إلى إخواننا وأخواتنا المسلمين فى منطقة الشرق الأوسط، منبع الحضارات، ومولد كل الديانات السماوية..
أحدثكم هذه الليلة بعد مرور اثنين وثلاثين عاماً على يوم فاصل فى تاريخ حضارتنا البشرية العظيمة..
يوم الخامس من يونيه الذى فرض فيها أبناء هذه الحضارة - الذين جاءوا من مشارق الأرض ومغاربها - السلام على أرضكم التى غابت عنها قـِيمُ حضارتنا مئات السنين، وسادت فيها قيم وحشية سادت فى الأرض المقدسة..
كان هذا اليوم فاصلا فى تاريخ تعايش الحضارتين..
فى هذا اليوم فـُرض السلام بمنطق الحضارة البشرية العظيمة، حيث لم ترق فيه دماؤنا، ولم تجابهنا جيوش ولا شعوب، وفرض فيه الأمر الواقع، وأرجعت الأرض المقدسة لأهلها..
فى هذا اليوم العظيم اندحرت خمسة جيوش عربية منسحبة منكسرة ذليلة كعلامة على الإقرار بأحقية حضارتنا فى قيادة العالم، وعلى حق أبناء هذه الحضارة فى امتلاك الأرض المقدسة التى طـُردوا منها منذ ثمانمائة واثنى عشر عاماً..
جئت إليكم، وجنودنا فى أفغانستان والعراق، وأبناؤنا قد استقر مقامهم فى "إسرائيل"، وقواعدنا العسكرية فى الخليج، وفرقاتنا تجوب بحاركم، ومحيطاتكم شرقاً وغرباً، جنوباً وشمالاً تراقب الهواء كما تراقب الماء، تحاصر الممانـِع، وتفك الحصار عن الصديق..
جئت إليكم وفى يمناى سيف ذاق بأسها مئات الآلاف - بل والملايين - فى العراق وأفغانستان وفلسطين.. وفى يسراى بضعة ملايين من الدولارات اقتطعتها من عوائد آبار نفط الخليج حتى ينعم بها رفقاؤنا، وموالينا فى منطقتكم..
"لاَ تَظُنُّوا أَنِّى جِئْتُ لأُرْسِى سَلاماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُرْسِى سَلاَماً، بَلْ سَيْفاً".. هذا السيف الذى يفرض سلام الأمر الواقع هو الذى أحمله بيمناى، وأحمى به كل من أطاعنا، وسار فى ركابنا، ورضى بالفتات من أحمالنا..
إخوانى وأخواتى المسلمين..
احتفلنا منذ سنين بسيطة خلت فى برشلونة بالذكرى الخمسمائة لخروج حضارتكم نهائياً من أرضنا فى أسبانيا، وسنحتفل فى نهاية هذا القرن بالذكرى الألف للاستيلاء السابق لأجدادنا الصليبيين على المدينة المقدسة "أورشليم"..
فلتعلموا أيها المسلمون - وأنا أتكلم من أرض مصر التى تحركت منها جيوشكم لاغتصاب الأرض المقدسة فى الزمن الغابر - أن التاريخ لن يتكرر، وأن الأمر الواقع قد فرض نفسه، وأن مستقبلكم كله بأيدينا، فأموالكم فى مصارفنا، ونفطكم تحت حراستنا، وأجواؤكم تحت رقابتنا، وأسلحتكم من خردتنا، وحكامكم من صنعنا..
إخوانى وأخواتى المسلمين..
إننى قد جئتكم وأنا أحمل بين يدىّ غصن الزيتون الذى قطعناه فى حيفا ويافا منذ ستين عاماً، وما زال فى أيدينا للعيش فى سلام على أرضكم، ومن خيرات بلادكم..
سلام تحميه قوتنا، وتموله أموالكم، وتروج له أفكار أبنائكم الذين أطعمناهم بأيدينا، وكسوناهم من خزائننا، وأبرزناهم فى وسائل إعلامنا المُمولـَة..
إخوانى وأخواتى المسلمين..
أنتظر منكم الكثير والكثير.. أنتظر منكم أن تلفظوا هؤلاء الذين لا يفهمون لغة العصر الجديد، ولا يسايرون الواقع، ولا يحترمون القوة، ويريدون أن يرجعوا بكم إلى الوراء، وأن يجروكم إلى مصير بائس محتوم..
إنى أنتظر منكم أن تتقدمونا فى قتال هؤلاء المجرمين الذى يريدون أن يؤثروا على علاقتنا الحميمية التى نمت وترعرت على مر السنين المائة الماضية..
إننى أرغب فى أن نتعاون سوياً فى التصدى لهؤلاء الإرهابيين الذين يكدرون صفو قواتنا التى قدمت لحمايتكم، وحماية نفطكم، وحكامكم، كما تقض مضاجع أبنائنا الذين قدموا من أوروبا ليطهروا الأرض المقدسة، وليعلموكم قيم الحضارة البشرية السائدة..
كما أرغب من مفكريكم الذين تربوا على الأفكار التقدمية، وعلى قيم الحضارة المنتصرة فى جامعاتنا، ومراكزنا البحثية أن يشاركونا حصار هؤلاء المتمردين على أفكار حضارتنا البشرية العظيمة التى قدمنا مستلهكاتها لكم ولأبنائكم على طبق من ذهب تعبيراً عن التلاقى، والتآلف بيننا وبينكم ..
أيها الإخوة والأخوات..
إننا اليوم فى مرحلة فاصلة تحتاج إلى تضافركم، وتعاونكم مع الحضارة البشرية المنتصرة، والتى تسود شرق العالم وغربه، وشماله وجنوبه..
إخوانى وأخواتى
إننى لم آتِ إليكم بحرب صليبية جديدة بل جئت إليكم بسلام صليبى جديد..
