية والشفافية وعودوا دائماً لأصحاب الشأن وتحروا عمن تنقلون عنه أخباركم.
الجماعة الإسلامية من الشهرة فى مصر والعالم الإسلامى والعربى بحيث يصعب التدليس والدس فى تاريخها ومواقفها، وقادة الجماعة وعلماؤها معروفون جيداً، وهم أشهر من النار على العلم: الشيخ كرم زهدى والدكتور ناجح إبراهيم والشيخ أسامة حافظ والشيخ عصام دربالة والشيخ عاصم عبد الماجد والشيخ على الشريف والشيخ حمدى عبد الرحمن، وليس نهرو ولا حتى المهاتما غاندى.
بوذا نبى والبوذية والهندوسية ديانات سماوية
موقع الجماعة الإسلامية يهاجم اليوم السابع
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة