عندما وقفت وقررت النظر إلى حياتى السابقة وكم من المرات قابلت شخصاً مسيحياً وكيف تعاملت معه. وجدت أننى أول مرة أسمع كلمة "ده مسيحى"، حدث ذلك عندما كنت فى المرحلة الابتدائية عندما أتت حصة الدين وقام زميلى سامى بترك الفصل وقتها لم أفهم سر ذلك الفعل.
وكان هذا وأنا فى الصف الثانى الابتدائى ثم مرة أخرى وأنا فى الصف الرابع الابتدائى تعرضت لموقفين، أحدهما أنى كنت أتحدث مع زميلى وجيه وإذا بزميلتى دعاء تنبهنى إلى أنه مسيحى أيضا، لم أفهم.. واكتفيت بالنظر إليها ثم السكوت، والثانى أنه فى شهر رمضان، حيث كنت ألهو وعندما حان موعد أذان المغرب أسرعت بالذهاب للبيت فإذا بى أفاجأ بأن عم إبراهيم حبيب الكهربائى يشرب الشاى، وقتها صرخت بأمى أنه فاطر كيف يفطر وهو كبير وأنا الصغيرة صائمة، وقتها قالت لى أمى هو مسيحى فصمت أيضا دون الفهم، فتلك عادتى حين لا أفهم أصمت ومرت بى السنون ولم أتعرض لموقف يجمعنى بشخص قبطى حتى وصولى للصف الثانى الثانوى حين فوجئت فى درس الأحياء بزميلة لنا تدعى جاكلين عرفت أنها قادمة من دولة الكويت وتنتظر إنهاء بعض الإجراءات للالتحاق بمدرستنا والجميع فى الدرس كان يعاملها بحفاوة وحب باعتبارها شخصا مختلفا ليس فقط فى العقيدة لكن أيضا فى كل شىء، فهى تهتم بنفسها ومظهرها، بينما نحن لسنا كذلك وترتدى كل يوم لبساً مختلفاً عن الآخر وإحنا بالكاد نملك طاقمان لبس لطول العام، هذا طبعا بسبب عمل والدها بالخليج، بينما آباؤنا موظفون حكومة.
عندما أتت جاكلين للمدرسة أذكر أن جميع المدرسين عاملوها معاملة كريمة ولم يضايقها أحد غير بعض التصرفات القليلة جدا الحمقاء من بعض الفتيات، وقامت مدرسة التربية الإسلامية بنهرهن عنها. ثم انتقلت للجامعة وكان سكشنى يحوى العديد من الأقباط فتعاملت معهم كزملاء أحببت فيهم روح المرح والدعابة التى كان جو كليتنا يخلو منها بحكم أنها كلية عملية ولم تنهنى عن ذلك صديقتى فى هذه الفترة بنت أستاذ الجامعة، ولكن حدث شىء بث الرعب فى قلبى.. فقد أتى إلىّ زميل سألنى ما سر علاقتى بهؤلاء الأقباط قلت له إنهم زملاء كغيرهم، قال لى لا نحن مختلفون وصداقتك لهم ستجر عليك كثيرا من المشاكل. لم آخذ كلامه باهتمام باعتبار أنه من شخص قد يكون متعصب حبتين ولم أنهِ علاقتى بهم فأنا مقتنعة أنه ليس هناك شىء خطأ أفعله فلم ينهنا الله عن الذين لم يحاربوننا فى الدين ولكن تكرر الموقف أكثر من مرة زملاء وزميلات يطالبون منى البعد عنهم حتى وصل لمسامعى أن البعض يشككون فى إسلامى، حاشا لله فالحمد لله أنا متدينة منذ صغرى أؤدى جميع فروضى مرتدية الحجاب أحب دينى ورسولى.. أملك الكثير من المعلومات الدينية فأنا محبة للقراءة ومن صغرى أقرأ جميع الكتب الدينية فى مكتبت أبى ولم أجد فيها ما يمنعنى عن زمالة الأقباط، ولكنى هنا قررت الابتعاد كارهة حتى أخرس الألسن وركزت فى دراستى فقط حتى تخرجت وتزوجت وأنجبت ولكن بقى جرح الاتهامات ساكن بقلبى كارهة لما تعرضت له فى كليتى وكرهت التحاقى بها، بل إننى صرت عندما أسمع من شخص يصغرنى أنه على صداقة مع شخص قبطى أقول له حاذر فلن تسلم من النقد.. ولكننى بعد أحداث الفتن الأخيرة وقفت مع نفسى لماذا أنا؟.. تفكيرى فى الآخر هكذا والبعض ليس كذلك فوجدت أنى فى جميع مراحل حياتى السابقة لم أجد ما يؤدى بى لكره الآخر سواء فى البيت أو المدرسة، لم أجد فى المدرسة مدرسة تعامل زميلى المسيحى بعنف ولم أسمع فى البيت كلمة بلاش نجيب إبراهيم الكهربائى يصلح الغسالة لأنه مسيحى وياريت نشوف واحد مسلم.. إذن فإنها التربية من الصغر هى من تفهمنا وتعلمنا كيف نتعامل مع الآخر كيف نتقبله ولا نسىء إليه.. فربنا رب العزة جعلنا شعوبا وقبائل وكان يستطيع أن يجعلنا أمة واحدة، إذن فالاختلاف له هدف يعلمه الله لا أستطيع بعقلى المتواضع أن أصل إليه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة