«مستورة» أربعينية، متدينة، أم لولد وبنت، الولد عمره 13 عامًا فى الصف الأول الإعدادى، والبنت فى السادسة من عمرها فى الصف الأول الابتدائى. بعد ثلاثة شهور من حملها الثالث زاد عليها التعب، فطلب منها دكتور أمراض النساء والتوليد بعض التحليلات التى صدمتها نتيجتها، فقد أخبرتها دكتورة التحاليل بالصاعقة: «مستورة.. أنت مصابة بفيروس الإيدز».
لم تتمالك مستورة نفسها من هول الصدمة، أغشى عليها فاضطرت دكتورة التحاليل إلى طلب الإسعاف، وتم نقلها إلى قسم العلاج النفسى والعصبى مما تسبب فى إجهاضها خلال أيام ورغم صدمتها حمدت الله أنها لم تنجب طفلاً حاملاً للفيروس.
بعدها كانت الكارثة الأكبر، فبدلاً من أن تجد المساندة والحنو من شريك حياتها، فوجئت به يلقى عليها يمين الطلاق، وبعد أن كان هو «الغالى» الذى تدعو له أصبح «البعيد» الذى تدعو عليه.
فعلى الرغم من أنها أم وزوجة صالحة بشهادة كل من يعرفها، فإنه لم يرحمها وكان الشك هو الحل الأول الذى تراقص أمام عينيه وكان دافعه الحازم لقرار الطلاق، على الرغم من كثرة سفرياته للخارج بحجة تكليفه ببعض المهام من قبل شركة الأدوية التى يعمل بها منذ سنوات، مما يعد مبرراً قويًا لشك الزوجة المكلومة به إلا أنها لم تفعل. صدمات مستورة لم تقف عند هذا الحد، وإنما بدأت تتوالى..
رسب ابنها ولأول مرة فى المدرسة، قاطعها الجيران والأصحاب، وحتى والدها اتهمها بأنها صارت عارًا على العائلة وقاطعها دون أن يتيقن من سبب انتقال الفيروس إليها.
مازال سبب إصابة مستورة بالإيدز مجهولاً، فالأسباب المرشحة كثيرة، ربما يكون زوجها قد تعرض لنزوة أثناء إحدى سفرياته نقلت إليهما المرض، أو حقنة ملوثة، أو حتى بسبب أداة ملوثة بدم امرأة أخرى عند الكوافير «أداة بادى كير أو ملقاط حواجب» فالأسباب متعددة ومجهولة، ولكن المجتمع مازال لا يعرف غير سبب واحد، يخل بالشرف والسمعة، ويسقط الإنسان من حسابات الإنسانية، والمستقبل برمته.
تقول مستورة: «ربما أكون أنا قد انتهيت، ولكن ما ذنب أولادى، فالمقاطعة ليست قاصرة علىّ وإنما تجاههم أيضًا، والتجاهل والخشية ليست لى فقط وإنما تجاههم أيضا.. فهل هذا يرضى الله؟!».