المترجمة هالة صلاح الدين آخر كتبها المترجمة "أملى فى السلام" للسيدة جيهان السادات. بدايتها الحقيقية كانت مع ترجمة رواية كازو إيشيجورو "فنان من العالم الطليق" والتى نشرتها دار "أزمنة" الأردنية عام 2006.. تعرّف نفسها بأنها شابة "طنطاوية" تعشق ترجمة الأدب الأمريكى، وعثرت على ضالتها فى تأسيس مجلة "البوتقة" الإلكترونية عام 2006 والتى تقوم فيها بممارسة كل الأدوار، بداية من الممول ورئيس التحرير، مروراً بمسئول العلاقات العامة والمحرر والمسئول الإلكترونى ومسئول التوزيع... فهى صاحبة أول مجلة إلكترونية غير ربحية فى مصر وربما العالم العربى تعنى بالحصول على حقوق الترجمة والنشر من المؤلف... بلغة الأرقام أصدرت حتى الآن 21 عدداً من البوتقة، تضم 44 قصة قصيرة من أفضل ما أنتجته المكتبة الأمريكية مؤخراً وغير مترجمة لأية لغة أخرى، وقدمت للقارئ العربى 40 قاصاً أمريكياً يعبرون عن المجتمع الأمريكى بكل تنوعه العرقى والدينى والفكرى.. وتقول إن ما يعنيها فى كل ذلك هو "هذا الإنسان الذى لا ينتمى إلى بقعة من بقاع الأرض، من يَعدم الشعور بالانتماء"، وترد على من يصفها بأنها "مهووسة ترجمة" بالموافقة، ثم تدعوه لـ"بوتقتها" بلا تردد.. إنها هالة صلاح الدين التى إذا لم تكن قد وصلتك منها بعد على بريدك الإلكترونى نسخة من مجلتها الدورية، فتأكد أنها ستصلك يوماً ما.
التقى اليوم السابع بالمترجمة هالة صلاح الدين وكان معها هذا الحوار..
برأيك لماذا نترجم؟
لا إجابة مثالية على مثل تلك الأسئلة الوجودية, علّنا نترجم لنفهم الآخر, لنفهم أنفسنا, لنتقرب منه, لنثرى اللغة بحياة معاصرة غربية لا تعرف العربية ولا تعرفها العربية, لنثبت أن لغتنا بمقدورها الاحتواء والتكيف, لنتسلى, لنصدر الأحكام. أما أنا, فبودى أن يرى الآخرون العالم بعينىّ, أن أشاركهم الجمال, أن أسعد بسعادة الآخرين.
كم ساعة تقضيها هالة فى الترجمة يومياً؟
"كثيييييييير." يستغرق عمل البوتقة طوال ساعات يقظتى, الترجمة نفسها تنتهى عند السادسة أو السابعة عندما تنشل قدرتى على التفكير وحل المعضلات. يتوزع بقية اليوم بين مطالعة القصص باللغة الإنجليزية والاطلاع على المقالات النقدية وتجميع سير المؤلفين ومراسلة دور النشر ومتابعة حالة الموقع التكنولوجية أو تعلم المزيد من لغة php.
من أين جاءتك "البوتقة"؟
بدأت البوتقة بمقال قصير فى جريدة الأهرام للدكتور يوسف زيدان عن سهولة النشر الإلكترونى ورحابته، وكنت وقتها قد ترجمت عدة قصص من الأدب الأمريكى ولم أوفق فى نشرها بسبب الطول النسبى للقصة الأمريكية المعاصرة، وكان الرد يأتينى عادة "للأسف القصص طويلة". لكن حين قرأت المقال شعرت أننى أخيراً عثرت على الطريق، ومن هنا ولدت البوتقة.
ماذا يعنى لك اسم "البوتقة"؟
"البوتقة" هو اسم يطلق على الإناء الذى كان القدماء يمزجون فيه المعادن، وبخاصة النفيسة منها فى درجة حرارة عالية لا تختلف فى حدتها وإلحاحها برأيى عن المنتج الإبداعى. امتزاج الحضارات واللغات يحتاج إلى "بوتقة".
إذاً البوتقة هى مكانك الخاص لإطلاع الآخرين على ما تنتقيه من تراجم؟
عادة لا أترجم سوى ما أحب، وما أشعر تجاهه بالارتياح، لكن فى إطار مشروعى لترجمة الأدب الأمريكى المعاصر إلى العربية، فحركة الترجمة لدينا تتجاهله عن قصد أو عن غفلة.
لكنك تميلين أكثر لترجمة "قصة قصيرة"؟
أنا أصدر مجلة دورية كل 3 شهور، ولا يسعنى ترجمة رواية خلال هذه الفترة الوجيزة. كما أن ترجمة قصيدة متوسطة الصعوبة ترجمة جيدة بمثابة "معجزة"، وقد أتمكن من العمل مع مسرحيات قصيرة إذا توافرت نصوص جيدة. وعموماً باب المساهمات مفتوح.
كم عدد أصدرتِ من البوتقة حتى الآن؟
المشروع بدأ فى يناير 2006, ونشرت أول عدد من أعداد المجلة فى أبريل 2006 بعد أن أمضيت أربعة شهور فى المذاكرة وتعلم إنشاء المواقع وصيانتها. أخفقت كثيراً ونجحت قليلاً، لكننى أسست فى النهاية موقعاً بسيطاً خليقاً بجو الكتب والإبداع، واحتفلت الشهر الماضى بمرور ثلاثة أعوام على تأسيس المجلة وصدور العدد 21.
وهل تتوقعين أن يُقبل مترجمون آخرون على المساهمة تطوعاً؟
البوتقة مشروعى الخاص، ولا أمانع من الاستثمار فيه، أتمنى فقط ألا أفلس قبل أن أحقق كل ما أريد! وعموماً لم يحالفنى الحظ فيما يخص المساهمات، ربما بسبب شروط المجلة، "أدب جيد مترجم عن الإنجليزية لم ينشر من قبل" وربما لم أصل بعد إلى شريحة كافية من المترجمين، لكن ما يهمنى حقاً هو أنها تصل للقراء.
هل لديك تصورات عن عدد قراء البوتقة؟
أعترف أنى بدأت بألف بريد إلكترونى من صديق صحفى. أما الآن فالأعداد تصل دورياً إلى ما يزيد قليلاً على عشر آلاف بريد إلكترونى.
ألم تفكرى فى بيع نسخ البوتقة الإلكترونية؟
"فكرت" وأعلنت عن هذا بالفعل مع العدد 11 من البوتقة لكننى غيرت رأيى وأتحت القصص مرة أخرى لجميع القراء وألغيت رابط الاشتراكات بعد عشرين يوماً من إصدار الإعلان. "وجدتها فكرة غبية أن أضع شرطاً كهذا على قراء ساندونى ودعموا خطواتى" خصوصاً وأن البوتقة تحصل على حقوق النشر من مؤلفى القصص على أساس أنها دورية غير ربحية وهذا مثبت بالفعل فى عقودى مع الوكلاء الأدبيين.
ماذا عن تحويل المجلة إلى مطبوعة ربحية أو غير ربحية؟
لا، فمشاكل الطباعة لا عدد لها ولا حصر, أهمها الرقابة. ولن أمتنع أبداً عن نشر قصة لمجرد أن يد الرقيب سوف تتدخل. البوتقة مجلة ليبرالية, لا تستهدف عرقاً أو جنساً أو ديناً. مثلاً تضم بعض النصوص عبارات بذيئة لن يرحمها مقص الرقيب، على حين تتناول بعض النصوص قضايا شائكة كالشذوذ الجنسى. وعلى أن المشاهد الجنسية لا تحتل مكاناً بارزاً فى المجلة، إلا أنها لا تتورع عن تسمية الأشياء بأسمائها. "لو قصد المؤلف بذاءة, هل أعمل أنا على تهذيب النص؟!" كذلك تدور العديد من النصوص فى أجواء يهودية. ثم إن الطباعة محدودة بدائرة توزيع, أما الإنترنت فرحب فسيح.
كيف تتابعين ما تنتجه المكتبة الأمريكية من أدب؟
أتابع مجلات مثل "ذا نيو يوركر" و"بلاوشيرز" و"ذا أتلانتيك مانثلى" و"هاربرز ماجازين" و"زويتروب-أول ستورى" و"ستورى كورتيرلى" و"ييل ريفيو" و"تِن هاوس" وهى والكثير غيرها تتيح للقارئ الاطلاع على نصوص كاملة من أعدادها على الإنترنت. وهذا الكنز جمعته على رابط فى موقع يضم أهم المجلات الورقية والإلكترونية الصادرة فى العالم أجمع باللغة الإنجليزية.
متى تقرر هالة أن هذا النص "سأترجمه"؟
لابد للنص أن يكون "مدهشاً" يرسم علامات استفهام أكثر من تقديم أجوبة. وثمة شىء فى ذائقتى ينحاز إلى النصوص الإنسانية. قصتى قد يتماهى معها ساكن الهند وساكن اليمن, صاحب البشرة البيضاء وصاحب البشرة السوداء. ونادراً ما اسقط فى براثن الأجواء الأمريكية الصرفة إلا ربما بهدف التجريب. لكننى بالأساس منحازة إلى حكايات المستضعفين, المهمشين, الغرباء, المنبوذين, ومَن لا ينتمون إلى بقعة من بقاع الأرض، ومَن يعدمون الشعور بالانتماء. وأنا أقرأ 6 قصص لأختار واحدة، وعليه فقد نشرت البوتقة 44 نصاً من أجمل ما أنتجته المطابع الأمريكية المعاصرة.
ما انطباعات القراء على نصوص البوتقة؟
تطبع ردود الأفعال على شفتى الابتسام طيلة النهار من كل يوم تقريباً. قائمتى البريدية تتزايد ورسائل الامتنان تتزايد. يُقدر القراء المجهود ونبرة الاختلاف, ليس فقط لأن المجلة مجانية ولكن لأنها مميزة, وهى فى النهاية نافذة متكاملة لا بديل عنها تطل على القصص الأمريكى المعاصر. البوتقة لها قراء.. نعم, الرسالة تصل, لا علم لى. وهل يجب أن تصل إلى الجميع, ليس بالضرورة.
الحصول على حقوق النشر والترجمة من المؤلفين فكرة ليست الأكثر رواجاً فى العالم العربى، وخاصة فى مجال الترجمة؟
صحيح لكنها ضرورية جداً، خاصة فى وقتنا الحالى، حيث الكلام عن حقوق الملكية الفكرية للأدباء والكتاب "أولوية". ثم إن التواصل مع المؤلفين من أجل الحصول على حق النشر يحقق رغبتى العميقة فى نقل إعجابى وتقديرى البالغ إلى هؤلاء المؤلفين, "أكثر من رغبتى فى الحفاظ على حقوقهم".
كيف يتلقى المؤلفون الأمريكان فكرة أن شابة مصرية ترغب فى ترجمة نصوصهم لصالح إصدار إلكترونى غير ربحى؟
ردود أفعالهم تتسم بالبساطة وسعة الصدر والرغبة فى التعاون. ربما لأنهم غير واعين لمحدودية القائمين على الموقع. فعلى الرغم أنى كنت صريحة غاية الصراحة فى تقديم نفسى وتقديم الموقع, لكن تخمينى أنهم يتوقعون على الأقل مقراً للمجلة أو حتى سكرتيرة!!
هل تواجهين صعوبات مع المؤلفين، مثلاً هل يفرض الكتّاب شروطاً معينة لإتاحة إبداعاتهم؟
التعامل مع دور النشر والوكالات الأدبية عسير نسبياً. لكننى وبشىء من الإعجاز لم أخفق سوى مرة واحدة فى نيل حق النشر لقصة "فك الرهن" لشيرمان أليكسى، كاشفتننى وكيلته أنهم لا يصادقون على النشر الإلكترونى مطلقاً. "وودى آلان" مثلاً طلب الحق فى امتلاك النص العربى لقصته ووافقت. والكاتبة اليهودية "ريتشل كاديش" كاتبة قصة "الجدال" وكنت قد ترجمت القصة قبل أن أبدأ فى الحصول على حقوق النشر من المؤلفين، استشارت صديقاً عربياً فى الترجمة وكان هناك لبس حول كلمة "المحافظة"، حيث وجد الصديق أنها تنطوى على معنى سياسى ورجتنى المؤلفة على ضوء سوء الفهم المشتعل بين العرب واليهود وعلى خلفية أحداث غزة، أن أراجع الكلمة, وخيرتنى بين التمسك بها أو إضافة كلمتى "على التقاليد"، وقد تم لها ما أرادت وأضفت الكلمتين. وإجمالاً تمت الموافقة على نشر 40 قصة حتى الآن، وجارٍ التفاوض بخصوص البقية الباقية.
أى الأدباء أقرب إلى نفسك؟
لو المسألة مسألة رياضيات, قد نحدد "لويز إردريك" و"آدم هاسليت" و"إدوارد بى. جونز" و"دان شون" و"آمى بلوم" و"مارى يوكارى ووترز" وترجمت قصتين لكل منهم. كما أنى دائمة الإعجاب بكل كلمة يكتبها "دان شون" و"آدم هاسليت" وأطمح فى ترجمة قصة ثالثة لكل منهما، لكن "لا عين لى" لطلب موافقة أخرى بعد كرمهم الزائد معى.
هل تعرضتِ للنقد بسبب نص منشور فى البوتقة؟
يستفسر الكثيرون عن السر وراء وجود العديد من المؤلفين اليهود فى المجلة، ربما ارتياباً من وجود تمويل خفى. بعض القراء أدمجوا فى تساؤلاتهم "آرثر ميلر" و"روث برافِر جابفالا" و"آمى بلوم" و"ليونارد مايكلز" على الرغم أن هؤلاء الكُتاب لم يُعبروا عن الإرث الثقافى اليهودى فى القصص المترجمة بالبوتقة أو مجمل أعمالهم. وجوابى أن البوتقة لا تنقب عن أديان المؤلفين أو ألوانهم, وقد جاء اكتشافى أن آمى بلوم يهودية بالصدفة وأن برسيفال إفيريت مثلاً أمريكى من أصل أفريقى بالصدفة. لكن عدد الأقلام اليهودية يزيد على غيرها فى الساحة الأدبية الأمريكية. وبشكل عام قوبل إنتاج البوتقة بمنتهى الاحترام من جهور النقاد والصحفيين الذين يراسلون المجلة.
وما الذى حققه الأدباء العرب الذين يكتبون بالإنجليزية فى رأيك؟
لم تشهد الحركة الثقافية الأمريكية تغييراً ملحوظاً من جراء إبداعاتهم "لو فى تلك الجملة إجابة شافية على سؤالك. لست جهاز إحصاء، لكننى لم أقرأ قصة واحدة على مدى 4 سنوات بقلم عربى فى المطبوعات التى صادفتها. علها صدفة. على العموم, عدد هؤلاء الأدباء قليل, وليس من المتوقع أن يصنعوا طفرة. ومقارنة مثلاً بالأمريكيين من أصل آسيوى مثل "ها جين" و"مارى يوكارى ووترز" و"آمى تان" و"جومبا لاهيرى" لم أجد أى تأثير لعرب يكتبون بالإنجليزية.
ما هى أبرز الهموم الحياتية المعاصرة للأدباء بالإنجليزية؟
الكثير منهم يساوره القلق من دفع قيمة الفواتير وتغيير السيارة لأن السيارة القديمة لم تعد صالحة للأولاد. الحقيقة أنى قد ألفيت من خلال تعاملاتى مع كُتاب البوتقة أن أغلبهم ناس عاديون بل أقل من العاديين بكثير. لا تختلف همومهم عن هموم المواطن الأمريكى العادى. لقد هبط الأدب من برجه العالى هناك منذ زمن.
وهل لديهم صراع أجيال ومدارس أدبية مثل الجارى لدينا؟
البحث جار على قدم وساق للعثور على تكنيكات وأساليب مختلفة فى طرح النص. ثمة هوس قائم بالتكنيك وكيفية تقديم الحبكة. أما كلمة "صراع" فغير واردة فى القاموس الأدبى الأمريكى.
هل هناك فى الغرب مصطلح شبيه بما يعرف بالأدب النسائى؟
يُطلق بالفعل النقاد الأمريكيون عبارة "الأدب النسائى" على النصوص ذات المنحى الثورى المدافع عن حقوق المرأة. لكن التسمية فى مغزاها وأهدافها مختلفة عن الأدب النسائى فى الوطن العربى. وبشكل عام, يستنكر النقاد الأمريكيون تلك التسميات, الأدب النسائى, اليهودى, أو أية علاقة جندرية أو عنصرية أو دينية قد تصف الأدب.
هل هناك وجود لشخصية "العربى" فى الأدب الامريكى؟
اتجه بعض الأدباء الأمريكيين مؤخراً إلى معالجة الحرب على العراق فى قصصهم مثل "بنجِمين بيرسى" وقصته منشورة فى العدد الأخير من البوتقة، و"وتوبياس ووف". لكننى إجمالاً لم أجد بها صورة ملموسة لشخصية العربى, لا سلبية ولا إيجابية. وعموماً يعاب على الأدب الأمريكى نزعته الأمريكية المفرطة وتمحوره المبالغ فيه أحياناً حول أسلوب الحياة الأمريكى. قرأت مؤخراً مقالة لأحد النقاد تجاهر بأن 40% من الأدب الأمريكى "أدب ضواحٍ" أى يدور فى أجواء حياتية ضيقة محدودة. لا عجب إذن أن شخصية العربى غائبة فى ثنايا الأدب الأمريكى.
كيف يرى المثقفون هناك المشهد الثقافى العربى؟
لا يرونه، فعدا نجيب محفوظ وما تتكرم دار نشر الجامعة الأمريكية من ترجمته إلى الإنجليزية, لا مجال للاطلاع على الأدب المصرى. وانطباعى أن القارئ الأمريكى لا يعبأ كثيراً بمتابعة الأدب العربى, ولا حتى بعد 11 سبتمبر. وأظن الدنيا توقفت بهم عند محفوظ.
كيف تنظرين لواقع النشر فى العالم العربى بالمقارنة بأمريكا مثلاً؟
يكفى أن أشير إلى أن كل ولاية من الولايات الأمريكية تقريباً تنشر مجلة أدبية باسمها. ومن غير الطبيعى أن تخلو جامعة أو كلية من كليات الإنسانيات من مجلة أدبية، كما تصدر المدن الصغيرة والأحياء مجلات أدبية. وتتراوح اهتمامات المجلات من الأدب الكلاسيكى القديم إلى الحشرات والحيوانات والسحر والخوارق غير الطبيعية! وبدون الإيحاء إلى القارئ بأن كلها درر أدبية, يسعنى أن أؤكد أنها حراك يفرز العديد من النصوص المبدعة التى قد يجد القارئ بعضها فى البوتقة. فربة البيت الأمريكية تقرأ كتباً عن الطهو تتضمن خرائط تفصيلية ملونة متخمة بخطوط الطول والعرض وتاريخ الوجبات وأصول التوابل وحركة انتشارها من قارة إلى قارة والعلاقة التبادلية يبن المطبخ والثقافة.
ما الصعوبات التى تواجه هالة صلاح الدين فى إصدار البوتقة؟
صعوبات تكنولوجية بما أنى غير متخصصة بالطبع. صعوبات مادية بما أنى الممول الوحيد للموقع وأقضى كل ساعات يومى فى انتقاء النصوص والترجمة ومراسلة دور النشر الأجنبية. أواجه أيضاً صعوبة فى العثور على مترجمين أكفاء يتولون بجدارة نقل النصوص إلى العربية. المثير أن أغلب مَن يتقنون العربية حديثو العهد بالثقافة الغربية, ومَن يتقنون الإنجليزية ويلمون بثقافتها, لغتهم العربية ركيكة. بل إنى أظن أن مع توافر تمويل بملايين الجنيهات سوف تظل تلك المشكلة قائمة.
ما الذى تحلم به هالة صلاح الدين، على المستوى الشخصى وعلى مستوى المترجم؟
لا أتمنى سوى استمرار المجلة, فمع عدم وجود دعم مادى خارجى, ومع ما انتهجته مؤخراً من الحصول على موافقات الترجمة والنشر, أضفت عبئاً إلى أعبائى القائمة بالفعل.
ما الذى تحققه البوتقة لهالة لصلاح الدين؟
أنقذت حياتى. جعلتنى أتوهم للحظات معدودة أنى أصنع شيئاً. فدون الإحساس بجدوى ما تصنعينه, وخاصة مع استثمار الكثير من الوقت والجهد والمال, لا يمكنك الاستمرار. أفخر بأنى قدمت للقارئ العربى ما يربو على أربعين اسماً من الأسماء اللامعة فى المشهد الثقافى الأمريكى, لا تعبيراً عن تلك القارة وحدها, بل تعبيراً عن اليابانى والهندى والصينى والبوسنى وهؤلاء القادمين من هاييتى وهاواى وأيرلندا وإنجلترا، لتسلط أعمالهم الضوء على أوطان خلفوها بحثاً عن حياة أخرى قد لا تكون أفضل، أو أسوأ وأحياناً ما يجهلون هم أنفسهم الهدف. ومعظم قصص البوتقة لم تظهر بعد باللغات الأوروبية والآسيوية، والقارئ العربى محظوظ بأنه أول المطلعين عليها بعد لغتها الأم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة