«اليوم السابع» قضت الليل معهم فى مغامرة صحفية داخل صحراء سيناء

البدو الهاربون فى الجبال: تهريب السلاح إلى غزة أشرف من تصدير الغاز لإسرائيل

الخميس، 21 مايو 2009 11:16 م
البدو الهاربون فى الجبال: تهريب السلاح إلى غزة أشرف من تصدير الغاز لإسرائيل أسامة خالد يتحدث إلى مجموعة من المهربين الملثمين فى قلب الصحراء -تصوير- عمرو دياب
قام بالمغامرة الصحفية: أسامة خالد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄«الداخلية» تعتقلنا بـ«الشبه».. وليل الصحراء أهون من التعذيب فى المعتقلات

كانت السيارة الجيب تنطلق بسرعة كبيرة وسط صحراء سيناء، الظلام كان يلف المكان لم أعد أرى شيئاً من زجاج السيارة التى كانت تصعد تبة عالية, فجأة.. تحول ظلام الصحراء إلى نور مصدره عشرات من الزجاجات المزروعة بالشموع وزاد من انتشار النور نار كبيرة أوقدها خمسة من بدو سيناء الذين اتخذوا من هذه التبة بيتاً لهم وملاذاً آمناً من هجمات الشرطة، كان خمسة منهم يجلسون حول النار التى أوقدوها فى حماية مدفع آر بى جى ومدفع آخر سريع الطلقات نصبوهما أعلى التبة التى كانوا سيبيتون ليلتهم عليها.

رحلة وصولى إلى البدو «المتجنيين» أى البدو المحكوم عليهم فى جنايات وهاربون إلى الصحراء سبقتها ثلاثة ساعات كاملة من المفاوضات ليسمحوا لى أن أبيت ليلتى معهم فى الصحراء واستغرقت رحلة الوصول إليهم أكثر من 45 دقيقة فى صحراء سيناء الوعرة، كنا على مسافة أقل من كيلو متر من الحدود مع إسرائيل ومع ذلك كان البدو الخمسة مسلحين بحيث يحمل الجميع أسلحة رشاشة، قرروا أن يضيفونا بدفعة منها فى الهواء وببعض ثمرات الخوخ السيناوى الشهير ترحيباً بنا.

تبلغ أعداد «المتجنيين» فى صحراء سيناء حوالى 3 آلاف بدوى كلهم هاربون من أحكام جنائية وعسكرية ضدهم, تقول الحكومة بموجبها أنهم مهربون ويؤكدون هم أنهم مظلومون، الغريب أن من بين هؤلاء الثلاثة آلاف نسبة تصل إلى حوالى 30 % منهم هارب إلى الصحراء بدون أى أحكام وبلا أى تهمة بل خرجوا إلى الصحراء لمجرد الخوف من تلفيق تهمة والقبض عليه كمشتبه ليجد نفسه بعد ذلك معتقلا لسنوات.

«الصحراء إذن هى الحل والملاذ» هذا ما قاله لى أشرف أكبر الموجودين سنا يبلغ من العمر حوالى 48 سنة تقريباً «كتبت علينا الصحراء نبيت فيها خوفاً من هجمات الشرطة وعنفها ضدنا بلا أى سبب» هذه إذن وجهه نظرهم لكن محافظ شمال سيناء محمد عبد الفضيل شوشة الذى قابلته بعد ذلك أكد لى «هم خارجون على القانون ويسببون مشاكل جمة للأمن المصرى ولن نتسامح مع أى مخطئ فيهم.

«تبدأ ليلة المتجنى فى الصحراء من الساعة 7 مساء وحتى الثامنة صباحاً تقريباً يحمل الشاب منهم مرتبة وغطاء ثقيلاً يحميه من برد الصحراء ويركب سيارته إلى أعلى تبة يتم اختيارها بعناية لتوفر لهم الأمن يشرحون لى» اختيار المكان مهم جداً من حيث تأمينه كل مجموعة تختار مكاناً يبيتون فيه فى الغالب تكون كل مجموعة من 5 إلى 7 أفراد تختار تبة عالية تحكم بها الطريق وتكشف أى قادم إليهم ولو من على بعد كيلو متر المكان العالى يوفر الأمن هذا مع وجود شبه دوريات منهم لتأمين المكان الذى يبيتون فيه، وتختار معظم المجموعات أماكن قريبة من بعضها البعض ويستخدمون الطلقات التحذيرية للإبلاغ عن أى خطر».

سألت أشرف عن حياة المتجنيين.. وكيف تعيشون؟
الليل هو مصدر الخوف الأساسى لنا شوف أصعب شىء ألا يعرف النوم طريقه إلى عينك أن تضطر إلى إبقاء جفونك مفتوحة طوال الليل خوفاً ورعباً لذلك نهرب كلنا إلى الصحراء ليلاً ونعود إلى بيوتنا نهارهاً خوفاً من هجمات الشرطة التى لا تهاجم منازلنا إلا ليلاً.

سألته وفى النهار ماذا تفعلون؟
لا فى النهار الأمور أسهل بكثير فكلنا يذهب إلى منازله ويباشر حياته بشكل عادى فالشرطة لن تتمكن من القبض علينا نهاراً.

لماذا؟
لأنه لن تخرج سيارة من مديرية الأمن دون أن نعرف بها ونعلم مكان توجهها ثم إنه فى قريتنا هناك شباب مهمتهم الأمن والحراسة نهاراً كل دورهم أن يكمنوا على طول الطريق إلى القرى التى نعيش فيها وإذا مرت أى سيارة شرطة نكون على علم تام بها هذا غير مجموعة أخرى تركب موتوسيكلات وتدور طوال الوقت لترصد أى تحرك أياً كان.

إنها حياة الخوف إذن تلك التى تعيشونها؟
طبعا، وماذا نفعل نحن مجنى علينا ونعانى من ظلم الداخلية لنا طوال الوقت هل تعرف أنى لم أخرج من القرية التى أعيش بها منذ عامين وإذا خرجت أعرف أنه سيتم القبض على فوراً سواء فعلت شيئا أو لم أفعل هل تعرف الشرطة تقبض على البدو بالشبه وأن أى بدوى يقف على كمين للشرطة يكون مصيره الاعتقال فوراً ولسنوات طوال.

لكنكم متهمون بتهريب الأسلحة؟
هنا تدخل أحمد وهو شاب صغير فى العقد الثانى من عمرة وقال نعم نهرب السلاح لكن إلى من؟ قل لنا! نحن نهرب السلاح إلى غزة وليس إلى إسرائيل لك أن تغضب إذا كنا نهرب السلاح أو نتعامل بأى شكل مع إسرائيل لكننا نهرب إلى غزة إلى إخواننا المحاصرين هناك على الجانب الآخر، وأضاف سالم الذى لم يتكلم منذ أن جلسنا لماذا تلومون علينا هل لأننا نساعد إخوتنا؟ نعم نحن نهرب السلاح والبنزين والأكل إلى غزة هذا أفضل من أن تقدم الحكومة الغاز لإسرائيل نحن لا نتعامل بأى شكل مع إسرائيل إطلاقاً ولسنا خونة كما يقولون.

سألته لكن هناك جماعات ومنظمات تستغل هذا الحماس منكم فى أنشطة سياسية؟
قالوا نحن نفهم قصدك نحن لا نعمل فى السياسية ولا نفهم فيها وليس لنا أية علاقات سياسية شوف نحن نعيش هنا فى الصحراء على الحدود بلا مياه أو عمل أو وظائف وبلا أى طعام أحيانا كيف نعيش وسط كل هذه الظروف لا نجد غير التهريب لنأكل ويأكل معنا أطفالنا.

وهنا تدخل أشرف الأكبر سناً قائلاً: شوف نحن أكدنا لك أننا نهرب السلاح من أجل إخوتنا لكن لا بد أن تعرف أن عمليات تهريب السلاح متوقفة الآن فهم فى الجانب الآخر لا يريدون منا سلاحاً عندهم منه الكثير لكن الأكثر نشاطاً الآن فى التهريب هو البنزين والجاز ومن بعده كل شىء من الملابس وحتى الأبقار، أحدهم قال أمس فقط أنا أنزلت للنفق حوالى 33 رأساً من الأبقار وأضاف أشرف شوف نحن نريد أن نحيا حياة كريمة لكن كيف؟ ليس أمامنا إلا التهريب أوصلوا لنا الماء ونحن نزرع وإذا كنت تتخيل أن التهريب يدخل مبالغ خرافية أريد أن أخبرك لتر البنزين مكسبه 13 قرشا مع كل المخاطر التى نتعرض لها والظلم الذى نواجهه من الشرطة.

قلت له: يعنى أنت تحاول أن تقول لى أنكم مظلومون؟
قال: هل تعرف هذا الشاب - أشار على أحد الجالسين - اسمه محمود وهو هنا متجنى دون أن يكون عليه أى أحكام أو أى تهمة هو هنا لأنه فقط خائف أخوه عليه حكم بـ15 سنة فى قضية تهريب لا يعرف عنها شيئا وهرب هو لأنه خائف من أن يقبضوا عليه دون أن يكون له أى ذنب، المشكلة أنهم يقبضون علينا بالشبه ويلفقون القضايا لنا بالشبه انظر إذا ضبطت تهريبة يكون متورطا فيها ثلاثة أفراد مثلاً تجد أن القضية معمولة بـ15 فردا الباقى كلهم أبرياء وليس لهم أى ذنب.

سألتهم: لكن ما هى نهاية تلك الحياة؟
قال أشرف: شوف لا أمل لنا فى حياة كريمة نحن جميعاً نعرف أن الموت هو نهايتنا لذلك خلاص مش فارقة معانا، من قبل حاولنا أن نفتح خطا مع الشرطة نحن على أتم الاستعداد لأن نسلم أى شخص خرج على القانون بشرط أن يكون فعلاً ارتكب أى تهمة ولا تكون ملفقة نحن على أتم استعداد لأن نسلم أى مهرب للمخدرات فوراً وليس من ضمن هذه المجموعة أى منهم، نحن ضد المخدرات تماماً ولا نقبل بها ثم إن من يعمل فى المخدرات يعمل مع إسرائيل وهذا مرفوض لكن الشرطة رفضت عرضنا هذا.

قلت له لكنكم أنتم أيضا تقاومون الشرطة خاصة فى الاعتصام الأخير؟
قال: هذه كانت خطيئة لكن تعرف المشكلة أنه لا أحد هنا أصبح يخاف الشرطة، اليأس جعل الجميع على يقين أنهم سيموتون على أيدى الشرطة وطالما أننا سنموت إذن فسوف نقتل أى شخص يقف أمامنا.

لمعلوماتك...
2007 كان اعتصام البدو على سلك الحدود بسبب سوء تعامل الشرطة معهم
13.5 كيلو طول الحدود المصرية مع غزة





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة