محمد حمدى

نعم لحزب الوسط

الخميس، 21 مايو 2009 01:34 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عرفت المهندس أبو العلا ماضى منذ انتخابه فى عضوية مجلس نقابة المهندسين مطلع تسعينيات القرن الماضى، حيث كان ناشطا فى جماعة "الإخوان المسلمين"، لكن الخلاف فى التوجهات السياسية لم يمنع الاحترام القائم بيننا على أساس قبول الرأى الآخر، وهذا أهم ما ميز أبو العلا ماضى وجعله قادرا على مراجعة أفكاره بشكل دائم، مما أكسبه احترام الكثيرين.

وفى عام 1996 تقدم أبو العلا ماضى بأوراق تأسيس "حزب الوسط" لأول مرة، ولقى هجوما عنيفا، وكان الحزب الوحيد الذى تعرض لهجوم مزدوج من الإخوان الذين ضغطوا على أعضاء الحزب لسحب توكيلاتهم، ومن الحكومة التى رفضت تأسيس الحزب مشككة فى انتماء أعضائه للإخوان المسلمين.

ومنذ 13 عاما لم ييأس أبو العلا ومن معه بعد خروجهم من الإخوان، وتقدموا بأوراق تأسيس حزبهم أربع مرات، كان آخرها قبل أيام، فى إصرار يحسدون عليه لنيل شرعية العمل السياسى، وهذا حقهم، لأنه من حق أى تيار سياسى فى هذا البلد تأسيس حزب وممارسة العمل العام طالما ارتضى العمل وفق القانون والدستور.

وفى المحاولات الأربع التى تقدم بها مؤسسو الوسط لنيل رضاء لجنة الأحزاب، كنا أمام برنامج متميز، تنطبق عليه شروط تأسيس الأحزاب السياسية، ولا يقوم على أسس طائفية لأنه يضم أقباطا ومسلمين ورجال ونساء، ولم يصنف أصحابه أنفسهم فى يوم من الأيام باعتبارهم حزبا دينيا.

وأعتقد أن الحياة السياسية فى مصر خسرت كثيرا طوال الأعوام الثلاثة عشرة الماضية برفض تأسيس حزب الوسط، لأننا بهذا الرفض، حجبنا الشرعية عن تيار كبير داخل الشارع المصرى، لا يمكن وصفه بالتيار الدينى، وإن كان للمؤسسين خلفية دينية، لكنهم استفادوا من هذه الخلفية فى وضع مشروع حزب سياسى حضارى يتناسب إلى حد كبير والطبيعة المصرية.

وإذا كانت المحاولة الرابعة لتأسيس الوسط تحسب لمؤسسيه، وتدعو لاحترامهم على هذا الإصرار الكبير، فإن الكرة قد أصبحت الآن فى ملعب لجنة الأحزاب، وعليها التحلى بنظرة شاملة للأمور، والتخلى عن ضيق الأفق، فوجود تيار سياسى له خلفية دينية من شأنه إثراء الحياة السياسية، وفتح الباب أمام تيار واسع من الشباب المصرى لممارسة العمل العام، لكنه لا يجد فى الأحزاب القائمة من يعبر عنه تعبيرا دقيقا وأمينا.

الديمقراطية الحقيقية تقتضى مشاركة الجميع، لكن استثناء أى تيار مهما كان كبيرا أو صغيرا من المشاركة السياسية، يغلق باب الأمل أمام البعض، ويفتح الباب للتيارات غير الشرعية، إما للتسلل للحياة السياسية دون أن تنطبق عليها شروط الممارسة السياسية وتبعاتها، أو إلى المزيد من العمل السرى الذى لا يجرى فى النور، وغالبا ما ينتهى إلى إنفلات وأعمال عنف عانت مصر منها فى أكثر من مرحلة.
لست مع التوجهات الفكرية لحزب الوسط، ولن انضم إليه، لكننى أدافع بكل ما أوتيت من قوة عن حق الوسط فى الوجود والشرعية وممارسة العمل العام، وإذا كنا نسمح لأحزاب لا تمثل أحدا بالتواجد على الخارطة السياسية، فإنه من باب أولى السماح للتيارات الموجودة فى الشارع بممارسة العمل العام.

لن يحسب لأى نظام حكم أنه سمح لنحو أربعة وعشرين حزبا بالوجود، لكن يحسب عليه أنه منع التيارات الأساسية من الانخراط فى العملية السياسية، وفى اعتقادى المتواضع أن الإصرار على استبعاد تلك التيارات لا يصب فى مصلحة النظام الحاكم، وإنما يقصر عمره ويجعله هشا وضعيفا، فالديمقراطية الحقيقية هى صمام أمان أى نظام سياسى فى العالم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة