احتدام الجدل حول جوائز لجنة الشعر..

طاهر البربرى يرد على عبد المنعم عواد يوسف

الثلاثاء، 19 مايو 2009 10:01 م
طاهر البربرى يرد على عبد المنعم عواد يوسف اتهمه بالقيام بدور الرقيب والمرشد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
احتدم الجدل حول جوائز الشعر بعد ما نشره اليوم السابع من تصريحات الشاعرة نجاة على، حول الجوائز فى لجنة الشعر، والتى وصفتها أنها تمنح للمحاسيب، والقائمون عليها عواجيز، وهو ما اثار حفيظة عبد المنعم عواد يوسف ليرسل رداً إلى نجاة على متهماً إياها بأنها ليست شاعرة أصلاً، والآن يرد طاهر البربرى على عواد ويتهمه بالقيام بدور الرقيب والمرشد.

اليوم السابع ينشر رد طاهر البربرى
لماذا تلعب مآخذنا الشخصية دورًا بالغ الأهمية والخطورة فى مناقشتنا للأمور والقضايا الموضوعية، وخاصةً فى حياتنا الثقافية؟ سؤال يطرح نفسه بقوة كلما أثيرت قضية ما على الساحة الثقافية. المزعج فى الأمر أن يتم تجاوز فكرة الخلط بين الشخصى والموضوعى إلى مساحة أعرض وأكبر بكثير يلعب فيها التعريض دوراًً بذيئًاً فى إدارة تفاصيل أى قضية وتوجيه دفتها.

خلال الأيام الماضية، وبعد فوز الشاعرة نجاة على بجائزة طنجة للشعر فى دورتها الثامنة، تضمن بعض تصريحاتها لصحيفة اليوم السابع بعض الاتهامات الموجهة إلى لجنة الشعر، ولنلاحظ اتهاماتها كانت موجهة إلى لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة. ولجنة الشعر ليست شخصًا بعينه وإنما هى كيان يضم مجموعة من الشعراء والنقاد نتفق أو نختلف حولهم لا يهم؛ فى النهاية تتعامل معهم الحياة الأدبية باعتبارهم كياناً يقوم بمجموعة من المهام سواء ارتضينا مستوى أداء اللجنة لمهامها أو لا؛ لا يهم. أريد أن أخلص لفكرة اللجنة باعتبارها كياناً بغض النظر عن الأشخاص والأسماء. وحينما توجه الشاعرة بعض الاتهامات للجنة فى السياق الموضوعى بشأن أداء هذه اللجنة لمهامها، فليس ثم من معارض فى أن توجيه الاتهام واللوم حق مشروع حتى لو انطوت هذه الاتهامات على مغالطات. كل هذا طبيعى ومشروع. ولا ريب فى أن حق رد اللجنة مكفول ومشروع أيضاً، ولكن فى السياق الموضوعي. أما أن يخرج أحد أعضاء اللجنة، وهو الأستاذ عبد المنعم عواد يوسف بكل هذه القذائف الشخصية الموجهة فى إطار رده على اتهامات الشاعرة نجاة على، فهذا ما لا تقبله أقل المعايير الموضوعية أو الإنسانية، ولا أتطرف إذا قلت والأخلاقية أيضًا.

لقد كان رد عضو اللجنة عبد المنعم عواد يوسف على درجة كبيرة من الابتذال واللاموضوعية، إذ أعلن فى جملٍ صريحة وواضحة أن نجاة على ليست شاعرة أساسًا، واتهم جهات تمنح جائزة فى الشعر بأنها لا تمنح جوائزها إلا للسيدات فقط، وقراءة ما بين السطور على درجة عالية من الخطورة، وقد ذيل عواد يوسف عضو اللجنة رده على الاتهامات الموجهة إلى لجنة الشعر باتهام آخر أكثر خطورة مفاده أن الشاعرة تخرج عن المسلمات الدينية وتستخدم الجنس وغير ذلك من الأكاذيب التى تروج لها الحداثة.

إن الرد بهذه الصيغ المبتذلة العارية من الموضوعية؛ والتى تنحرف باتجاه الشخصى والأخلاقى مباشرةً دون الموضوعى والمنهجى يعتبر تجاوزًا لا يمكن أن يرتضيه الضمير الجمعى، وكذا لا يمكن أن ينعته ـ هذا الضمير الجمعى ـ إلا بالبذاءة. ففى الوقت الذى تخوض فيه مجلة إبداع ورئيس تحريرها أحمد عبد المعطى حجازى ومعه الشاعر حلمى سالم معركة كبيرة ضد هجمة شرسة ضد حرية الإبداع والفكر؛ معركة هى بالأساس ليست معركة حجازى أو حلمى سالم أو مجلة إبداع، وإنما معركة الحياة الثقافية برمتها، ومعركة المثقفين والمبدعين أجمعين يطلع علينا أحد أعضاء لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة المصرى ويتهم شاعرة بخروجها عن المسلمات الدينية واستخدامها للجنس؛ إضافة إلى سابق تجاوزه فى كونها حصلت على جائزة فى الشعر لمجرد أنها سيدة. ما الفرق إذًا بين عضو لجنة الشعر هذا وأعضاء الجماعات الدينية التى استحالت معها وبها حياتنا الثقافية والاجتماعية إلى جهنم حمراء! وليلطف بنا الله.

إن السؤال الذى يطرح نفسه الآن بقوة: هل نعتبر ما أورده عبد المنعم عواد يوسف فى رده على اتهامات الشاعرة هو رد لجنة الشعر وأنه مفوض رسمى بالرد على ما وجهته الشاعرة نجاة على من اتهام أو لوم للجنة الشعر؛ وإذا كان الأمر كذلك ينبغى علينا إذًا أن نوجه لومًا جماعيًا للجنة الشعر لأنها تتبنى هذا المستوى من الابتذال فى إدارتها للمعارك، أو فى ردودها على الاتهامات. ولا أظن أن لجنة الشعر تفعل ذلك، خاصةً وأن الأستاذ الدكتور محمد عبد المطلب كان على أعلى درجة من الموضوعية فى رده على هذه الاتهامات ولم يمسس الشخصى من بعيد أو قريب، وإنما أكد على جدارة نجاة على بلقب شاعرة غير أنه وجه لومًا مشروعًا لكل أبناء جيلها من الشعراء، مؤكدًا أن مواقف هذا الجيل ضد الشعر نفسه إذ لا توجد شعرية تنفى أخرى، وهم ـ يقصد أبناء جيلها من الشعراء والشاعرات ـ يريدون نفى الشعريات السابقة، رغم أن الشعرية هى شعرية التكامل والتراكم لا شعرية الانقطاع. لقد جاء رد الدكتور محمد عبد المطلب طوق نجاة للجنة الشعر إذ إن اعتبار عبد المنعم عواد يوسف متحدثًا رسميًا عن لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة لم يكن ليفضى إلا إلى كارثة ضد هذه اللجنة. إن مجرد التزام الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة الصمت تجاه ما وجهته الشاعرة نجاة على من لوم يعتبر أيضًا موقفًا متريثًا وهادئًا من شاعر كبير يعى جيدًا كيف يصمت ليفكر، ومتى يتكلم وماذا يقول. أما عبد المنعم عواد يوسف الذى انبرى ليوجه قذائفه الطائشة هناك وهناك، فأقول له ليس ما قلت به من الشعر فى شيء، فهو لم يتماس مع المثقفين والشعراء فى شيء بقدر ما انخرط يلعب دور الرقيب والقاضى والناقد؛ كما لم ينس أن يلعب دور المرشد وعضو الجماعة الدينية لا عضو لجنة الشعر.

*كاتب ومترجم مصرى






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة