«دكان شحاتة».. يبكى على 30 عاماً مضت.. ويترحم على زمن عبدالناصر

الخميس، 21 مايو 2009 10:51 م
«دكان شحاتة».. يبكى على 30 عاماً مضت.. ويترحم على زمن عبدالناصر عمرو عبد الجليل.. أداء رائع وشكل جديد
كتبت علا الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄حميدة أستاذ الأداء الراقى وهيفاء وهبى أفضل من المتوقع وعمرو سعد أثبت نجومية واعدة

فى فيلمه السينمائى الجديد «دكان شحاتة» يقدم خالد يوسف مرثية لمصر فى ثلاثين عاماً مضت، ويدين عصر الانفتاح وما بعده ونلمح طيفا لقصة سيدنا يوسف عليه السلام، وروح المخرج يوسف شاهين فى فيلميه «المهاجر» و«عودة الابن الضال»، وأيضا روح أحمد زكى فى فيلمه «الهروب» تتمثل فى أداء عمرو سعد الذى جاء قريبا جدا من أدائه وانفعالاته ساعدته على ذلك ملامحه القريبة منه.

خالد يوسف ومعه فريق العمل رسموا ملامح لمصر فى الثلاثين عاما الأخيرة والتى شهدت أحداثا خطيرة، وتحولات سياسية فى المنطقة العربية والعالم، حيث يبدأ الفيلم بـ«stock shots» من مانشيتات وعناوين الجرائد فى مشاهد avan tetr أو مشاهد ما قبل تترات البداية يرصد من خلالها موت الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات، واغتيال الشيخ أحمد ياسين، وحصار غزة، وسقوط بغداد، وحادثة عبارة السلام، وحادث قطار الصعيد، وحريق بنى سويف، وانهيار الاتحاد السوفيتى، واعتقالات سبتمبر، واغتيال الرئيس السادات، وحلف اليمين للرئيس مبارك.

وكأنه بهذه العناوين يؤرخ للنكسة التى تشهدها مصر على مدار 30 عاما كما يراها خالد يوسف ومعه المؤلف ناصر عبدالرحمن وفى اللحظة التى يتم فيها اغتيال السادات يولد «شحاتة» ابن المعلم حجاج أحد البسطاء النازحين من الصعيد إلى القاهرة، ويعمل «جناينى» فى فيلا يملكها طبيب مثقف يسارى ناصرى الميول يجسد دوره عبدالعزيز مخيون.

«دكان شحاتة» خاض فى الأيام الماضية معركة حامية مع الرقابة والجهات السيادية العليا ووزارة الداخلية، والذين تحلوا بالشجاعة وعرضوا الفيلم كاملاً، رغم اللقطات السينمائية التى تتحدث عن الانتخابات الرئاسية وما جرى فيها من تجاوزات، فهناك إدانة واضحة لعصر السادات، وتحسر على زمن عبدالناصر، خاصة فى المشهد الذى يقول فيه حجاج لابنه شحاتة: «إعدل صورة الزعيم على الحيطة علشان تدارى الشرخ» فيرد عليه شحاتة: «الشرخ كبير قوى يا بابا وصورة الرئيس مش هتقدر تداريها»، فهنا خالد يوسف مازال يتمسك بحلم القومية العربية ويدين كل ما هو ناتج، عن عصر السادات واتفاقية كامب ديفيد.

السرد السينمائى جاء فى مستويين يتمثل أولهما فى القصة العادية عن الأب وأولاده غير الأشقاء، وشحاتة الابن المقرب إلى قلبه، لأنه على حد تعبيره «من معون مختلف» فزوجته الأولى تركته وهربت، أما والدة شحاتة فماتت وهى تضعه، وهى القصة التى تجعلك تستدعى مباشرة قصة سيدنا يوسف عليه السلام وملمح طفيف لـ «فيلم المهاجر» ليوسف شاهين، وأيضاً فيلم «عودة الابن الضال»، وفيه العائلة التى تحكمها المصالح والخلافات والأشقاء الذين قد يقتلون بعضهم البعض من أجل المال.

المستوى الثانى من السرد يتمثل فيما وراء تلك القصة من أفكار سياسية تؤكد الانهيار الكامل الذى تتجه إليه مصر، سياسياً واجتماعياً من خلال مشاهد ولقطات تظاهرات نادى القضاة، ومشاهد الصراع على رغيف العيش»، وهى المشاهد التى نقلتها كاميرا أيمن أبوالمكارم مدير التصوير بعناية فائقة، ويبدو أن فيها مجهودا كبيرا فى الخطة البصرية للفيلم والدرجات اللونية التى تم استخدامها، خصوصا أن أغلب مشاهد الفيلم تم تصويرها خارجى.

وشهد الفيلم تميزا فى المؤثرات الصوتية المستخدمة والديكور لحامد حمدان، أما بالنسبة للتمثيل فتألق محمود حميدة فى دور حجاج، وجاء أداؤه هادئاً وواثقا من نفسه دون انفعالات زائدة، وأجاد التعبير عن المراحل العمرية المختلفة التى مر بها، وجاء مشهد وفاته مؤثراً إلى أبعد الحدود، أما عمرو سعد فيثبت يوما بعد الآخر أنه ممثل جيد سيكون له شأن كبير، بينما تميز عمرو عبدالجليل بتواجده وحضوره الذى أضفى على الفيلم حالة من السخرية اللاذعة، ويبدو أن خالد يوسف تركه يطلق الإيفيهات براحته التامة مما أضحك المشاهدين ورغم تقديرى الشديد إلى عمرو وموهبته إلا أن هناك مشاهد كانت تحتاج لتحجيم تلك الحالة، وجاء أداء هيفاء وهبى أفضل من المتوقع ولكن أقل من الانفعالات الدرامية للمشاهد والتى تحديدا تعتبر «ماستر سين» فى الفيلم.

كما استخدم خالد يوسف أغانى وأشعار الفيلم التى كتبها جمال بخيت وإبراهيم عبدالفتاح وغناها أحمد سعد، كخلفية للتعليق على الأحداث،- ولكنها كانت أكثر من اللازم وأثقلت كاهل الدراما، كما أنه فى أحيان كثيرة يكون السكوت وتأمل المشهد أبلغ كثيراً من الكلام أو الغناء، كما كانت هناك مشاهد تحتاج إلى تكثيف أكثر، ومنها مشهد خروج شحاتة مع بيسة بعد خطبتهما، ومشاهد العنف فى الشارع، لكن يبدو أن النبرة السياسية فى الفيلم والتى تحاكى الصراخ المكتوم ستجعل الكثير من المشاهدين يتغاضون عن الإطالة فى بعض المشاهد.

النهاية ميلودرامية تتفق مع السواد الذى نعيش فيه، وجاء قتل «شحاتة» على يد أخيه لتؤكد انه لا مكان للبراءة والتسامح فى عصر الرأسمالية المتوحشة التى يدينها الفيلم.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة