كابتن محمد أبو تريكه كان قد تلقى عرضا للاحتراف فى الهلال السعودى بمقابل مالى قيل إنه لايقاوم وحينما رفض أبو تريكه هذا العرض كان أهم خبر تصدر الصفحات الأولى فى جميع الصحف بلا استثناء، بل إن أحد النقاد الرياضيين قال إنه أهم خبر فى صحف هذا اليوم، وأيضا القنوات الفضائية خصصت ساعات لتناول الموضوع من كافة جوانبه، وأهمية أن يقوم النادى الأهلى بتعويض أبو تريكه. فى الوقت نفسه وبدون أى صخب إعلامى، الجراح والعالم الكبير دكتور حسن أبو العينين مدير مركز جراحة المسالك البولية والكلى جامعة المنصورة، تلقى عرضا مغريا لتولى رئاسة قسم جراحة المسالك فى جامعة كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية وهى إحدى أهم جامعات العالم، وكان المقابل المادى لايقاوم ويفوق عرض أبو تريكه.
نص خطاب الجامعة الأمريكية للدكتور حسن يقول إنه يشرفنا أن تقبل العمل معنا لأننا بحثنا فوجدنا أنك أفضل عالم فى هذا التخصص على مستوى العالم، ولكن دكتور حسن رفض العرض قائلا إن المرضى الفقراء فى مصر أهم عنده من أغنياء أمريكا، رغم أن ما يتقاضاه أبو العينين ملاليم مقارنة بما يتقاضاه أبو تريكه.
دكتور أبو العينين ليست له عيادة خاصة وكل وقته لعلاج الفقراء من خلال تفرغه للعمل فى مركز الكلى وهو مؤسسة حكومية تقدم خدمة طبية متميزة بالمجان. وهو حاصل على معظم جوائز الدولة من أكاديمية البحث العلمى ومخترع لجراحة مسجلة باسمه عالميا. وهى تخليق مثانة من الأمعاء بدلا من المثانة المصابة بالسرطان، هذه الجراحة استفاد منها أكثر من 5000 مريض على مستوى العالم، وحينما استضافه التليفزيون المصرى ليتحدث عن هذه العملية أعطاه فقط 9 دقائق، وكان كل العاملين فى البرنامج على عجلة من أمرهم لأن الضيف التالى وصل إلى الأستوديو، وكانت راقصة مشهورة ظلت تتحدث أكثر من ساعة ونصف عن مشوارها الفنى منذ أن هربت من أسرتها وهى صغيرة حتى استطاعت أن تحقق لنفسها مجدا فنيا عريقا من وجهة نظرها.
فى الوقت الذى كان خبر إصابة مطرب شعبى بنزلة برد والعثور على قطعة حشيش فى جيبه يتصدر الصفحات الأولى للصحف واهتمام الفضائيات، نشر على استحياء شديد جدا خبر قيام دكتور حسن أبو العينين بإجراء جراحة دقيقة فى أسبانيا وروسيا ونقلت على الهواء مباشرا للعديد من مستشفيات أوروبا. دولة الجوار العدو الإسرائيلى لديها فن ورياضة ولكن لا نعرف منها أى لاعب أو فنان، بل نعلم جيدا مدى تقدمها فى مجال التعليم والبحث العلمى، هذا بجانب تفوقها فى الإجرام وقتل الأبرياء من الأطفال والنساء.
المسافة مابين اهتمام وسائل الإعلام بعرض كابتن أبوتريكه وعرض د. أبوالعينين هى نفس مسافة اهتمام الدولة بالتعليم والبحث العلمى من ناحية، والفن والرياضة من ناحية أخرى، علما بأن البحث العلمى هو مستقبل البلد وأساس تقدم الأمم والشعوب. مؤكد.. أن إعلام مصر سيكون بخير إذا كان علماء مصر هم نجوم المجتمع.
أحمد إبراهيم يكتب.. عرض "أبوتريكه" وعرض "أبو العينين"
الخميس، 21 مايو 2009 11:08 ص