محمد حمدى

حكومة جديدة

الثلاثاء، 19 مايو 2009 01:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى يوليو 2004 اختير وزير الاتصالات الدكتور أحمد نظيف رئيساً لمجلس الوزراء، وكالعادة لم يعرف الناس أسباب هذا التصعيد السياسى لنظيف من مجرد وزير إلى رئيس حكومة، مما يعنى حسب الدستور أنه أصبح الرجل الرابع فى الدولة بعد رئيس الجمهورية ورئيسى مجلس الشعب والشورى.

ولأننا بلد تعيش على الاجتهادات، وتتغذى على الشائعات، وتفتقد للمعلومات فى معظم الأحيان، فقد ساد انطباع أن اختيار نظيف راجع إلى النمو الكبير فى قطاع الاتصالات الذى يتولاه، بالتزامن مع توجه عام داخل الحزب الوطنى الحاكم، لتجديد دماء الحزب والحكومة بوجوه شابة، وهو ما أطلقت عليه فى وقتها "تشبيب مصر" أى الدفع بوجوه شابة إلى مقاعد القيادة، سواء باختيار نظيف (52 عاماً) رئيساً للحكومة أو دخول وزراء فى نهاية الثلاثينيات وبداية الأربعينات مثل محمود محى الدين وطارق كامل وأنس الفقى.

تقريباً أمضى الدكتور نظيف خمس سنوات إلا شهرين فى منصب رئيس مجلس الوزراء، وخلال السنوات الثلاث الأولى شهدت مصر طفرة اقتصادية كبيرة، أبرز ملامحها ارتفاع معدلات النمو إلى نحو7%، وزيادة معدلات الاستثمار، وتراجع نسب البطالة، وزيادة فرص التشغيل، وربما منح ذلك نظيف وحكومته مبرراً للاستمرار، لكن هذا النجاح الذى حققته المجموعة الاقتصادية لا ينبغى فقط حسابه فى بنك المزايا الحكومية.

والحقيقة أن الازدهار الاقصادى الملحوظ الذى شهدته مصر راجع فى الكثير من أسبابه إلى عوامل خارجية، أكثر منها جهود حكومية، فقد شهدت الأعوام من 2004 إلى 2007، حالة من الانتعاش الاقتصادى العالمى، لم تقتصر على الدول الصناعية الكبرى وإنما امتدت لتشمل معظم الدول النامية المستقرة سياسياً، كما أدى ارتفاع أسعار النفط إلى وفرة مالية عالمية غير مسبوقة فى العالم.

ونتج عن الازدهار الاقتصادى العالمى، حركة استثمارات واسعة، وتحركت رؤوس الأموال للبحث عن استثمارات جديدة، وأرباح فى أى مكان فى العالم، وإذا كانت مصر قد سجلت معدل نمو اقتصادى بلغ 7%، فإن دولاً مجاورة لا تحظى بنفس المزايا المصرية حققت هى الأخرى معدلات نمو مرتفعة، حتى أن السودان الذى يعانى حروباً أهلية طاحنة ارتفع فيه النمو إلى أكثر من 8%.

سنوات النمو لم تستمر، وسرعان ما تعرضت مصر وبقية بلدان العالم فى عام 2008 إلى أزمة غلاء عالمية، وقبل نهاية العام تعرض العالم لأزمة مالية طاحنة جرت ركوداً اقتصادياً وكساداً عاماً، يقول الخبراء إنه لم يحدث منذ عام 1928، وبدا واضحاً خلال الأزمتين أن الحكومة التى بنت ثقافاتها وسياستها على التعامل مع الفوائض المالية العالمية، غير قادرة على التعامل مع الأيام الصعبة، ولا تملك حلولاً مقنعة، وليس لديها القدرة على ابتكار أفكار جديدة، أو اكتشاف أو جذب مصادر تمويل غير تقليدية.

وإذا كانت حكومة الدكتور نظيف قد حققت نمواً معقولاً خلال ثلاث سنوات، فإن اعترافها بأن معدل النمو بدأ فى التراجع إلى حدود 4%، وربما أقل، ومع توالى إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء التى تظهر زيادة شهرية فى معدلات البطالة، فإن كل ذلك يعنى أنها أصبحت مغلولة اليد، وغير قادرة على الفعل، وفقدت مببرات وجودها.

ليس بينى وبين الحكومة ضغينة شخصية، وكما قلت فى مقال سابق، إننى استقبلت اختيار نظيف بتفاؤل، لكنه سرعان ما تبدد، لأن أى حكومة مثل التاجر الشاطر، يملك سلعاً جيدة، أسعارها مقبولة، فيقبل عليها الناس، أو تتحول إلى تاجر خايب، يملك سلعاً قديمة، أسعارها مرتفعة لا يقبل عليها أحد، فيقرر إغلاق تجرته وتغيير نشاطه، أو ينتظر الدائنين حتى يشهرون إفلاسه.

الواقع يقول إن حكومة الدكتور نظيف أفلست، ولم يعد لديها ما تبيعه للمواطنين، ونحن بالتالى لا نجد ما نشتريه منها، وقد آن آوان رحيلها.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة