مسئول منظمة "العمل" بالقاهرة يتهم الصحفيين بتشويه صورة واشنطن.. ويعد بالاستقالة لو ثبت تدخل أمريكا فى الشأن المصرى

السبت، 16 مايو 2009 10:52 ص
مسئول منظمة "العمل" بالقاهرة يتهم الصحفيين بتشويه صورة واشنطن.. ويعد بالاستقالة لو ثبت تدخل أمريكا فى الشأن المصرى مصطفى سعيد خلال حواره لليوم السابع - تصوير سامى وهيب
حاورته شيماء عبد الهادى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وسط مشهد ساخن، معبأ بالاحتجاجات العمالية، أطلقت منظمة العمل الدولية، مشروعها للحوار المجتمعى، بمباركة من وزيرة القوى العاملة والاتحاد العام للنقابات، إلا أن المشروع الممول من الولايات المتحدة الأمريكية بحوالى 2 مليون دولار ونصف اعتبره البعض محاولة للتدخل فى شأن مصر الداخلى، خاصة أنه لم يمثل فارقا فى تطوير سوق العمل، رغم مرور عام على إطلاقه.

مصطفى سعيد، مدير مشروع الحوار الاجتماعى، فى حواره مع اليوم السابع نفى أن يكون للمشروع أى هدف سياسى، وألقى باللوم فى سير المشروع بخطوات غير ملموسة على المصالح المتعارضة لأطراف الإنتاج الثلاث: العمال وأصحاب الأعمال والحكومة.

بعد ما يقرب من عام على بدء مشروع الحوار المجتمعى فى مصر.. ما الذى تحقق من أهدافه؟

الأمر ليس مسألة قرار تأخذه مجموعة من الناس وتلتزم به، فنحن نعمل مع أطراف الإنتاج الثلاثة، العامل وصاحب العمل والدولة، وتستهدف أنشطة هذا البرنامج، بناء قدراتهم وتوحيد نظرتهم إلى الحوار، لأن كل طرف لديه آمال وتوقعات من الحوار تختلف عن الطرف الثانى.

ولو أخذنا الواقع المصرى، فنحن نتكلم عن منظمات للعمال غير متواجدة بشكل فعلى فى كثير من القطاع الخاص، كما أننا نتحدث عن قطاع أصحاب أعمال حديث النشأة لا يوجد لديه تقاليد وتراث الحوار الاجتماعى والتعاون مع الشركاء الاجتماعيين، لذا فموضوعيا نحتاج للوقت.

معنى هذا أن العام الماضى كان كله تمهيدا للحور؟

ليس بالضبط، فهناك إنجازات صغيرة، لكننا لم نصل بعد إلى وضع آليات على مستوى البلد، كهدف نهائى للمشروع، وللوصول إلى ذلك لابد من بناء قدرات الأطراف، وهو ما يحتاج إلى الوقت خاصة وأن ثقافة المجتمع وعاداته، تؤثر فى جزء كبير من الحوار. وإذا كان من السهل، أن يقوم العمال باعتصام أو احتجاج، لأى سبب، فحتما سيحتاج وقتا، ليقتنع بأن هناك أسلوب آخر، هو الحوار، سيحقق له نفس النتائج، لكنه سيحتاج إلى وقت.

ففى شهر فبراير الماضى، تم توقيع برتوكول تعاون بين الاتحاد المحلى لعمال مدينة العاشر من رمضان وجمعية مستثمرى العاشر من رمضان، وتم تشكيل لجنة مشتركة وعمل برنامج لأنشطة تعزز النشاط بين إدارات الشركات ونقابات العمال بالشركات. وفى نفس الوقت تم الاتفاق على ألا يتم فصل أى عامل من العاشر من رمضان بموجب هذا البرتوكول.

وهذا يؤكد الاعتقاد السائد لدى العمال بأن الحوار لن يعدو فكرة للجلوس على مائدة واحدة وإصدار بيانات وفقط..!

على العكس تماما، فاليوم لو أخذنا أدبيات النقابات، سنجد أن كل أشكال الاحتجاج السلمى الهدف منها المفاوضة، والمفاوضة هى أعلى شكل من أشكال الحوار الاجتماعي، والاحتجاج السلمى ناتج عن عدم الاستماع وعدم الإصغاء. وحتى العمال الذين يخرجون فى احتجاج فى الشارع، يكون هدفه هو توصيل صوتهم، إذا مطلوب الجلوس على "تربيزة" واحدة ولكن كيف نجلس، أولا يجب أن نعترف أن كلا منا له مصلحة ويسعى لتحقيقها، ولكن ليس الجلوس على المائدة لمجرد الحوار دون أن نخرج بنتائج.

القيادات النقابية تردد دائما أنها تدعو أصحاب الأعمال للحوار لكنهم لا يستجيبون..!

نحن أمام طبقة أصحاب أعمال حديثة النشأة، عمرهم لا يتجاوز 30 سنة، ولاتوجد لديها تقاليد لعلاقات العمل، وأتفق مع الرأى القائل بأن على أصحاب الأعمال أن يتفهموا أن للعمال الحق فى التنظيم، لأن سبب اعتراض النقابات أن الكثير من أصحاب الأعمال يرفضون إنشاء لجانا نقابية داخل المنشآت، بحجة أنها تساعد على عدم الاستقرار، وهذا مخالف للقانون المصرى، ومخالف للدستور المصرى، وبالتالى ففى إطار عملنا نحن بصدد هذا.

كيف؟ هل ستجبرون أصحاب الأعمال على الاعتراف بحق العمال فى التنظيم؟

منظمة العمل الدولية، ترفع شعار العمل اللائق، وفى رأينا أنه لن يتوفر إلا إذا توفرت أربعة عناصر، هى حق التنظيم ومعايير العمل الأساسية وعدم التمييز والحماية الاجتماعية والحوار الاجتماعى. والمشكلة أن أصحاب الأعمال لا يرون إلا الجانب الاقتصادى من الموضوع، ولا يدركون الجانب الاجتماعى، وانعكاسه الأساسى على الاقتصاد. وهنا نحاول تأسيس الحوار لأننا مع نظرية التهيئة، ومساعدة الشركاء للوصول إلى وضع أفضل.

كيف تعتمدون الدولة طرفا أساسيا فى الحوار الاجتماعى وهى عادة ما تلجأ إلى العنف وليس التفاوض فى فض احتجاجات العمال؟

أى سلطة بالبلد، لديها مجموعة من الهواجس، فلديها هاجس أمنى يتعلق باستقرار البلد، وهذا لا أتحدث عنه، لأنه ليس من اختصاصى. والمشكلة أننا ننتظر وقع المشكلة لنبحث لها عن حل، وهذا ما نحاول تفاديه، فليس بالضرورة أن ننتظر أن تصل حالة الاستياء لدى العمال إلى الدرجة التى يلجئون فيها إلى الاحتجاج، بل نبحث عن آلية لتفادى الصدام.

وما تلك الآلية؟

لدينا مستويان للحوار، الأول على مستوى المصنع أو المنشآت، بوجود آلية للعمال للتعبير عن مشكلاتهم بشكل إيجابى، بحيث نمتص غضبهم، وإذا لم نستطع توفير تلك الآلية، نصعد إلى مستوى القطاع أو المحافظة، لأن نقل المشكلة لا يعنى تجاهلها ولكن التوصل إلى حل، خاصة ونحن نتحدث عن مصالح متعارضة، وليس لدينا آلية أو وصفة جاهزة تناسب الدولة المصرية.

كيف يتحقق هذا والتقارير الصادرة من منظمة العمل الدولية ذاتها تنتقد عدم التزام مصر بما وقعت عليه بخصوص معايير العمل؟

حتى لا نظلم مصر، فليست هى الدولة الوحيدة التى عليها ملاحظات وانتقادات من منظمة العمل الدولية، كذلك فالملاحظات، عددها محدود، وهناك لغط شائع بأن مصر تنتهك معايير العمل الدولية، وهذا غير صحيح، وإن كان هناك ملاحظات، ومنها ملاحظات قديمة لم تتراجع مصر بشأنها.

ما أبرز الملاحظات؟

مثلا الاتفاقية 87 وهى من الاتفاقيات الأساسية فى معايير العمل والخاصة بالتعددية النقابية، وملاحظة المنظمة هنا، هى الفهم الخاطئ لتلك الاتفاقية، حتى من النقابيين، فالكل يعتبر منظمة العمل الدولية تسعى إلى تعددية نقابية والمنظمة لا تسعى إلى تعددية ولا إلى وحدة، لكنها تسعى إلى استقرار اجتماعى وعدالة اجتماعية و اقتصاد منتج. فلابد وأن يكون لدى العمال الحق فى التنظيم، وأيضا يكون لدى أصحاب الأعمال الحق فى تشكيل منظماتهم. وملاحظة المنظمة أن الوحدة النقابية الموجودة فى مصر منصوصة بالقانون، وهو ما يتعارض مع مبدأ الحرية النقابية، وهناك كثير من دول العالم لديهم تنظيم نقابى واحد، ولكن ليس بنص قانون.

إلى أى مدى تكون الاتفاقيات ملزمة للدول الموقعة عليها؟

تلك أيضا نقطة تفهم بشكل خاطئ، فلا يوجد لدى المنظمة آلية إلزام على الدول، ولكن المنظمة تتبع آلية التحاور مع الشركاء الثلاثة فى كل دولة، ثم ترفع تقاريرها إلى منظمة الأمم المتحدة. ولا أشك أبدا، فى نية الحكومة المصرية بشأن تطوير واقع العمل، ولكن الحكومة لا تعمل منفردة، فنحن نتحدث عن أكثر من 20 مليون عامل إلى جانب عدد كبير من أصحاب الأعمال، والمصالح قد لا تتفق.

هل هذا سبب فى جعل نشاط مشروع الحوار غير ملموس؟

هناك واقع تغير بالفعل، وكل معايير العمل موجودة فى التشريعات المصرية، وهناك بعض الملاحظات، ولكن مصر عموما بتشريعاتها بها الكثير من معايير العمل الدولية، قد لاتكون فعالة، ولكن ذلك، ليس دور منظمة العمل الدولية، بل مسئولية القوى الإجتماعية.

وماذا عن الفئات التى لا تجد من يمثلها فى الحوار مثل العمالة المؤقتة والعمالة بأجر؟

منظمة العمل الدولية تهتم بالتشريعات، لكن التطبيق هو مسئولية القوى الاجتماعية، وهناك نظرة خاطئة لدور المنظمات الدولية التى تأتى لتقدم دعمها التقنى للدول بشكل عام، فى إطار المعايير الدولية، وفى نفس الوقت هى تعرض على شركائها المساعدة. وما يحدث بالداخل ليس مسئوليتنا، فلسنا أصحاب العمل ولا نستطيع أن نلعب دور الحكومة.

هل تتلقى المنظمة شكاوى من العمال؟

مع الأسف، فى مصر عدم وضوح بدور المنظمة، وكثيرا ما يأتى إلينا اتصال لشكاوى فردية، وننصحهم بالتوجه إلى اللجنة النقابية أو الاتحاد، فلسنا محكمة عمالية.

ترددت شائعات حول حجم تمويل المشروع والجهة الممولة..!

المشروع ممول من وزارة العمل الأمريكية، لأنها ملتزمة بتمويل قسم إعلان المبادئ بالمنظمة، لمدة عشر سنوات، بميزانية قدرها 2 مليون و400 ألف دولار على ثلاثة سنوات.

تمويل المشروع من الولايات المتحدة يثير تشكك البعض فى أن تكون وسيلة للتدخل السياسى فى مصر..

لو كانت مصر متحدة من الداخل ومتفقة مع كل قوى المجتمع، فلن يستطيع أى ضغط أو تدخل سياسى خارجى أن يؤثر عليها، والمشروع ليس له أية أهداف سياسية، ولا المنظمة من الأساس تقوم بمثل بهذا النشاط. وكونى عربى، فلن أسمح بذلك، ولو حدث لقدمت استقالتى من المشروع. ثم أن أمريكا لا تحتاج مثل هذا المشروع أوغيره، للتدخل فى شئون مصر.
ولا أفهم بعض الصحفيين، الذين يدسون مثل هذا الكلام بلا معنى، ويصورون أمريكا وكأنها شيطان قادم إلى مصر، وهو كلام يضيع فرص وجود مثل تلك المشاريع التى تخدم البلد. ولكن نحن كمجتمع عربى تزعجنا نظرية المؤامرة، ولو فى مؤامرة من الأساس، فهناك ناس وافقوا على هذا المشروع وغيره، وأعتقد أنهم أكثر حرصا على البلد.

كيف تنظر إلى واقع علاقات العمل فى مصر؟

مصر مازالت بحاجة إلى تطوير رؤية مشتركة بين العمال وأصحاب الأعمال والحكومة، وهو ما يسعى إليه مشروع الحوار المجتمعى.

وما رؤيتك للخروج بسوق العمل المصرى من الأزمة الاقتصادية؟

الأزمة لا مدى لها ولا عمق واضح والقراءات الواقعية تقول إن العالم لن يستطيع أن يخرج من الأزمة قبل 5 سنوات على الأقل. والموقف العام للمنظمة، ألا نكتفى بحلول ذات بعد اقتصادى، لكن يجب التأكيد على إيجاد فرص عمل، مع ضرورة ضخ أموال إلى سوق العمل، وتحسين الأسعار لتنشيط السوق المحلى والحفاظ على العمالة مع ضرورة التأكيد على الحوار الاجتماعى فلن نستطيع أن نسيطر على مثل هذا النوع من الأزمات دون اللجوء إلى الحوار الاجتماعى بين الأطراف الثلاثة.

كيف يتحقق ذلك وهناك اتجاه عام من الدولة لعدم التوظيف؟!

هناك رأى عام بأن الدولة هى التى توظف الناس، لكن الدولة تتجه إلى عدم المسئولية وهى تعلن ذلك بوضوح، وإذا كانت الحكومة تقول ذلك صراحة فماذا نفعل نحن؟!






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة