د. خميس الهلباوى

القدس.. ومزايدات العرب

الأحد، 17 مايو 2009 10:46 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تقوم إسرائيل بممارسات تمكنها من السيطرة بالكامل على أراضى فلسطين والقدس، منذ وعد بلفور وتعمل على تحقيق أهداف الصهيونية العالمية منذ مئات السنين، وما يساعد الصهيونية العالمية على تحقيق أهدافها، سوء حظ الأمة الإسلامية ولا أقول الأمة العربية، حيث إن الأمة العربية إنما هى جزء صغير الحجم جدا من الأمة الإسلامية التى تعبر عن الديانة الإسلامية التى هى ثالث وختام الديانات السماوية التى أرسلها الله سبحانه وتعالى إلى جميع البشر على سطح الأرض.

وقد قامت إسرائيل "ممثلة للصهيونية العالمية" أخيراً بانتهاكات المقدسات الإسلامية والمسيحية بمدينة القدس‏،‏ وبالتهجير القسرى لأهالى المدينة، ومن المؤسف أن الدول العربية ممثلة فى وزراء خارجيتها اكتفوا كالعادة بإدانة ممارسات إسرائيل،‏ وطالبوا المجتمع الدولى بممارسة أقصى الضغوط لوضع حد للانتهاكات والممارسات الإسرائيلية فى القدس.

والغريب فى الأمر أن أعداد المسلمين أضعاف أضعاف اليهود فى العالم، ومن يتشدقون بأنهم مجاهدون مسلمون حول العالم أضعاف أضعاف الجيش اليهودى نفسه وأضعاف الصهيونية العالمية وهنا يتداعى السؤال الهام، وهو إذا كان الأمر كذلك فلماذا إذن هذا الوضع المخزى للمسلمين فى القدس بالذات؟

هناك عدة أسباب ملموسة لظاهرة انهزام المسلمين فى القدس بالرغم من تعداد المسلمين فى العالم ومنها:

1- تتميز الصهيونية العالمية بحسن التخطيط المركزى الدقيق ومراقبة التنفيذ بدقة، مع تسخير جميع طاقاتهم لتحقيق أهدافهم بشفافية كاملة، بالرغم من الاختلافات الضخمة بين الفصائل الصهيونية ولكنهم فى القضية الدينية يلتزمون التزاما كاملا.

2- عدم وجود تخطيط مركزى للمسلمين ولا أساليب علمية لتنفيذ هذا التخطيط غير الموجود أصلاً، اللهم إلا بعض الشراذم من أدعياء الجهاد الإسلامى وصولا إلى أهداف دنيوية مادية شخصية تخص كل فصيل على حدة، ولا تتمتع بأية شفافية فى سبيل تحقيق أهداف مركزية إسلامية، مما دفع بعض الديانات الأخرى إلى تأييد الحرب ضد الإسلام.

3- الخطب العنترية والحناجر الجهورية العربية الكاذبة، التى تؤجج روح الكفاح ضد الصهيونية باسم الدين الإسلامى، وهى فى واقع الأمر ليست إلا لتجار سياسة احترفوا المتاجرة بمشاعر المسلمين ومشاعر الدول العربية، لتحقيق مكاسب شخصية مادية ليس للقضية الفلسطينية دخل فيها وإنما فى حقيقة الأمر ضد القصية الفلسطينية ولصالح إسرائيل.

4- تأجيج روح الأنانية والطمع والسيطرة الشخصية فى القيادات التى تتحكم فى الفصائل الجهادية والحكومات العربية التى لا تختلف كثيراً عن الفصائل مدعية الجهاد فى عدم الشفافية والأنانية، وهذا التأجيج تشعله وتسكب عليه جميع وسائل التأجيج الدول الاستعمارية التى اخترعت مبدأ استعماريا ما زالت تستعمله ضد القيادات العربية والإسلامية وهو مبدأ "فرق تسد"، ونجحت فى تطبيقه حتى الآن.

5- من وسائل سياسات الغرب دفع بعض الزعماء العرب لاختراع فكرة القومية العربية لتبتعد بهم عن فكرة "القومية الإسلامية" الأكثر منطقية والأكثر خطورة وتدميراً فى المجتمع العالمى للسبب الوارد فى رقم 6.

6- وترتب على إقامة الدول العربية وتقسيم المنطقة العربية إلى دول صغيرة، وسيطرة الدول الغربية عليها بعد الحرب إلى تحكم الاستعمار العالمى فى النظم السياسية التى أقامتها تحت حكم أولياء الدول الاستعمارية من الحكام الذين ينفذون ما يطلب منهم ضد أى تضامن عربى أو كلمة موحدة للعالم العربى.

7- قام ويقوم بعض أدعياء الدفاع عن الإسلام وحماية المسلمين باستخدام الشعارات الإسلامية لإثارة المشاكل واللجوء إلى العنف مع الآخر ليس لسبب إلا للرغبة الملحة فى السيطرة على المجتمع الإسلامى والمجتمع العالمى، مفترضين أنهم ورثة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابه المسلمين عليهم السلام، وإيقاف جميع التنظيمات الإسلامية التى تدعى حرصها على حماية الإسلام، مثل جماعة الإخوان المسلمين المحظورة وغيرها من التنظيمات التى أضرت بالقضية أكثر مما أفادتها.

8- وينشرون العنف بين شباب المسلمين مستغلين الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة فى العالم الإسلامى، ويشكلون جماعات إرهابية وجماعات مسلحة ويعتنقون أفكاراً متشددة لا تمت للإسلام بصلة، ويعيثون فى الأرض الفساد مجندين الشباب المندفع دينياً بدون عقل لارتكاب الأعمال المنافية للإسلام مثل الإرهاب والتدمير والتخريب لإرهاب المجتمع الإسلامى والمجتمع الدولى لإثبات وجودهم "كما يعتقدون" بالرغم من أن أعضاءها أنفسهم لا يطبقون مبادئ الإسلام على أسرهم وأشخاصهم والمقربين منهم.

9- يأتى بعد ذلك دور القوى الخارجية الغربية فى المجتمع الدولى، حيث تسيطر تلك القوى على المجتمع الدولى ومنظماته مثل مجلس الأمن، حيث تملك بعض تلك الدول مثل الولايات المتحدة حق الفيتو الذى يبطل أى قرار دولى يمكن اتخاذه ولا يناسب أهدافها فى مساعدة إسرائيل وتحجيم التيارات الإسلامية والدول العربية التى يمكن أن تخرج عن تعليماتها لها.

إذا كان الأمر كذلك ما هى الحلول الواجب اتخاذها لمواجهة توسعات إسرائيل وإحباط مخططاتها فى الاستيلاء على المزيد من الأراضى الفلسطينية؟
اتضح من تجارب الدول العربية منذ قيام المشكلة الفلسطينية، وتأكد أن توسعات إسرائيل فى الأراضى تتم عادة فى فترات عدم الاستقرار العربى والإسلامى، حيث إن وجود أى صراعات ساخنة فى المنطقة يترتب عليها زيادة القوة للجيش الإسرائيلى، وانعدام ذلك بالنسبة للدول العربية، كما وأن عدم جدية الفصائل الجهادية تثير دول الغرب ضد العالم الإسلامى مما يدفعها لتأييد إسرائيل أكثر.

ولهذا فإننى أرى أن تحدث هدنة طويلة مشروطة بعدم إجراء أى توسعات من جانب إسرائيل، ويتم تشكيل لجنة إسلامية للمحافظة على القدس بالطرق السلمية، وليست إقليمية عربية، على أن يبتعد العرب ويكفونا كفاحا عسكرياً كاذبا أودى بالقدس نفسها حتى الآن..
تدعيم المجتمع الإسلامى والمجتمع العربى للجنة المذكورة وللشعب الفلسطينى متمثلاً فى قوى أخرى ليست من فتح ولا حماس ولا فصائل المزايدة الفلسطينية، فهذه الفصائل تعمل ضد القضية الفلسطينية وليس لصالحها، مع دعمها لمواجهة تحديات سياسية قد تقع فيها مع إسرائيل..
وعندها سيقف العالم مع القضية الفلسطينية حيث يتوارى المزايدون من الفصائل العنترية بالميكروفونات، وتختفى حدة الصراع القوية التى لا تخدم إلا إسرائيل والمزايدين الذين يحققون الأرباح عن طريق حناجرهم، وميكروفوناتهم.

وأخيرا فإن قرار وزراء الخارجية العرب فى ختام اجتماعهم الأخير برئاسة السودان ببدء التحضير لإقامة دعوى أمام محكمة العدل الدولية للنظر فى الانتهاكات الإسرائيلية فى القدس الشرقية، بالرغم من أنه إجراء بطىء للغاية، إلا أنه قرار أقل ما يمكن أن تكون فعاليته أقوى من جميع أبواق الفرق والفصائل التى تدعى الجهاد، المهم الإسراع فى اتخاذ الإجراءات ومتابعتها وتشجيعها من جميع الدول الإسلامية وليس العربية فقط.

وتأكيد الوزراء على أنهم سيعملون على استصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يقضى بتكليف محكمة العدل الدولية للنظر فى هذه الانتهاكات، لابد أن تعد له خطط فورية ولا يوضع فى الأدراج مثل التصريحات الاستهلاكية السابقة.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة